وعلم أن الحريري الذي تفرغ يوم أمس إلى عقد سلسلة من الاجتماعات الداخلية، يجري عملية تقويم للتطورات الاخيرة والعقد المستجدة التي أدت إلى تعثر عملية تأليف الحكومة، والاسباب الكامنة وراءها خصوصا وانه كان يستعد لدى زيارته الاخيرة إلى قصر بعبدا وبعد لقائه رئيس الجمهورية والتشاور معه بالتشكيلة التي حملها إليه لتلاوة بيان يعلن فيه إنتهاء مخاض التأليف. إذ كان التفاهم تاما بينه وبين رئيس الجمهورية على التشكيلة وعلى توزيعها، ولم يكن متوقعا أن يتم نسفها من خلال العودة إلى توزيعة الحكومة الثلاثينية.
وتؤكد مصادر سياسية مطلعة لـ"النهار" أن طرح توسيع الحكومة، كما فتح ملف قانون الانتخاب والتركيز على القانون النسبي شكلا رسالة واضحة ليس لرئيس الحكومة المكلف فحسب وإنما أيضا لرئيس الجمهورية بأن الممر الالزامي للحكومة العتيدة، كما لإنطلاقة زاخمة للعهد الرئاسي لن تكون إلا من خلال الرعاية الكاملة لتحالف 8 آذار الذي يسعى بقيادة "حزب الله" إلى تأمين اعلى مستوى تمثيل في حكومة ثلاثينية بما يضمن ثلثا معطلا من خارج إحتساب حصة رئيس الجمهورية أو التيار الوطني الحر في الحكومة.
وعليه، تستبعد المعطيات المتوافرة لـ"النهار" ولادة حكومية قريبة، إذ في حال لم تنجح مساعي التأليف حتى الثلثاء المقبل في إحداث أي تقدم، فإن الموضوع الحكومي سيرحل إلى ما بعد عطلة الاعياد، إذ ينتظر ان يغادر الرئيس المكلف الى الخارج لتمضية إجازة الاعياد مع عائلته.
وتفيد المعلومات أن الاتصالات والمشاورات ستستأنف إعتبارا من يوم الاثنين بعدما أطفئت المحركات في عطلة نهاية الاسبوع، مختصرة على عمليات تقويم داخلية للمعطيات القائمة، ونكشف أن الرئيس المكلف سيتوجه إلى قصر بعبدا يوم الثلثاء في محاولة اخيرة لحكومة ال24 وزيرا، فإذا تم التوافق عليها تصدر مراسيمها وإلا فإن الامور ستتجه إلى مزيد من التعقيد وسترحل إلى ما بعد الاعياد.
اما في الانتظار، فتعيش البلاد تحت وطأة تقاذف المسؤوليات حيال الجهة التي تقف وراء تعطيل الحكومة. ففي حين تحمل مصادر في 8 آذار مسؤولية التعطيل للتيار الوطني الحر الذي إقترح إسمي الوزير السابق سليم جريصاتي وعضو المكتب السياسي للتيار يعقوب الصراف اللذين قوبلا برفض الرئيس المكلف، كما تحمل التيار مسؤولية رفض احتساب الوزير ميشال فرعون من ضمن حصة "القوات اللبنانية"، في مسعى لذر الخلاف بين التيار و"القوات"، اكدت مصادر متابعة للتأليف ان هذه الامور لا تشكل عقدا وليست هي جوهر المشكلة، بل ان العقدة تكمن في التمسك بالحكومة الثلاثينية وبشرط قوى 8 آذار تمثيل الحزب القومي والبعث والامير طلال ارسلان مقابل تمثيل حزب الكتائب في الحكومة. وعليه، تتوقع المصادر عودة الحريري إلى صيغة الـ24 تلافيا لما سترتبه الحكومة الثلثينية من مطبات سيكون لها تداعياتها على العمل الحكومي في المرحلة المقبلة وعلى قدرة مجلس الوزراء على التعامل مع الملفات المطروحة ولا سيما ملف الانتخابات.