ربما لا مكان في العالم يتصدَّر حالياً مشهد الأحداث مثل مدينة حلب السورية.. وهو تصدُّر موجعٌ ومؤلمٌ؛ ليس فقط لأنها تقدم نقلاً مباشراً لموت الأبرياء، ولكن لأنها أيضاً وضعت العالم أمام حقارة موت الضمير الإنساني؛ وإن كشفت عن إضافتها جهات وأبرزها المنظمة الأممية، ومجلس الأمن، إلى قائمة الخزي والعار في التاريخ.
مدينة الموت
حلب "مدينة الموت" التي بدأ فيها، اليوم، إجلاءٌ خجول لمقاتلي المعارضة السورية وعائلاتهم من شرق حلب التي عرفت دوما بـ "الشهباء" و"مدينة الشهداء" في تاريخها، وهي التي كانت الأكثر سكاناً من بين مدن سوريا، وكانت أيضا عاصمة الشمال السوري، وإحدى أقدم المدن المأهولة في العالم.
أما لماذا حلب بكل هذه الأهمية لكل المجرمين الذين يقتلون الأبرياء والأطفال، فربما لأنها كانت أول ما أعلن النظام الغاشم في سوريا، أنها ستكون أهم أهدافه في احتفائه المخزي منذ 7 فبراير 2016 بقدوم الدب الروسي الذي أصرّ على احتلال غير معلن أدانه العالم، ومن أهم صور الإدانة كان طرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان أخيراً.
"سبق" تسوق في هذا التقرير رصداً لأبرز ما يتعلق بما حدث في حلب؛ التي أبكت العالم وجعلت الشرفاء يطرقون وجوههم خجلاً وحياءً.
أبرز المستجدات
حلب؛ هي ثاني مدينة سورية، وكانت أكبر المراكز الاقتصادية والمدينة السياحية الأهم في سوريا قبل أن تدمرها الحرب.
معظم سكان المدينة من المسلمين السُّنَّة مع أقلية كردية وهنك أيضاً شيعة وعلويون.
حوّلت الحرب منذ 2011 ومع مجيء روسيا المدينة إلى كومة أنقاض.
تسبّبت غارات النظام الغاشم وحلفه الروسي في مقتل الآلاف؛ حيث كان متوسط الغارات الجوية فقط 300 غارة أسبوعياً.
أعلن الجيش الروسي، في بيانه، 15 ديسمبر 2016، أنه بجانب قوات النظام سينفّذان خطة من خلال الحافلات وسيارات الإسعاف لخروج آمن لفصائل المعارضة.
ذكرت "رويترز"، أمس، أنه بدأ تنظيم خروج مقاتلي المعارضة والمدنيين المحاصرين في شرقي حلب.. مع خروج المقاتلين بالأسلحة الخفيفة فقط.
هدّد الجيش الروسي بإطلاق النار على أيِّ طرفٍ يخرق الهدنة في حلب ويعترض قوافل الإجلاء.. وذلك بعد تعرُّضها لنيران ميليشيات شيعية إيرانية.
تؤكّد وكالات أنباء أن أكثر من 100 ألف حُوصروا في مساحة لا تزيد على 5 كيلو مترات مربعة.
مَن القتلة؟
1- يُوجد لإيران أكثر من 18 ألف مرتزق في حلب هدفهم الأول عرقلة أيّ وقفٍ لإطلاق النار أو هدنة؛ منهم 5 آلاف تحت قيادة جنرالات إيرانية في غرب حلب.
2- يُوجد مقاتلو "حزب الله" في سوريا منذ الأيام الأولى للحرب في 2011.
3- طالبت كتلة "متحدون" العراقية من الحكومة سحب الميليشيات العراقية التي تقاتل في سوريا إلى جانب النظام السوري، واصفة قتالهم في حلب بـ "المخجل".
4- قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن لديه تقارير عن أن الجيش السوري وجماعة عراقية متحالفة معه قتلوا ما لا يقل عن 82 مدنياً في الأحياء التي سيطروا عليها بحلب.
5- هناك وجود قوي وبرعاية إيرانية لأكثر من 20 ألف مقاتل من المنتمين لميليشيا "الحشد الشعبي" الشيعية.
6- تؤكّد تقارير غربية أنه مع قرب استيلائه على حلب تعمّد جيش النظام السوري الغاشم تسهيل استيلاء "داعش" على تدمر مجدّداً. وذلك وفقا لتقرير للصحفي روي غوتمان؛ بصحيفة "الديلي بيست" الأمريكية.
7- ما يحصل الآن أن روسيا تقوم بدور الضربات الجوية فيما تقود قوات النظام السوري وميليشياتها عمليات التصفية على الأرض.
8- تقول "الجارديان" البريطانية: مهما قالت روسيا إنها تستهدف ضرب "داعش"؛ إلا أنها تمارس في الواقع ما يخالف ذلك.
.. لقد فشلنا!!
الوضع المؤلم والمخجل كانت أصداؤه الشعبوية حاضرة؛ غير أن الأهم وهو المؤسسات العالمية الفاعلة، وخاصة هيئة الأمم المتحدة، كانت في أسوأ حضور أمام حالات وحشية وهمجية من الأسوأ في التاريخ. بل إن قذارة الفيتو الروسي - الصيني كانت الأسوأ، وهو ما طرح الأسئلة حول أهمية بقاء مثل هذه المنظمة الاسمية التي أقرّ أمينها العام بان كي مون؛ بفشل مجلس الأمن قائلاً: "خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، قال الأمين العام بان كي مون: "لقد فشلنا جميعاً وخذلنا الشعب السوري ولم يمارس مجلس الأمن المسؤولية الملقاة على عاتقه فيما يخص صون السلم والأمن الدوليين، ولن يبرّئنا التاريخ من ذلك".
محكمة لجرائم الحرب
هذا فيما دعت محقّقة الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان في سوريا، كارلا ديل بوتني؛ إلى إنشاء محكمة أممية خاصّة لجرائم الحرب في سوريا بعد استيلاء قوات نظام بشار الأسد على أحياء شرقي مدينة حلب.
من جهته، قال مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الخاص بسوريا "يان إيجلاند": إنه يجب تحميل الحكومتيْن السورية والروسية مسؤولية الفظائع التي ترتكبها الفصائل المسلحة الموالية لبشار الأسد في حلب.
إلى ذلك، وتضامناً مع حلب.. اشتعل كثيرٌ من عواصم العالم بالمظاهرات والمطالبات بالتدخُّل العاجل، كما جرت اعتصامات أمام السفارات الروسية والإيرانية في عديد من دول العالم احتجاجاً على الصمت الدولي.
من جهتها قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي: بإمكان بوتين وقف الحرب في حلب، لكن لا نعرف بالضبط لماذا يرفض ذلك؟!
المصدر : سبق