نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن توقعات المرحلة القادمة التي تتزامن مع سقوط حلب في يد النظام، مبينة أن المعارضة لن تستسلم بعد سقوط المدينة بل ستزداد شراسة وغضبا.
وقالت الصحيفة إن استعادة الرئيس السوري بشار الأسد السيطرة على كامل سوريا هي أبعد ما يكون عن التحقق على أرض الواقع، فتصدي المعارضة للنظام السوري رغبتها في انتزاع البلاد من يده سوف تتأجج بعد سقوط مدينة حلب في أيدي قوات النظام.
وذكرت الصحيفة أنه من المتوقع أن يكون سقوط حلب نقطة تحول في الحرب التي تدور رحاها في سوريا، حيث إن هذه الهزيمة ستقلل من قدرة المعارضة على أن تكون بديلا سياسيا وعسكريا للنظام. كما أن سقوط حلب لن يكون بمثابة نهاية للحرب، بل بداية لمرحلة جديدة في خضم هذه الحرب الدامية.
وتجدر الإشارة إلى أن النظام سيسعى إلى تحقيق عدة مكاسب في هذه الحرب، فضلا عن السيطرة، بالقوة، على العديد من المناطق المهمة في البلاد؛ تخضع لسيطرة عدة مجموعات في سوريا.
وفي هذا السياق، علق الجنرال الأميركي ديفيد بتريوس، الذي كان مسؤولا عن تهدئة الأوضاع في شمال العراق بعد الغزو الأميركي في سنة 2003، في حوار المنامة التي نظمه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في البحرين، أنه "يعتقد أن التوصل إلى أي حل سياسي سيكون متأخرا جدا في سوريا، كما أن تقسيم سوريا سيكون حلا متوقعا في المرحلة القادمة، ولن يؤدي بالضرورة إلى تحقيق السلام والأمن فيها".
وأفادت الصحيفة أن استعادة تنظيم الدولة السيطرة على مدينة تدمر السورية شكّل نكسة بالنسبة للنظام وروسيا؛ اللذين تمكنا من طرد التنظيم من تدمر في آذار الماضي، حيث إنه في قانون الحرب قد يكون أصعب المحافظة على السيطرة على مدينة ما بعد دخولها. وأشارت الصحيفة إلى أن سقوط حلب قد يدفع المعارضة السورية إلى التطرف والانضمام إلى صفوف التيارات "الإرهابية"، مثل تنظيم الدولة والفرع السوري لتنظيم القاعدة سابقا، جبهة النصرة، خاصة أن تنظيم الدولة لا يزال يتحصن في معقله في الرقة.
ونقلت الصحيفة تصريحات أحد المعارضين السوريين، الذي حضر فعاليات منتدى حوار المنامة في البحرين، حيث قال إنه "حتى إذا استولى النظام على جميع الأراضي السورية، فعنف المعارضة ضد الحكومة ورغبته في الانتقام سوف تتنامى". وأضاف أنه "حتى لو انتصر الأسد في الحرب، فهذه القوة لن تمنحه الشرعية ليحكم الشعب السوري"، مشيرا إلى أن "المجتمع الدولي ينتظر سقوط مدينة حلب حتى تنتهي الحرب وتنفرج الأزمة التي تعيشها هذه المدينة، لكن الأمر سيكون على الأغلب مخالفا لكل التوقعات".
وأكدت الصحيفة أن هذه المرحلة الجديدة من الحرب في سوريا ستكون أيضا اختبارا للتعاون الهش الذي يجمع بين روسيا وتركيا، والذي ساهم نسبيا في تخفيف حدة التوتر بين دمشق وأنقرة، وذلك عندما يحين الوقت لمواجهة ومناقشة المسألة الكردية. وفي هذا السياق، أشار أحد الدبلوماسيين خلال فعاليات حوار المنامة؛ إلى أن "الحرب في سوريا تقوم على ثلاثة محاور رئيسية: دولية وإقليمية وسورية، مؤكدا أنه لا يمكن إيجاد حل على المحور السوري دون التوصل إلى حلول دولية وإقليمية، على غرار النزاع الدولي بين روسيا والولايات المتحدة، والحرب الإقليمية بين إيران والمملكة العربية السعودية.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن روسيا تمكنت من فرض سيناريو عسكري على الصراع السوري. ولكن لا يمكن نسيان، في هذا السياق، ذلك الطاغية رمضان قديروف الذي نصّبه الكرملين من أجل تهدئة أوضاع الشيشان، والذي جاء في أعقاب ظروف عاشتها الشيشان تتشابه كثيرا مع الصراع السوري.
(لو فيغارو - عربي 21)