يسيطر الخوف والحذر على الحكومة، فلا تجد الا السرعة في الاجتماع، فأخذت قبل ظهر امس الصورة التذكارية في بعبدا في حضور رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة والوزراء. وعقدت الحكومة الثلاثينية اول اجتماع لها في بعبدا بعد غياب طال سنتين ونصفاً، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، واتفقت على تأليف لجنة لصياغة البيان الوزاري، على ان تعقد هذه اللجنة جلسة مسائية في السراي، برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. 
وهكذا حصل، فبعد اجتماع الحكومة في بعبدا، اجتمعت لجنة صياغة البيان الوزاري في السراي، وحصل نقاش بين وزير القوات اللبنانية ووزراء حزب الله وحركة امل. فالقوات اللبنانية طالبت باعتماد خطاب القسم كنص كامل للبيان الوزاري، فيما طالب وزراء حزب الله والوزير علي حسن خليل، ببعض التعديلات وبروحية وما ورد في البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام، فكتب الملاحظات الرئيس سعد الحريري، ثم سحب مسودّة البيان الوزاري من الوزراء، وتقرر اجتماع ثانٍ اليوم للجنة صياغة البيان على ان يأتي الرئيس سعد الحريري بمسودّة جديدة معدّلة توزع على حكومة الثلاثين وزيرا، ويستكمل البحث في البيان الوزاري. وسيأخذ الرئيس سعد الحريري بملاحظات حزب الله وحركة امل ويعدّل في البيان الوزاري المؤلف من 4 صفحات فقط. 
كما ستعقد اللجنة اجتماعا يوم الجمعة وربما يوم السبت لانهاء البيان الوزاري قبل عيد الميلاد وارساله الى المجلس النيابي، لعقد جلسات الثقة بين عيدي الميلاد ورأس السنة، ونيل الثقة قبل بداية عام 2017.
والبيان الوزاري يسير بين النقاط، بين شعار النأي بالنفس، وبين شعار الشعب والجيش والمقاومة. وسيختار الرئيس سعد الحريري مع لجنة صياغة البيان الوزاري معادلة وسطية جديدة تعتمد على خطاب القسم وعلى البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام، وعلى بعض الملاحظات من حركة امل وحزب الله. هذا بالاضافة الى اعتماد فقرة من خطاب القسم للعماد عون في موضوع الارهاب وتنص «التعامل مع الارهاب يجب ان يكون استباقياً وردعياً وتصدياً حتى القضاء عليه».
وسيشبه البيان الوزاري خطاب القسم الى حد كبير، مع بعض التعديلات، بنسبة 30 في المئة. 
وتبدو الحكومة تسير بخوف من الفشل وهي اذ تسرع في اعداد البيان الوزاري وتلبية طلب الرئيس نبيه بري بالإسراع وارسال البيان الوزاري الى المجلس النيابي ليدعو الى عقد جلسات الثقة، فان مصادر المجلس النيابي ترجح ان تنعقد جلسات الثقة بين عيدي الميلاد ورأس السنة وتنال الحكومة الثقة، طبعا بالأكثرية لانها تمثل الجميع، باستثناء حزب الكتائب، وبعض النواب.
وسيكون البيان الوزاري إشارة واضحة الى عمل الحكومة. فماذا سيتضمن بالنسبة الى النسبية، هل يبقى في العموميات ام يحدد النسبية في دوائر جديدة او في الدوائر ذاتها التابعة لقانون 1960. كذلك سيعطي إشارة عن المشاريع الحيوية التي تنوي الحكومة تنفيذها على صعيد الطاقة، وعلى صعيد المياه والكهرباء والنفط والغاز وعلى صعيد السياسة الصحية والسياسة الدفاعية والموقف من المقاومة، والموقف الداخلي واحترام حقوق المواطنين، خاصة في مجال الاقتصاد، وما اذا كانت الحكومة ستقدم في البيان الوزاري سلسلة عناوين لمشاريع تنوي تنفيذها في المستقبل لينتعش الاقتصاد ويرتفع مستوى النمو من 1 في المئة الى اكثر.
هذا وبدأ، في الكواليس، البحث بين الكتل النيابية وبين العماد ميشال عون والرئيس الحريري والرئيس نبيه بري بالتعيينات التي ستأتي بعد نيل الحكومة الثقة. فالحصة المسيحية في التعيينات ستكون اكثريتها للعماد ميشال عون، والحصة الدرزية للوزير وليد جنبلاط، والحصة الشيعية لحركة امل وحزب الله، والحصة السنية للرئيس سعد الحريري، بشكل آحادي.
ولم يُعرف ما اذا كان سيتم حصول تغييرات في المراكز الأساسية المهمة، لكن هنالك حزمة تشكيلات من الفئة الأولى وحزمة مناقلات دبلوماسية، وحزمة مناقلات إدارية وامنية.
وحتى الان، يبدو ان لا تغيير في مركزين، وهذا بشكل اكيد وثابت، وهما حاكمية مصرف لبنان، والمدير العام للامن العام، حيث سيتم التجديد للحاكم رياض سلامة، وللواء عباس إبراهيم مدير عام الامن العام. اما بقية المراكز فغير معروف مصيرها، ومتروك للاروقة والكواليس، حيث تجري المحادثات ويلعب الوزير جبران باسيل دورا كبيرا فيها ومساعد الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري، ومساعد الرئيس نبيه بري السياسي الوزير علي حسن خليل، ورئيس جهاز الامن وفيق صفا، والوزير ملحم رياشي عن القوات.
وسيبدأ مجلس الوزراء تدريجيا بإعلان التشكيلات والتعيينات الجديدة في الجلسات المقبلة التي سيبدأ بعقدها بعد رأس السنة ومع بداية السنة الجديدة.

ـ بري والنسبية ـ

الرئيس نبيه بري عاد ليجدد الحديث عن النسبية، مع العلم ان الوزير وليد جنبلاط حليفه ضد النسبية، والرئيس سعد الحريري ضد النسبية، لكن عن اية نسبية يتحدث الرئيس نبيه بري، لا نعرف. فالنسبية ملغومة عند كل فريق فالرئيس بري قد يقصد النسبية على مستوى لبنان دائرة واحدة وهذا ما لا تقبل به الأطراف، وهو قال مع حزب الله ان النسبية على مستوى لبنان دائرة واحدة هي الممر الاجباري لقانون الانتخابات.
اما كتلة المستقبل فتريد النسبية على المستوى الاكثري، والتيار الوطني الحر يريد النسبية دون تحديد الاقضية التي ستجري فيها او التوزيع الجغرافي للاقضية التي ستجري فيها النسبية وهل تبقى الاقضية مثل قانون 60 ام يطبق قانون الـ 60 مع النسبية؟
هنالك ضبابية بشأن النسبية وعلى الأرجح لن يتم حصول الانتخابات على قاعدة النسبية بل على قاعدة قانون 1960. وهنالك رأيان يظهران الى العلن، العماد عون سابقا اعلن انه لا تمديد لاي مؤسسة، وبالتالي لا تمديد لمجلس النواب، ووزير الداخلية يعلن انه اذا كان هنالك قانون جديد للانتخابات فان التأجيل التقني ضروري لاجراء الانتخابات على أساس قانون جديد. وهذا يعني ان التمديد للمجلس النيابي سيحصل مرة ثالثة. فهل يوافق العماد عون على التمديد ولو لشهر ويكسر مبدأه الذي اعلنه ان لا تمديد لأحد لا لمؤسسة ولا لشخصية.

ـ الطائف وصلاحية رئيس الجمهورية ـ

السؤال المطروح هو، هل يبقى الطائف كما هو ام يجري تعديله بالنسبة لرئيس الجمهورية، خاصة مسألة الـ 15 يوما الملزم بها حكماً رئيس الجمهورية بالتوقيع على المرسوم، والا فان الحكومة تنشره في الجريدة الرسمية بعد 15 يوما، فهل يرضى العماد ميشال عون بهذه النقطة الدستورية ان تبقى ام يطلب تعديلها ويترك المدة مفتوحة امام توقيع رئيس الجمهورية مثله مثل رئيس المجلس النيابي مثل وزير المالية مثل رئيس الحكومة مثل أي وزير.
وعلى الأرجح في المستقبل سيطلب العماد ميشال عون تعديل هذه النقطة وان لا يكون رئيس جمهورية محكوما بمدة 15 يوما لانها اذلال فعلا، بينما بقية الوزراء ورئيس الحكومة ورئيس المجلس يتمتعون بحرية عدم التوقيع وإبقاء المرسوم عندهم دون ان يستطيع احد ان يطالبهم دستوريا بالتوقيع.