أمر غريب يحصل في وسط شيعة ( ايران ) في لبنان وعلى امتداد تواجدهم بالمنطقة العربية، وكأن أرواحهم مسخت عن حقيقتها أو أصابهم شيء من المس، فلم تعد تحرك وجدانهم لا أشلاء أطفال ولا كثرة الدماء، وبات مشهد جثث المدنيين تحت الركام منظرا عاديا جدا !!
وليس صحيحا أن هذا ينطبق على نوعية واحدة من الاطفال، فحتى عند استذكارهم لأطفال اليمن أو العراق المحسوبين " مذهبيا " عليهم، فهم يستحضرونهم من باب التغطية على أطفال سوريا فقط وبشكل جاف وقاسي وبدون أن تتلمس منهم أي رطوبة عاطفية.
ظاهرة مرعبة وتستحق التوقف مليا وجديرة بالدراسة، وإن كنت أنا لست خبيرا بعلم الاجتماع إلا أنني أستطيع أن أحمّل الغزو الثقافي الايراني كامل المسؤولية عن هذا التحول الخطير، فاذا لاحظنا أن في جنوب لبنان مثلا، قد عمدت ايران الى إنشاء عشرات بل مئات المجمعات الدينية المتخصصة لمجالس العزاء والدروس المذهبية، وفيها معاهد تدريس العلوم الدينية التي تخرّج سنويا أعدادا كبيرة من المعممين، ولم تُقدم هذه الايران على بناء جامعة أكاديمية واحدة متخصصة بالعلوم الحديثة .
وعندما ندرك أن هذه المجمعات الكبيرة التي كلفت ملايين ملايين الدولارات، أنها تضج على مدار السنة بالندب والبكاء واللطم والحشو المذهبي المقيت، ونعرف حجم الدموع التي تذرف داخلها على جريمة حدثت في التاريخ، يمكن أن نفهم حيئنذ جفاف تلك العيون من أية دموع على مجازر تحصل في الحاضر، ونعرف أين تختفي دموع الشيعة ... والله اعلم .