يرى سماحة السيد نصرالله في القطر اللبناني الذي جعله الفرنسيون ذات يوم "كبيراً" بقعة صغيرة لا تُرضي طموحاته الإقليمية وربما الدولية، فهو بدا في خطابه اليوم راضٍ عن وضع لبنان برُمتّه، راضٍ عن الصحابي الجليل فخامة رئيس الجمهورية، حتى أنّه لم يأتِ على ذكره، وبدا مرتاحاً من أداء "الابن الضال" السيد سعد الحريري بعد أوبته إلى بيت الطاعة والمُوادعة، فهو (أي الحريري) لم يعترض على اعتلاء السيد جريصاتي (أحد المدافعين عن مُتّهمين بقتل والده) سُدّة وزارة العدل، أمّا السيد فلن يقف عند ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة في البيان الوزاري، فقد أصبحت وراءنا بحمد الله، والبلد قادم على مرحلة استقرار سياسي وأمني، أمّا الذين لا يتعبون من ادّعاء سعي حزب الله للسيطرة على لبنان فهم واهمون، فأي مكسب (في نظر السيد) في تولّي حكم بلد مديون بأكثر من مئة مليار دولار؟ وفيه هذا الخليط العجيب من الطوائف والمذاهب والأحزاب والمنظمات واللاجئين (فلسطينين وسوريين وعراقيين وأممٍ شتى)، لذا ولأسباب أخرى طبعاً، يطمح السيد إلى لعب أدوار حاسمة في الملعب الإقليمي، كما هو حاصل في سوريا، أدوار ترفع الظلم والعدوان عن اليمن السعيد، والبحرين المظلومة، وربما عن المملكة العربية السعودية التي عانت وتُعاني الأمرّين من حكم آل سعود وعقيدتهم الوهابية، ويطمح السيد أن يكون له تأثير داخل تركيا، هذه الدولة الإسلامية ذات الدور الإقليمي الراجح، (باعتراف إيران نفسها).
إقرأ أيضًا: اتحاد المحامين العرب في دمشق، الخطر الصفوي الداهم
الدولة التي رعت الإرهاب (كما يقول السيد) وسهّلت تمويله بتجارة النفط والآثار، وفتحت حدودها للمقاتلين الأجانب الذين توافدوا إلى شمال سوريا، هذه الدولة المارقة، عليها أن تعود إلى رشدها، بعدما جرّعتها داعش مرارة الهجمات الانتحارية داخل تركيا وفي الشمال السوري. أمّا المهمات الملقاة على الأمة الإسلامية جمعاء فهي التصدّي للفكر الوهابي الذي يُغذّي عقيدة الإرهابيين التكفيريين.
نعم، يا سماحة السيد، الإرهاب المتجلبب بالإسلام هو الذي يتعيّن استئصال شأفته، أمّا استئصال الديكتاتوريات، راعية الإرهاب، فهو المسكوت عنه في خطابكم، لحكمة لا يعلمها سوى سبحانه و تعالى، وهو أحكمُ الحاكمين.
إقرأ أيضًا: معالي الوزيرة عزالدين المُحجّبة..إشكالية الحجاب مُجدّداً