بات الناس يسألون العهد الجديد برئاسة فخامة الرئيس العماد ميشال عون لماذا لا تتألف الحكومة، وهل نحن ما زلنا في لعبة الاقطاعية والطائفية والمذهبية والحصص لكل زعيم وسياسي وحزبي وغيره، أم اننا دخلنا مرحلة جديدة مع العماد ميشال عون، هي مرحلة تأليف حكومة الكفاءات من غير السياسيين، ام ان الحرب في سوريا جمدت قانون الانتخابات في لبنان، وبات معروفا ان النسبية لا يمكن الاتفاق عليها رغم ادعاء الجميع انهم يريدون النسبية. ومنذ الان نقول لهم انكم تكذبون علينا، ففي أيار لن تجري الانتخابات على أساس النسبية بل على أساس قانون 1960، الا اذا قمتم بتأجيل الانتخابات النيابية فترة 6 اشهر او غير ذلك، لحين تعديل قانون الانتخابات ووضعه على أساس النسبية. 
الصراع الان هو على الحصص التي ستحصل عليها الكتل النيابية في الانتخابات النيابية القادمة، ذلك ان مناطق كثيرة محسومة. فالنواب الشيعة محسومون لمصلحة أمل وحزب الله، والنواب الدروز محسوم امرهم للوزير وليد جنبلاط، بالتنسيق مع الأمير طلال أرسلان الذي يريد الوزير وليد جنبلاط وحدة الطائفة عبر التنسيق معه. والنواب السنّة محسوم امرهم بنسبة 70 في المئة، باستثناء الشمال حيث سينقص عدد النواب السنّة نتيجة تغير الوضع الشعبي في طرابلس وعكار والضنية والمنية وطرابلس. وما لم يقم الرئيس السابق نجيب ميقاتي بخطوات استثنائية في طرابلس، فانه سيخرق وحده اللائحة وتفوز لائحة اشرف ريفي. اما اذا قام بجهد استثنائي مع الرئيس سعد الحريري في طرابلس فيمكن ان يحصلوا على بعض المقاعد السنيّة. 
اما في عكار، فالنائب خالد الضاهر هو الأقوى، ولم يعد منتسبا الى تيار المستقبل، وخسر بذلك تيار المستقبل نائبا سنيا إضافة الى عدة نواب في عكار. 
اما في الكورة، فيبدو ان القوات اللبنانية ستفوز باللائحة، وفي بشري أيضا، وفي زغرتا سيفوز النائب سليمان فرنجية مع نائب آخر، ولكن هذه المرة سيدخل المجلس النيابي السيد ميشال معوض، إما عبر لائحة ائتلافية وإما عبر خرقه لائحة الوزير سليمان فرنجية.
وفي البترون، سيفوز تحالف العونيين والقوات، وفي جبيل الامر نفسه، وفي كسروان سيفوز تحالف القوات والعونيين، وفي المتن الجنوبي يسعى البطريرك بشارة الراعي لإنقاذ وضع النائب سامي الجميل، وترك المقعد له بدل إعطائه لسركيس سركيس، الذي سيكون في لائحة القوات والعونيين، اذا تمت تسوية الشروط المالية بينهما.
وفي المتن الجنوبي، فان قوة العونيين والقوات اللبنانية قوية جدا، ويتعلق الامر بحسم النتائج بتصويت حزب الله وحركة أمل والوزير وليد جنبلاط. فقد يعطي حزب الله اصواته للعونيين فقط دون القوات، وقد يعطي الوزير وليد جنبلاط اصواته للمسيحيين في المتن الجنوبي مقابل اعطائهم الأصوات للوزير جنبلاط في عاليه والشوف وإقليم الخروب. وسيكون تشكيل لائحة الشوف صعباً جداً، بين إرضاء السنّة للرئيس سعد الحريري وبين الوزير وليد جنبلاط رئيس اللائحة وبين المسيحيين الذين اتحدوا واصبحوا قوة انتخابية قوية.
وفي جزين، فان تحالف القوات والعونيين هو الأقوى، وهنا يتعلق الامر أيضا بالتصويت الشيعي وما اذا كان سيؤدي الى خرق لنائب من حركة امل مسيحي، لكن العماد عون لن يسمح بذلك، انتخابيا، دون التدخل في الصناديق، وسيحاول المجيء بثلاثة نواب مع القوات اللبنانية من جزين.
اما في الاشرفية، فالعونيون والقوات اللبنانية يسيطرون كليا على الوضع، حتى ليس هم بحاجة الى أصوات الأرمن. والمشكلة هي ان المجلس النيابي القادم في أيار لن يتم انتخابه على أساس النسبية، فلا إمكانية تقنية لتنفيذ ذلك، لان وزارة الداخلية على ما صرّح به وزير الداخلية نهاد المشنوق لا تملك وسائل تطبيق الانتخابات على أساس النسبية، يبل تحتاج الى فترة اشهر وتأجيل تقني للانتخابات كي تحضّر مدرسة للموظفين وأجهزة كمبيوتر وأجهزة الكترونية للفرز على أساس النسبية، لان الامر دقيق جدا. وقلنا هنالك مشكلة. والمشكلة هي انه اذا جاء العماد ميشال عون والدكتور جعجع بـ 45 نائبا الى المجلس النيابي وزادت كتلة القوات من 6 نواب الى 15 نائبا او 16 نائبا فستكون الكتلة الكبرى. اما الكتلة الكبرى فستكون للعماد ميشال عون. وبالنسبة للرئيس سعد حريري الذي يريد 8 نواب مسيحيين لتيار المستقبل، فهنالك خلاف مع العماد ميشال عون ومع القوات اللبنانية، وهم لا يقبلون مثلا ازدواجية التمثيل، فاما ميشال فرعون هو في كتلة القوات او هو في كتلة تيار المستقبل، وغيره كذلك أيضا في مناطق أخرى. لذلك سيخسر تيار المستقبل عدداً من النواب المسيحيين، ولا يقبل عون ان يأخذ تيار المستقبل نواباً مسيحيين ما لم يعط نواب سنّة للتيار الوطني الحر. 
وإذّاك يتم إعطاء نواب مسيحيين في الاشرفية، مثل غطاس خوري لسعد الحريري مقابل إعطاء نائب سني للعماد ميشال عون في المصيطبة، فهل سنصل الى هذا الحد؟
الناس يسألون العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، لماذا لا تتألف الحكومة، ولماذا لا يجري فعليا تشكيل لجنة لقانون الانتخابات لاقراره بسرعة على أساس النسبية، ولماذا لا يمكن التشريع حاليا بعد انتخاب رئيس جمهورية، ثم ان مالية الدولة متوقفة، فمنذ تم انتخاب الرئيس العماد ميشال عون ارسل كتابا الى الوزراء منع فيها صرف أي قرش او أي ليرة من الموازنة، قبل تشكيل الحكومة الجديدة، ولذلك فمالية الدولة لا تتحمل الانتظار حتى تأليف الحكومة بعد اشهر واشهر طالما ان الامر بعدم الصرف.
وما يدل على ذلك، هو ان لبنان بلد اصطناعي تحكمه الاقطاعيات الطائفية والمذهبية والمناطقية ولم يتغير شيء بعد انتخاب العماد ميشال عون حتى الان، لانه كان على العماد ميشال عون ان يأتي بحكومة تكنوقراط في الفترة الانتقالية حتى اجراء الانتخابات، وإذّاك تجري الانتخابات ولا يكون أي وزير مرشح بل ينصرف النواب الى حملات انتخابية وتنصرف الحكومة الى العمل الحكومي. فكيف يتم إعطاء وزير وزارة خدماتية عشية الانتخابات ويطلب منه الشعب مواجهة مرشح اخر ليس لديه وزارة خدماتية؟

ـ ترابط الازمة اللبنانية ـ السورية ـ

واذا كانت اميركا وفرنسا وروسيا قد وافقت على انتخاب رئيس جمهورية للبنان، فان الخلاف عاد بسبب سقوط حلب وسيطرة داعش على تدمر مقابل سيطرة الجيش السوري على حلب. فان ذلك كله اثر في الوضع اللبناني وادى الى تعطيل الحركة السياسية. والرئيس سعد الحريري حائر ومتردد، وطبعه المتردد يجعله لا يؤلف الحكومة وعليه ان يقول كلمته. فلا يمكن ان يكون رئيس حكومة لبنان ويصدر بيانا بإدانة الجيش السوري الذي دخل الى حلب. ولا يمكن للوزير جبران باسيل الإعلان اننا على اتفاق مع سوريا على رأس السطح دون مراعاة وضع الحكومة. فأية حكومة سنؤلف اذا كان نصفها مع سوريا ونصفها ضد سوريا، واذا كان نصفها مع نظام الرئيس بشار الأسد ونصفها ضد نظام الرئيس بشار الأسد؟ ذلك انهم يؤلفون حكومة قنبلة موقوتة ستنفجر عند بحث الأمور الاستراتيجية على الساحة اللبنانية وفي سوريا.
رئيس جمهورية ينتظر زيارة الرئيس بشار الأسد او الاجتماع به على الحدود بين لبنان وسوريا، ورئيس حكومة يصف رئيس جمهورية سوريا بالمجرم. والرئيس نبيه بري لا يتكلم على هذا الموضوع بل يتكلم على النسبية، فيما المقاومة تطرح النسبية الكاملة في كل لبنان دائرة واحدة كممر اجباري لبناء الدولة. ومعنى ذلك اننا نعيش في قنبلة موقوتة ستنفجر بين اطراف اتفقت على انتخاب رئيس للجمهورية، وهي غير متفقة على برنامج سياسي له قواسم مشتركة. على الأقل، يجب ان يكون هنالك تنسيق بين الرئيسين عون والحريري والرئيس نبيه بري، وأن ينعكس ذلك على تصريحات الوزير جبران باسيل وتصريحات اركان المقاومة وتصريحات الرئيس نبيه بري بحد ذاته.
لكن لا قواسم مشتركة، فما يفكر فيه الرئيس نبيه بري هو عكس ما يفكر فيه العماد ميشال عون. والرئيس العماد ميشال عون مرتاح للرئيس سعد الحريري لانه رجل «آدمي» كما يقول عنه، ومتعاون جدا ويريد البدء بالحكم واطلاق المؤسسات والمشاريع، لكن تعوزه حكومة. والحكومة تنتظر ما يجري في حلب، وما يجري في حلب ينتظر بوتين وترامب. والمخابرات الأميركية والـ اف. بي. آي جهاز المباحث الأميركي يتهم روسيا بأنها دخلت على شبكة الكمبيوتر في اميركا وزورت الانتخابات لمصلحة ترامب. ويرد الرئيس بوتين ويقول ان اتهام روسيا بالقرصنة هو معيب، وعلى اميركا ان تقدم الوثائق التي تثبت ان روسيا قامت بالقرصنة الالكترونية.

ـ الحل في سوريا ـ

ان الحل في سوريا بدأ فعليا عبر اتصالات روسية - إيرانية - تركية، وقررت الدول الثلاث ان يكون مكان اجتماع ممثلي الرئيس بشار الأسد مع ممثلي المعارضة في كازاخستان في مدينة الاستانة، دون ان تعلق دمشق او دون ان يكون لها رأي في الموضوع. ويبدو في المطلق ان الحاكم الفعلي الذي يعلن القرارات في سوريا هو الرئيس بوتين. وتلحق به ايران، وتركيا تنسق مع روسيا، وحزب الله ينسق مع ايران. والرئيس بشار الأسد ينسق مع الرئيس بوتين شخصيا، والرئيس بوتين يبدي عاطفته للرئيس بشار  الاسد وهو الذي انقذ نظام الرئيس بشار الاسد ، أي روسيا. وروسيا تعتبر نفسها الآن بعد أن انقذت نظام الرئيس بشار الأسد أنها تستطيع التحدث باسمه بشأن الازمة وضرورة إيجاد وقف اطلاق نار شامل في كل سوريا بعد سقوط حلب، وتفاصيل الخبر المتعلق بحلب يأتي في مكان آخر في الصفحة الأولى في الديار، والمشكلة في كفريا والفوعا.
وبالعودة الى الرئيس بوتين الذي ينسق مع الرئيس بشار الأسد، وهو في زيارة الى اليابان، فقد اعلن موقفين : الموقف الأول ان الحل السلمي سيبدأ والمفاوضات ستجري في الاستانة في كازاخستان، وتجاوز الرئيس بوتين جنيف كيلا يشرك أوروبا في الحل. 
اما من ناحية ثانية، فقد قال بوتين انه بعد سقوط حلب يجب وقف اطلاق نار شامل في البلاد وفي سوريا كلها.
ومن يستمع الى الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا يعتقد انه يتكلم على روسيا بينما هو يتكلم على سوريا. والى هذا الحد، وصلت العلاقة من الوحدة بين روسيا وسوريا، والى هذا الحد وصل التنسيق بين الرئيس بوتين والرئيس الأسد. ذلك ان الرئيس الروسي لا يمكن ان يعلن هذه المواقف دون ان يكون قد قام بالتنسيق مع الرئيس الأسد واخذ موافقته. ولا حكومة حاليا في لبنان، لان الصراع هو بين 24 و30 وزيرا، ولان العهد قرر الغوص والغطس في الوحول الطائفية والحصص المذهبية والاقطاعية. وكان على العماد عون ان يؤلف حكومة تكنوقراط مع الحريري ويفرض امرا واقعا عندما جاء رئيسا للجمهورية، ذلك ان العماد ميشال عون يعلم تماما انه لم يأت رئيساً للجمهورية برضى الكتل والنواب، بل جاء كأمر واقع مفروض كي يصل الى قصر بعبدا، وما دام وصل الى قصر بعبدا، فمن حقه ان يطلب حكومة تكنوقراط في المرحلة الأولى الانتقالية حتى انتخابات أيار، لكنه لم يفعل. اما الرئيس سعد الحريري، فيقتله التردد وارضاء الوزير وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون والرئيس نبيه بري، وعبْر الرئيس بري حزب الله. ومع ذلك، الناس يسألون السؤال الكبير لرئيس الجمهورية الكبير الجديد العماد ميشال عون :
لماذا لا تتألف الحكومة اللبنانية؟!!