يتخذ هذا الحشو طابعا ساخرا متى قيس بالمنتظر المثير للمخاوف المبررة امام الوقائع الملتبسة التي تواكب انطلاق مسار حكومة العهد الاولى. لن يطمئن القلقين من هذه الالتباسات ان الرئيس العماد ميشال عون لا يعتبر الحكومة حكومة العهد الاولى، لانها الاولى دستوريا وواقعيا وعمليا بدليل ان أكبر كتلة وزارية فيها ذهبت الى حصة الرئيس الذي لم يقرن تبرؤه من انتساب الحكومة الاولى الى عهده بتخفف من حصته الوزارية. كما لا يبدد الهواجس مشهد دخول الرئيس سعد الحريري الى السرايا رئيسا للوزراء للمرة الثانية فيما ترتسم خلفه صورة توازنات مختلة سيكون عليه "القتال" بقوة وضراوة لمنع استباحة المزيد منها. والحال ان توزيع الأثلاث المعطلة أو الضامنة أو المتساوية يضحي أمرا ثانويا وهامشيا حين ترتسم خلف ولادة الحكومة مشاريع انقلابية حقيقية بصرف النظر عن امكانات نجاحها، اقله كما باتت تراها فئات لبنانية لا يقاس حجمها بالتمثيل النيابي والحزبي فقط. المفارقة الغريبة ان قلة فحسب حتى الساعة تأخذ بالرهان على مصلحة العهد في منع الانحراف بعهده الى عناوين مستعادة من الماضي القريب. لم يكن ينقص لترسيخ هذه القناعة سوى الضرب المنهجي المبرمج على الخاصرة الرخوة للرئيس الحريري والقوات اللبنانية كشريكين اساسيين وحيدين من خارج حلفاء ايران والنظام السوري اللبنانيين واعتبار الصورة التي آلت اليها الحكومة عنوانا ثانيا للنصر "الممانع" بعد انتخاب الرئيس عون. وها هي طبول النصر الموعود الثالث تقرع من الان، وقبل انعقاد الجلسة الاولى لمجلس الوزراء، بالتبشير بتنازلات مؤكدة لما تبقى من قوى 14 آذار وفرض قواعد التنازل الثالث عبر قانون النسبية الكاملة او ما يشابهها. وإن تسأل: ماذا لو لم تمر النسبية الكاملة؟ فسيأتيك الجواب بشيطنة بل تخوين كل اتجاه الى اعتماد قانون الستين. وتسأل من تراه افاد اكثر من القانون اللعين هذا الذي يرفضه الناس قبل النواب؟ اليسوا مشيطني القانون انفسهم قبل سواهم؟
اذا كان ما يجري التخطيط له في غرف عمليات الفريق النافذ اليوم لتسييل الأحلام والطموحات بحسم سياسي داخلي على هدى الاحتماء بالحكومة الفضفاضة التي لا نعرف سلفا ما اذا كانت ستكون في الاشهر القليلة المقدرة مبدئيا لولايتها حكومة ام شيئا آخر نجهله، فلا نظن ان الامر سيبقى مجرد معركة على قانون الانتخاب وحده. ثمة فائض سياسي متكبر ومتنمر في البلد. فاحذروا !