وشددت على ضرورة إجراء إصلاحات فورية في قوات سوريا الحكومية، التي، خلال أسبوع واحد، أحرزت انتصارا رائعا في حلب، وتراجعت بشكل مخز في تدمر، وإدراك أن جيش البلاد ليس متجانسا، وأنه يقاد بشكل سيئ. ولعل هذه هي إحدى مشكلاته الرئيسة.
وأضافت الصحيفة الروسية أنه "قبل اندلاع الحرب، كان الجيش السوري يعدُّ الأقوى بين الجيوش العربية في المنطقة، على الرغم من أن آخر مواجهة له مع خصم مكافئ له حدثت منذ زمن بعيد، في لبنان عام 1984. في حين أن نصف قرن من المواجهة مع إسرائيل أظهرت تشوهات في هيكليته، وتنظيمه وتسليحه".
وأشارت "فزغلياد" إلى أنه "يمكن القول إن الاهتمام المبالغ فيه بمنظومات الدفاع الجوي والكمية الضخمة من الأسلحة المضادة للدبابات (وُردت غالبيتها من روسيا قبل أن تدخل الحرب الأهلية مرحلة حادة)، وتشكيل وحدات كبيرة من الدبابات – كل هذا كان نتاجا لسباق التسلح المحلي، وصدى لبنان ومرتفعات الجولان".
وبحسب ما نقلته "روسيا اليوم" عن الصحيفة، فإنه في غضون ذلك، فإن التوتر الاجتماعي المتصاعد ولّد في الثمانينيات والتسعينيات كثيرا من التنظيمات شبه العسكرية، التي تحولت الآن إلى قطعات ذات دوافع وقدرات أكبر.
وأوضحت أنه مع تحول أعمال الشغب إلى حرب أهلية، فقد بدأ الجيش السوري سريعا بالانحلال.
وترافق الفرار الجماعي من الوحدات العسكرية مع سرقة ممتلكات ومعدات الجيش العسكرية. وشكل بعض الضباط في نهاية المطاف ما سمي "حركة الضباط الأحرار" و"جيش سوريا الحر".
وقالت الصحيفة الروسية: "يعدُّ هذا الأخير الخصم الرئيس للحكومة من بين من يسمون (المعتدلين)، حيث حظي في مرحلة مبكرة من تشكيله بدعم الاستخبارات المركزية الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية".
واتضح، وفقا لـ"فزغلياد"، وإن كان من الناحية المبدئية، أن القيادة العليا هي الحلقة الأضعف في القوات الحكومية:
أولاـ لفوات الأوان في إعادة تدريب هؤلاء الناس، على المعادلات التكتيكية الجديدة والتخطيط الاستراتيجي. وفي هذا المجال كان قادة الفرق والكتائب أكثر مرونة. ولكن التدريب على التكتيكات الجديدة في الهجوم استغرق مدة عام.
ثانياـ بعد الحادث الإرهابي في تموز/ يوليو 2012، الذي قتل فيه عدد من كبار الجنرالات السوريين بينهم وزير الدفاع داود راجحة، شغل الوظائف الشاغرة ضباط أقل تدريبا وأضعف خبرة؛ ما كان له تأثيره السريع على مجريات القيادة والتخطيط، وينطبق الأمر نفسه على الاستخبارات والأمن.
ثالثاـ التخطيط للعمليات العسكرية وحتى الفترة الأخيرة يسير ببطء شديد، في حين أن اختيار الأهداف الاستراتيجية كان لا يعتمد كثيرا على الضرورة العسكرية، بل على المسارات السياسية. لقد شكل الهجوم الفاشل وغير المعد له على مدينة الرقة، انعكاسا مباشرا للقرار السياسي، وأدى التهافت على الجبهات للبحث عن الاتجاه الاستراتيجي لعمل عسكري إلى التأخر لأشهر أخرى.
وقد استخدمت القوة الجو-فضائية الروسية لفترة طويلة للحفاظ على النشاط الهجومي في الاتجاهات الثانوية، أو لتعزيز القوة الدفاعية. ولكن كان للخلل المزمن في التسليح أيضا تأثيره، إذ إنه لم يكن لدى الجيش ما يكفي من المدافع ذاتية الحركة وراجمات الصواريخ، ما أدى إلى بطء في نقل المدفعية، وليس فقط من أجل إحداث اختراق، بل حتى في عمليات تعزيز الدفاع.
رابعاـ وجود عدة مجموعات ذات تأثير في آن واحد بقيادة الأركان، لم يسمح بوضع خطة موحدة طويلة الأمد لتحرير البلاد.
وتحدثت الصحيفة الروسية عن الأمل في الإصلاح، حيث قالت إن غالبية نقاط الضعف في الجيش السوري تحمل طابعا ذاتيا، كما هو الحال أيضا بالنسبة إلى حلفائه، وأدى غياب المسؤولية (خاصة لدى "حزب الله" والإيرانيين) إلى إفشال عدة عمليات تكتيكية، وليس بسبب خطأ ارتكبوه، بل لضياع الوقت المناسب نتيجة تخبط في التوقيت، أو تنظيم غداء أو أداء الصلاة، والغياب عن المكان بالتوقيت المتفق عليه مسبقا.
ولفتت إلى أنه من ناحية أخرى، فإن عزل مجموعات عسكرية رئيسة كوسيلة لدعم العمود الفقري للجيش يمكن أن يعزى إلى الجانب الإيجابي. بطبيعة الحال هؤلاء الناس ليسوا كافين لتغطية جميع الجبهات، ما يصعِّب تنفيذ العمليات المخطط لها كافة، ولكن على هذه الخلفية بدأت عملية تشكيل وحدات جديدة تماما. وعلى ضوء النجاحات العسكرية الحقيقية الأخيرة، يتصف هؤلاء بالتنظيم الكافي والعقائدية الجديدة.
وبينت أن هناك أسبابا للاعتقاد بأن إصلاح الجيش يمكن أن يبدأ في القريب العاجل، ما سيكون له نتيجته في تحسين الجدول القتالي، وفي الوقت الراهن أصبح الجيش قادرا على تحقيق التفوق العددي على "الجهاديين" في بعض أجزاء الجبهة، ولكن الحرب لتحرير إدلب تتطلب مجهودا آخر يختلف تماما.
وشددت "فزغلياد" على أن هناك أيضا أدلة تشير إلى بدء وضع خطط العمل العسكري في الشمال السوري بمشاركة ضباط روس وإيرانيين، والذي لم يكن سابقا. وهيئة الأركان العامة في دمشق على استعداد للتعلم والاستماع إلى النصائح وهذا ما يمكن اعتباره نجاحا كبيرا.
شيء آخر، هو كيف سيتم توزيع القوات التي ستتفرغ بعد تحرير حلب؟ وكم من الوقت ستستغرق عملية التحضير لعمليات عسكرية جديدة؟ ومع ذلك، فإن عملية الإشراف والتوجيه تبقى المشكلة الأساسية للجيش السوري.