تراجع منسوب التفاؤل بقرب خروج الحكومة العتيدة الى النور، بعدما أودت جولة جديدة من المطالب المتبادلة بالآمال التي كانت معقودة على إمكانية تأليفها، إثر حلّ عقدة حقيبة تيار المردة، فيما يوحي ما تردد عن مغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري الى باريس اليوم بأن ولادة الحكومة لا تزال تحتاج الى مزيد من المشاورات.
عنوان الجولة الجديدة هو توسيع الحكومة من 24 الى 30 وزيراً، ما يعيد خلط الأسماء والحقائب والحصص بعدما كان الاتفاق شبه منجز على صيغة الـ 24، وفق قاعدة بقاء القديم (كما في الحكومة الحالية) على قِدمه.
مصادر بارزة في التيار الوطني الحر قالت لـ»الأخبار» إن رئيس الجمهورية ميشال عون «كان أساساً مع حكومة ثلاثينية، لكنه وافق على صيغة الـ 24 إثر الاتفاق عليها بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري». ولفتت الى «مطالب جديدة» لرئيس المجلس الذي «يريد توسيع الحكومة، وأن يحصل فيها على حقيبتين في مقابل تخليه عن وزارة الأشغال» للنائب سليمان فرنجية. وأكدت «أننا لا نعارض حكومة ثلاثينية، لكن لا نقبل أن يضع أحد هذا الأمر شرطاً لازماً تحت طائلة التهديد بعدم السير في الحكومة، لأننا مع التوسيع لحل المشاكل وليس لخلق مشاكل جديدة».
وشدّدت المصادر على أن رئيس الجمهورية «مصرّ على حكومة جامعة لا تستثني أحداً»، و»لا يريد أن يكون أي فريق مسيحي مثل حزب الكتائب خارج الحكومة، رغم عدم وجود اي اتفاقات أو التزامات سابقة في هذا الشأن». وأوضحت أن صيغة الـ 24 أخذت في الحسبان التمثيل الكتائبي بحقيبة وزارية، وقسّمت الوزراء المسيحيين الـ 12 كالآتي: 3 للتيار الوطني الحر، 3 للقوات اللبنانية، 2 لرئيس الجمهورية، وواحد لكل من المستقبل والطاشناق والمردة والكتائب، على أن يتمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي بالوزير الشيعي الخامس.
ونفت المصادر، من جهة أخرى، وجود أي فيتوات على أسماء مطروحة للتوزير، مؤكدة أن «الأمر غير صحيح. لم يطرح أحد ذلك، ونحن أساساً لا نقبل أن يُبحث معنا أمر كهذا».
في المقابل، تشير مصادر قريبة من الرئيس بري الى أن الرؤساء الثلاثة اتفقوا في لقائهم الأوّل في بعبدا، بُعيد تكليف الرئيس الحريري، على حكومة وحدة وطنيّة من 30 وزيراً. لكن الاتفاق تأرجح بين الـ 24 والـ 30، ربطاً بـ«بازار» التوزير والحصص والأسماء. وفي الأسبوع الماضي، حاول برّي مجدّداً إقناع الحريري بحكومة الـ 30 لأن حزب الله وأمل مصرّان على تمثيل حلفائهما في قوى 8 آذار، وهو ما لم يهضمه الرئيس المكلف في البداية. وعندما طرح الأخير الأمر مع رئيس الجمهورية، كان «قلبه معه وسيفه عليه»، فتعذر الاتفاق بينهما على توزيع الحصص، الأمر الذي وجد فيه رئيس الجمهورية سبباً إضافياً لرفض الصيغة الثلاثينية.
وكررت المصادر أن الرئيس برّي أبلغ في اليومين الماضيين، بشكل رسمي، أن حزب الله وحركة أمل لن يسيرا في حكومة لا يتمثّل فيها حلفاؤهما: الحزب السوري القومي الاجتماعي بشخص الوزير أسعد حردان، والنائب طلال أرسلان، ووزير سنّي من 8 آذار (لم يسمّ الحزب والحركة اسماً بعينه، لكنهما زكّيا الوزير السابق عبد الرحيم مراد)، إضافة إلى تمثيل حزب الكتائب. وذكّرت المصادر بأن «حلفاءنا التزموا مع عون بمنحه أصواتهم، على رغم التحالفات السياسية القويّة وحتى الشخصية بين بعضهم والوزير فرنجية».
المصادر القريبة من رئيس المجلس تؤكد أن عون يمانع حكومة الـ 30 لأسباب تتعلّق بالحقيبة الخامسة للوزير الشيعي، ولرفض تمثيل القوميين بوزير مسيحي (رغم حصول رئيس الجمهورية على وزير شيعي في المقابل)، فضلاً عن الأزمة التي سيثيرها التوسيع في توزيع الحقائب الكاثوليكية. علماً أن التوسيع سيعطي الرئيس وزيراً كاثوليكياً في مقابل وزيير أرمني للمستقبل ووزير أرثوذكسي للقومي.
مصادر في قوى 8 آذار مواكبة للمفاوضات الحكومية، بدت أكثر تفاؤلاً، بالتأكيد أن الحكومة قد تصدر خلال أيام بثلاثين وزيراً، وأنه لم يعد هناك من عقد جديّة، سوى عقدة الحقيبة الخامسة للوزير الشيعي «التي يطالب بها الرئيس نبيه برّي وهو محقّ في مطلبه، وحزب الله يتفهمه»، فضلاً عن عقدة أخرى مع القوات اللبنانية لم تسمّها المصادر.
الى ذلك، نفت مصادر مقرّبة من رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط لـ«الأخبار» أن يكون الأخير قد وافق على التخلّي عن وزارة العدل للتيار الوطني الحرّ، مقابل الحصول على وزارة التربية. وأكدت أن جنبلاط لا يزال متمسّكاً بحقيبة العدل، وهو ما أبلغه النائبان مروان حمادة ووائل أبو فاعور لرئيس الحكومة المكلّف أول من أمس، فيما زار الحريري جنبلاط أمس في منزله في كليمنصو.