بعد أن شن الإرهابيون اليهود على مدى عقود الاحتلال، موجات من الهجمات والاعتداءات على المقدسات الإسلامية، ينتقل الإرهاب الصهيوني في هذه الأيام إلى مرحلة جديدة من التصعيد المرعب ضد الكنائس المسيحية في القدس والضفة، وينتقل هذا الإرهاب منهجياً من منطقة إلى منطقة. ومن قرية إلى قرية، ومن كنسية إلى كنسية ليصل ذروته بالاعتداء الذي شنه الإرهابيون اليهود على دير اللطرون في القدس /2012/9/4.
فما يجرى على أرض القدس والضفة الغربية سطو صهيوني مسلح على الأرض والتاريخ والتراث... وما يجرى هو انتهاك صارخ متواصل للمواثيق والقرارات الدولية كافة.. وكما هو استخفاف بالعرب واحتقار سافر لهم ولمعاهداتهم السلمية.. وتغطية دولة الاحتلال بالقوة الغاشمة.. ويمكن أن نقول: إن هذه الدولة ترتقي إلى مستوى أكبر مافيا لسرقة الأوطان والأراضي والممتلكات على وجه الكرة الأرضية...!
فما يفعله الصهاينة في هذه الأيام يعد حروباً مفتوحة يشنونها على فلسطين قضية وشعباً وحضارة وتراثاً، خاصة ضد المساجد والمواقع والمعالم الدينية والتراثية الإسلامية والمسيحية على حد سواء،وحرباً- مجزرة- أخرى ضد شجرة الزيتون الفلسطينية، وحرباً على الأرض الفلسطينية تستهدف الاستيلاء الكامل عليها من بحرها إلى نهارها على شعبها وحقوقه التاريخية فيها...!.
ليس ذلك فحسب، فهم يغطون عملياً السلب والنهب والسطو المسلح والجرائم بالأيديولوجيا والأساطير الدينية، وعملياً على امتداد مساحة الضفة الغربية لم يتوقف بلدوزر التجريف والاستيطان عن العمل في جسم الضفة، إذ تكشف لنا أحدث عناوين مشهد الاستيطان ونهب الأراضي العربية النقاب عن معطيات مذهلة حول مناطق نفوذ المستوطنات وامتداداتها وتداعياتها على مستقبل الوحدة الجيوديمرغرافية الفلسطينية وعلى مستقبل الدولة الفلسطينية التي لا تزال تراوح في دائرة الحلم التاريخي....!
كما لم يتوقف الإرهاب الشامل الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين على امتداد مساحة الضفة الغربية لحظة، ليس له عملياً من سقف أو حدود أو كوابح أو قوانين تحد منه، ناهيكم عن أن هذا الإرهاب المنفلت تغطيه أجهزة وجيوش الاحتلال كافة، ويعتمد أولئك المستوطنون المدججون بالأسلحة لغة الأرض المحروقة منهجية وممارسة متصاعدة من يوم إلى يوم في علاقتهم مع الفلسطينيين .غير أن ما لوحظ في الآونة الأخيرة انتقال الإرهابيين اليهود إلى مستوى خطر من الاعتداءات على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
ففي منهجية الاعتداءات على الأماكن المقدسة، كانت جريمة إحراق الأقصى المبارك في الحادي والعشرين من آب/ 1969 فاتحة مسلسل الجرائم الصهيونية ضد الأماكن المقدسة، بعد العدوان و الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية في حزيران 1967، إلا أن سجل دولة الاحتلال في اقتراف الجرائم ضد المساجد والكنائس والمقابر يعود إلى عهد التنظيمات الإرهابية الصهيونية، وإلى بدايات إقامة الدولة العبرية في فلسطين.
فمنذ إقامة تلك الدولة وحتى عام 1950، أي خلال عامين فقط أقدمت إسرائيل على هدم وتدمير 1200 مسجد- كما يؤكد الباحث الفلسطيني في مؤسسة الأقصى لرعاية المقدسات الإسلامية في فلسطين 1948 الشيخ أحمد فتحي خليفة- موضحاً: أن عملية هدم المساجد لم تكن مسألة عابرة يسيرة بل إن قوات الاحتلال لجأت إلى استخدام المتفجرات كما فعلوا في مسجد قرية الدامون المدمرة الواقعة في مدخل قرية عابود بالجليل.
مضيفاً: أن سنوات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي شهدت عمليات تدمير وانتهاكات متفرقة ضد المساجد والكنائس، وكان من أبرزها: هدم ثلاثة مساجد في العقد الأخير من القرن العشرين، وهي مسجد أم الفرج في الجليل الغربي، ومسجد وادي الحوارث الساحلية الواقعة جنوب الخضيرة، ومسجد قرية صرفند الساحلية جنوب حيفا، بينما جاء في تقرير لمؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان أن دولة وقوات الاحتلال أقدمت خلال انتفاضة الأقصى على سبيل المثال، على جملة اعتداءات وصلت أحياناً إلى استخدام قذائف المدفعية والدبابات وصورايخ الطائرات ضد المساجد والكنائس مما أدى إلى هدم وتدمير عدد منها تدميراً كلياً وبعضها جزئياً، ومنها: مسجد الخضرة في نابلس، مسجد مخيم جنين، مسجد معاذ بن جبل في كفرقليل قضاء نابلس، ومسجد عبد الله عزام في بيت حانون، مسجد النور في رفح، مسجد دير البلح، ومسجد زكريا في الرملة، مسجد شهاب الدين في الناصرة، مسجد تل الملح في النقب.
سجل الاعتداءات على المقدسات المسيحية
"المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة"، بهذه الترانيم تعمر الكنائس بالمؤمنين المسيحيين الداعين إلى السلام والمحبة في فلسطين، حيث تتعرض صهيونية لا ترحم بهدف إلغاء الآخر الديني في المدينة المقدسة، عبر الاعتداءات والاقتحامات وعمليات الحرق للكنائس والأديرة، وكذلك عبر المصادرات والتهويد، خاصًة في مركز الوجود المسيحي في القدس وبيت لحم وبين جالا وبيت ساحور، وصولاً إلى الأماكن الأخرى المتفرقة التي تنتشر فيها أماكن مقدسة مسيحية. وكما يجرى مع المسلمين من منعهم من الوصول إلى مساجدهم، كذلك يمنع الاحتلال المسيحيين من الوصول إلى مقدساتهم خاصة إلى كنسية القيامة في القدس.
وقد حذر المؤتمر الوطني الشعبي للقدس من الهجمة الاحتلالية المنظمة لتصفية واستهداف الوجود المسيحي الفلسطيني في القدس المحتلة، عبر عملية التهويد المتصاعدة، لتغيير حضور ومكانة المدينة المقدسة، ولتعزيز الطابع اليهودي، وطمس الهوية المسيحية- الإسلامية وترحيلها عنها، مستنكرة ما قامت به مجموعات من المستوطنين المتطرفين بكتابة شعارات مسيئة على جدران دير الصليب المقدس في المدينة المقدسة معادية للسيد المسيح والكنسية بشكل عام،مشيرة إلى أن ذلك لن ينتقص من مكانة الديانة المسيحية بل من قاموا بفعل ذلك عن عمد بسبق الإصرار والترصد- وكالات الأنباء -2012/2/9.
وفي السياق ذاته نبه المؤتمر الوطني الشعبي للقدس من مخاطر المخطط الاحتلالي الذي أعلنته بلدية القدس المحتلة بإقامة مركز تجاري وموقف خاص سيقام على أراض تابعة لدير الأرمن في البلدة القديمة البالغة مساحتها أربعة دونمات، ضمن مخطط تهويدي شامل لتغيير الملامح المسيحية الإسلامية في حارة الشرف المصادرة عام 1967، مؤكدةً أن كيان الاحتلال يسعى على قدم وساق لتصفية الوجود المسيحي برمته عبر اتباع إستراتيجية إقصاء الآخر واحتكار الزمان والمكان والتاريخ والجغرافيا والديمغرافية لصالح سياساتها العنصرية الرامية للسيطرة الكاملة على روح المدنية المقدسة. وناشد المؤتمر العالم أجمع خاصةً الفاتيكان بضرورة استدعاء الحماية الدولية للأماكن المسيحية الدينية المقدسة في القدس المحتلة في ظل تسريع وتكثيف عمليات التهويد خلال السنوات القليلة الماضية حيث تدق أجراس إنذار تُسمع حتى مَن به صَمُم لتقول: إن تصفية الوجود المسيحي سوف يكون الخطوة التالية المباشرة لخلع هيوتها العربية الإسلامية.
أما بالنسبة لسجل الاعتداءات الصهيونية على الأماكن المسيحية المقدسة فهي كثيرة أهمها:
1970/4/25 ليلة عيد القيامة احتل الجنود الصهاينة بطريركية الأقباط الأرثوذكس وكنيستهم.
- 1974/2/25 إحراق 4 مراكز مسيحية.
- 1990/4/11 احتلال فندق ماريو حنا في الدباغة التابع لبطريركية الروم الأرثوذكسية.
- 1992/7/23 هدم كنسية الجلاليا لطائفة الروم الأرثوذكس على جبل الزيتون.
نقلة خطيرة:" الموت للمسيحية"
إلى كل ذلك، نحن نشهد في الآونة الأخيرة نقلة خطيرة من الاعتداءات التي يشنها المستوطنون الإرهابيون على الكنائس والأديرة، لتحقيق أجنداتهم المبيتة في الانتقام من المسيحية وشطب معالمها وتهجير أهلها .
ف"الموت للمسيحية.. سنصلبكم "،هذا ما كتبه المستوطنون الإرهابيون باللغة العبرية على جدران الكنسية المعمدانية في القدس المحتلة في العشرين من شباط الماضي، في سياق حملة تستهدف المقدسات المسيحية في القدس، وكتبت أيضاً إهانات استهدفت السيد المسيح وأمه مريم عليهما السلام ، وبهذا الاعتداء على الكنسية ينتقل الإرهابيون اليهود إلى مرحلة جديدة، ويسجلون فصلاً جديداً من فصول الإرهاب الصهيوني المتواصل ضد الوجود العربي وضد الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
ليس ذلك فحسب، فقائمة الاعتداءات المتصاعدة ضد الكنائس والأديرة والوجود المسيحي طويلة ومفتوحة.
ويبدو أن إقدام الإرهابيين اليهود صباح الثلاثاء2012/9/4 على إحراق مدخل دير اللطرون في القدس لم يكون الأخير، فالنوايا الصهيونية لا تتوقف هنا. وقد وجد المسؤولون عن دير اللطرون شعارات عنصرية خطها المتطرفون اليهود على جدران كنسية دير اللطرون ضد المسيحية. وقالت المصادر: إن المتطرفين اليهود أشعلوا النار في أحد مداخل دير اللطرون وخطوا شعارات عنصرية ضد المسيحية، كما قاموا بكتابة أسماء بؤر استيطانية على جدران الدير.
و تضمنت الكتابات أسماء البؤر الاستيطانية( ماعوز إستر، رمات ميغرون). وتوقيع (دمغة الثمن). كما تضمنت الشعارات العنصرية عبارات تدعو للموت للمسيحيين، والانتقام من العرب. وتشير تقديرات الشرطة الإسرائيلية، وفقاً للموقع أن هذه الكتابات جاءت رداً على إخلاء بؤرة ميغرون المقامة على أراضي المواطنين في رام الله . وأشار المتطرف اليميني باروخ مارزيل، إلى هذه الكتابات بقوله:" لقد قلنا مراراً إن إخلاء ميغرون سوف يشعل النار"، وترى منظمة "جباية- دمغة ثمن" أن أي مكان ديني غير يهودي يشكل تعدياً على اليهود يجب حرقه وتدميره".
وفي وقت سابق، اعتدى أحد اليهود المتطرفين -30/10/2008 على كنسية القيامة في البلدة القديمة في القدس، وتوجه إلى عدد من الرهبان في ساحة القيامة في محاولة منه للاعتداء عليهم، ثم قام بتحطيم عدد من الصلبان الخشبية في أحد المحال التجارية السياحية الملاصقة لكنسية القيامة ، وتوجهت أعداد كبيرة من المواطنين القاطنين حول الكنسية ومن كل الآحياء وتجمهروا في المنطقة وسط تعزيزات شٌرطية تم أستدعاء المزيد منها لإبعاد المواطنين والحيلولة دون وقوع احتكاكات مع اليهود المتطرفين في المنطقة.
وأقدمت مجموعة من المستوطنين المتطرفين على حرق كنسية في شارع الأنبياء في القدس وإتلاف محتوياتها، وعلم أن الجريمة قد تمت بإلقاء زجاجات حارقة أتت على الطابق الأرضي بأكمله.
ويعود تاريخ هذه الكنسية إلى عام 1897، وكانت عبارة عن مبنى لكلية فلسطين للكتاب المقدس حتى عام 1948،حيث تم تهجير كل العاملين فيه إلى البلدة القديمة بعد النكبة الفلسطينية حتى أعيد تأهيله في عام 1967. واستنكر زكريا المشرقي أحد الرعاة في الكنسية، الجريمة التي وصفها ب"النكراء" والتي تهدف إلى زعزعة العلاقة بين الأديان السماوية، وإثارة الفتن بين رجال الدين في المدنية، وطرد الفلسطينيين وابتزازهم من قبل عناصر متطرفة في ظل الاعتداءات المتكررة على المواطنين وممتلكاتهم- عـ4ـ=رب/"معا" 2010/10/30-.
وربما يكون العمل الذي أقدم عليه عضو الكنيست الإسرائيلي ميخائيل بن آري بتمزيق نسخة من الإنجيل الذي وصفه بأنه "كتاب حقير" احتجاجاً على قيام مؤسسة مسيحية توزع الأناجيل بإرساله إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، فقام بن اري العضو عن حزب الاتحاد القومي اليميني المتطرف المعارض بتمزيق نسخة من "كتاب العهود" الذي يحتوي على العهد القديم، إضافة إلى العهد الجديد تلقاه الاثنين-16/7/2012- من جمعية الكتاب المقدس في إسرائيل، وأرفقت رسالة من مدير الجمعية فيكتور كاليشير مع الأناجيل التي قال فيها: إنه يأمل بأن يقوم الكتاب "بتسليط الضوء على الكتب المقدسة ويساعد على فهمها"، وأضاف "نأمل بأن يقوم الكتاب بمساعدتكم وإنارة طريقكم". ونشر موقع إلكتروني إسرائيلي صورة التقطها مساعد بن اري تظهر عضو الكنيست وهو يمزق الكتاب، ونقل الموقع عن بن اري قوله" هذا الكتاب الحقير حفز قتل الملايين من اليهود خلال محاكم التفتيش"، وأضاف "هذا استفزاز تبشيري بشع ومستفز من الكنسية، هذا الكتاب ومرسلوه يجب أن يكونوا في مزبلة التاريخ". وطالب النائب د.جمال زحالقة بتحويل النائب اليميني ميخائيل بن آري إلى المحاكمة الداخلية في لجنة"الطاعة" في الكنسيت، على خلفّية قيامه بتمزيق الإنجيل المقدس بصورة مستفزة أمام الكاميرات. وتحدث زحالقة من على منصة الكنسيت مؤكداً أن العمل الحقير والمنحط الذي قام به بن آري يعّبر عن عقلية عنصرية فاشية، وليس غريباً أن تأتي من ممثل حركة"كاهانا" في الكنسيت.
حظر رموز عيد الميلاد المسيحي
إلى ذلك، كانت الحاخامية الرئيسية في إسرائيل طالبت الفنادق والمطاعم والمقاهي الإسرائيلية بالامتناع عن وضع رموز دينية مسيحية لمناسبة عيد الميلاد، الأمر الذي أثار توتراً بين الدولة العبرية والفاتيكان وهيئات مسيحية أخرى.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية -23/12/2009" أن الحاخامية الرئيسية طالبت الفنادق والمطاعم وأماكن الترفيه الأخرى في إسرائيل بعدم وضع رموز دينية مثل شجرة الميلاد ودمى "سانتا كلوز" في عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية "، وأضافت الصحيفة أن "اللوبى من أجل القيم اليهودية أطلق حملة ضد المطاعم والفنادق التي تعتزم وضع الرموز المسيحية"، ونقلت عن رئيسه عوفر كوهين قوله"إننا ندرس إمكانية نشر أسماء الفنادق والمطاعم والمحال التجارية التي تضع رموزاً دينية مسيحية والدعوة إلى مقاطعتها"، وحسب "يديعوت" فإنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية تلقت العديد من رسائل الاحتجاج بعثتها جهات وهيئات مسيحية، كما تلقى سفير الفاتيكان لدى إسرائيل رسائل احتجاج من جهات وهيئات ووسائل إعلام في العالم، فيما توجّه أعضاء في الكونغرس الأمريكي محتجين إلى السفير الإسرائيلي لدى واشنطن ما يكل أورون.
ولعل من أخطر مظاهر أستهداف المسيحية كان التطاول على رموز الدين المسيحي والسيد المسيح والسيدة مريم العذراء عليهم السلام. في برنامج"الليلة مع ليؤر" في القناة العاشرة الإسرائيلية التي يقدمها ليئور شلاين. وعقد عدد من رجال الدين المسلمين والمسحيين مؤتمراُ صحافياُ في الناصرة أعربوا فيه عن شجبهم واستنكارهم للإساءة لرموز الديانة المسيحية التي جاءت في البرنامج المذكور، وأصدر مجلس الطائفة ومطرانية الروم الأرثوذكس في الناصرة بياناً شجب فيه بشدة الأقوال والتطاول على رموز الدين المسيحي السيد المسيح والسيدة مريم العذراء عليهم السلام كما جاء في البرنامج الذي سماه بالساقط" الليلة مع ليؤر" في القناة العاشرة الذي تعرض وبشكل مسيء ولا يقبله العقل على قدس أقداس الديانة المسيحية، وقال البيان إن من يتباكى ليل نهار في العالم محذراً من أن غول اللاسامية، لا يحق له أن يتمادى على الآخرين حتى بحجة أن بعض رجال الدين المسيحيين ينفون مذبحة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية على أيدي النازيين الألمان، فقط من لا يوجد عنده القدرة على مقارعة الحجة بالحجة يسقط إلى هذه المستويات، وأضاف البيان أن ما قام به المدعو ليؤر والقيمون على القناة العاشرة لم يفاجئنا، لأن من يقتل الأطفال والنساء ويهدم البيوت على رؤوس من فيها في غزة ليس غربياً عليه أن يقوم بمثل هذا العمل القذر".
وتقدم الفاتيكان بشكوى رسمية إلى الحكومة الإسرائيلية ضد القناة العاشرة لديها التي بثت برنامجاً سخر فيه مقدمه من المسيح عيسى وأمه مريم عليهم السلام، واعتبر الفاتيكان أن ما بثه البرنامج يشكل" عملاً عدائياً ومبتذلاً"، وأنه يعبر عن سلوك"غير متسامح تجاه مشاعر المؤمنين بالسيد المسيح". وكان البرنامج قد سخر على امتداد حلقتين من عدد من معجزات السيد المسيح، داعياً إلى عدم تصديق ما قالته عنه الكنسية، كما أثار غضب الأساقفة الكاثوليك في الأرض المقدسة وتقدموا بشكوى ضد القناة.
هذه الأعمال وغيرها أدت إلى نزوح عدد كبير من المسيحيين من القدس- فبعد أن كان عدد المسيحيين في القدس 40 ألفاً أيام الانتداب بعد 1948، ليصل إلى حوالي 25 ألفاً قبل 1967، وانخفض إلى حوالي 4آلاف داخل البلدة القديمة، وإلى أعداد مشابهة خارجها( الأرقام داخل البلدة القديمة موثقة- أما خارجها فبسبب سحب الهويات لا يمكن تحديد العدد).
ومن أهم أسباب التهجير المسيحي هي المضايقات الإسرائيلية- بسبب الدين والسياسة وموقف الفاتيكان الذي قام بالاعتراف بالكيان الصهيوني في 1992، وقد صرح مطران القدس رياح أبو العسل بالنسبة للأوضاع داخل القدس العربية إن"هناك سياسة لتفريغ القدس من المسيحيين الفلسطينيين إذ نقص عددهم 28،000 إلى 8،000 شخص، الأمر الذي يشكل خطراً على الحضور المسيحي والديار المقدسة عامة، وإشارة إلى مؤتمر الأساقفة للكنسية الإنجليكانية في الولايات المتحدة أكد في تموز الماضي عروبة القدس وأنها مفتاح السلام".
وللحد من نشاط رجال الدين المسيحي والمسيحيين أصدر الكنيست الإسرائيلي في 9 نسيان 1991 قانوناً نصت المادة الأخيرة منه على ما يلي:" تلغى جميع الإعفاءات التي كانت تتمتع بها الأماكن الدينية والثقافية والعلمية منذ أجيال في الأراضي المقدسة، في حين أن سلطات الانتداب البريطاني لم تتعرض لهذه الإعفاءات في الفقرات 8و9و12 و13 من قانون الإعفاءات الصادر سنة 1930".
وقد أقدم الاحتلال على هذه الإجراءات بحق الأديرة ودور العلم الأكليريكية والملاجئ ومقر رؤساء الطوائف الخيرة والمحاكم الدينية والمقابر والأملاك والأوقاف الخيرية، لتصفية هذه الممتلكات لمصلحة اليهود، ضاربين عرض الحائط ما تتركه هذه الإجراءات في نفسية العالم المسيحي الذي قدم الملايين في تشييد هذه الكنائس والأديرة والمدارس والمستشفيات، متجاهلين القرار الذي أصدرته هيئة الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1948، وهذا نصه –ضمن قرار التقسيم: لا تجبى ضربية على مكان مقدس وعلى بناء أوقاف ديني كان معفى من الضرائب بصورة تخلق تمييزاً بين مالكي الأماكن والأبنية والمقامات الدينية في وضع أقل من وضعهم يوم وافقت هيئة الأمم المتحدة على هذه القرارات"، وهذا القرار بفرض إسرائيل ضرائب على الكنائس جاء بعد "توقيع الاتفاقية بين الفاتيكان وإسرائيل 10/11/1997"، والتي تم فيها اعتراف الفاتيكان بسيادة إسرائيل على القدس وتعترف بالسيادة الإسرائيلية حينما يطبق القانون الإسرائيلي، وكذلك جاءت بعد وثيقة الفاتيكان التي تعلن عدم تورط الكنيسة في خداع اليهود التي نشرت في 16/3/1998. وقد عقب المحامي إبراهيم قندلفت مسؤول الشؤون المسيحية في السلطة الفلسطينية على قرار فرض الضرائب بالقول"سيكون لهذا القرار الأثر على الكنائس خاصة جميع الكنائس معفاة من أي رسوم أو ضرائب منذ العهد العثماني مروراً بالعهد البريطاني والحكم العثماني ولم تفرض هذه الضرائب منذ احتلالها في عام 1967".
فتصوروا بعد كل ذلك لو أن فلسطينياً أو عربياً أقدم على حرق كنيس يهودي في الضفة الغربية، أو أقدم على حرق خزنة لفائف التوراة في الكنيس، فكيف كانت دولة الاحتلال ستتصرف....؟
وكيف كان المستعمرون المستوطنون ستصرفون...؟
وكذلك الاتحاد الأوروبي...؟
وكذلك الأمم المتحدة....؟
ربما كانت ستقوم الدنيا ولا تقعد أبداً، حتى تقوم قوات الاحتلال ومعها عصابات المستوطنين بحرق الأخضر واليابس في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية كافة، ناهيكم عن حرق المساجد والكنائس والكتب المقدسة، وربما حتى إحراق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة... وناهيكم عن أعمال القتل والفتك ضد الأطفال والنساء والشيوخ.. أليس كذلك الحال...؟
لكن وحيث إن الذين يقومون بالاعتداءات والحرق والتخريب هم المستوطنون الصهاينة وجنود الاحتلال.. وحيث إن المساجد والكنائس والمقدسات والمعالم العربية التي تتعرض للحرق والتخريب والاغتيال، فلا بأس لدى العالم المذكور ببيان إدانة.. وكفى الله المؤمنين شر القتال....!.
أهم المقدسات المسيحية في مدينة القدس:
1.كنيسة القيامة:
تحتوي كنيسة القيامة على قبر السيد المسيح عليه السلام، كما تحتوي على قبور يوسف الراعي وأسرته، إضافة إلى قبور أخرى تضم رفات بعض قادة الصليبيين.
أول من بنى الكنيسة كانت الملكة "هيلانة" عام 335م بعد اكتشاف الصليب الذي صلب فيه السيد المسيح في الموقع نفسه.
وفي عام 614م أحرقت الكنيسة على أيدي الفرس ليعيد بناءها الراهب"مود ستوس" بعد عامين من الحريق. لكنها تعرضت لحريق آخر في عهد "الإخشيدي" سلطان مصر عام 965م وأعيد إعمارها عام 980م، ثم هدمت بكاملها وبنيت مرة أخرى إلى أن جاء الصليبيون فأجروا عليها الترميمات اللازمة، ووحّدوا أبنيتها ومعابدها وجمعوها في بناية واحدة.
من ناحيته لم يتعرض القائد صلاح الدين الأيوبي للكنيسة عندما حرّر القدس ودحر الصليبيين، بل حافظ عليها واحترم مكانتها الدينية.
في عام 1808م أتى على كنيسة القيامة حريق كبير دمّر نواحي فنية عديدة فيها، حيث رممت فيما بعد. وفي عام 1934م ضربها زلزال كبير، فيما تعهدت فرنسا وروسيا آنذاك بتمويل نفقات تعميرها على أن يتم ذلك تحت إشراف السلطات العثمانية. وتبع ذلك زلزال آخر عام 1927م أثر على أساساتها ما حدا بسلطات الانتداب البريطاني إلى وضع دعامات حديدية وخشبية لحمايتها من الكوارث الطبيعية.
2. درب الآلام:
هو طريق يعتقد المسيحيون أن" السيد المسيح" قد سلكه حاملاً صليبه عندما ساقه جنود الرومان إلى موقع صلبه.
يتكوّن درب الآلام من 14 مرحلة تبدأ من مدرسة راهبات صهيون حيث الموقع الذي أصدر منه الحاكم الروماني"ثيوش" حكمه بصلب السيد المسيح، وتتجه غرباً إلى منطقة الواد وعقبة المفتي ثم عبر الطريق التي تصل الواد بباب خان الزيت معقبة الخانقاه لتصل إلى القبر المقدس في كنيسة القيامة.
وعلى درب الآلام وقع"المسيح" مغشياً عليه عدة مرات بفعل التعذيب الذي لاقاه وثقل الصليب الذي كان يحمله وتارج الشوك الذي كان يعلو رأسه.
3. كنيسة سيدتنا مريم:
تقع الكنيسة في وادي قدرون في مكان متوسط بين سلوان وجبل الزيتون وباب الأسباط وتحتوي الكنيسة على قبور "مريم البتول" ووالديها وكذلك قبر يوسف النجار وهي بنيت بين عامي 450-457م.
4. كنيسة القديسة حنة (الصلاحية):
تقع الكنيسة شمالي الحرم القدسي قرب باب الأسباط، حيث أتى السيد المسيح في هذا الموقع بإحدى معجزاته. وقد احترقت الكنيسة إبان الغزو الفارسي عام 614م، فاعاد الصليبيون بناءها وتم تحويلها في عهد صلاح الدين الأيوبي إلى مدرسة للفقهاء الشافعيين، ثم تسلمها الفرنسيون من السلطان "عبد الحميد العثماني" عام 1855م فحوّلوها إلى مدرسة.
5. كنيسة الجثمانية:
تقع هذه الكنيسة في المنطقة بين سلوان وجبل الطور وباب الأسباط وكنيسة"سيدتنا مريم". كان قد بناها اللاتين عام 1924م، حيث يعتقد أن الموقع شهد عملية القبض على السيد المسيح عندما وشى به "يهوذا الأسخريوطي".
6. كنيسة العلية:
يقع هذا الدير على قمة جبل صهيون بالقرب من باب الخليل ويعتقد بعض المسيحيين أن"السيد المسيح" تناول وأتباعه في الدير عشاءهم الأخير.
7. كنيسة الصعود:
بنيت على جبل الزيتون في المكان الذي يعتقد أن" السيد المسيح" صعد منه إلى السماء.
8. قبر البستان:
يقع شمالي باب العامود، وقد حفر القبر في الصخرة على هيئة جمجمة أصبحت مزاراً مسيحياً وسياحياً، حيث تعتقد طائفة من البروتستانت أن السيد المسيح صلب في حديقة تقع على مقربة من تلة كان اليهود يرجمون فيها المحكومين ويصلبونهم ويلقون بجثثهم منها إلى وادٍ قريب، ويعتقدون أن هذا هو المكان.
أديرة مقدسة لدى المسيحيين:
إضافة إلى أن هناك العديد من الأديرة المقدسة لدى المسيحيين منتشرة في المدنية المقدسة والضفة وفلسطين.