عشيت عيد الأم من العام 2014 توفيت رقية إبنة الـ 24 عامًا، وهي حامل بجنينها البالغ من العمر شهرًا ونصف شهر، بعدما أطلق زوجها محمد منذر رصاصة إخترقت صدرها، لأنها فقط طلبت الطلاق منه، بسبب العنف المتكرّر الذي كان يمارسه عليها، وتركها تلفظ أنفاسها راكعة أمام غرفة أطفالها لنحو ساعة، قبل أن يطلب المساعدة التي لم تشفع لها، كونها فارقت الحياة.
وبعد مرور سنتان ونصف سنة تقريبًا، شهدت فيهما القضية محاولات متكرّرة للتنكّر للجرم المرتكب بحقّ الضحية، بدءًا من تقرير الطبيب الشرعي المُختصر الذي تغافل عن الكدمات التي بدت على جسدها، وخصوصًا رقبتها، مرورًا بتخلية سبيل القاتل بعد صدور القرار الظنيّ في حزيران 2015 بكفالة ماليّة، وصولاً إلى تواريه.
أصدرت أمس محكمة جنايات جبل لبنان برئاسة القاضي هنري خوري حكمها في قضية قتل رقية منذر، وحكمت على المتّهم زوجها محمد منذر بعقوبة الأشغال الشاقّة لمدة 22 عامًا، وألزمته بدفع تعويض عطل وضرر، ليكون بذلك حكمًا منصفًا للنساء ضحايا العنف الزوجي.
فقد إستند القاضي خوري في حكمه الغيابي رقم 0091 الصادر في 13/12/2016، إلى المادة 547/عقوبات المتعلّقة بالقتل العمد لفرض عقوبة الأشغال الشاقة لمدة 20 عامًا والمادة 72/أسلحة لفرض عقوبة السجن لمدّة سنتين، بحقّ زوجها محمد منذر (مواليد 1988) الذي تخلّف عن حضور جلسات المحاكمة، وإعتبره فارًا من وجه العدالة، مطالبًا بإنفاذ مذكّرة إلقاء القبض الصادرة بحقّه، إضافة إلى إلزامه بدفع مبلغ 180 مليون ليرة لبنانيّة بدل العطل والضرر للجهة المدّعية (أهل الضحية).
إلّا أن الحكم الصادر، يعدّ الحكم العادل الأوّل بحقّ قتلة النساء منذ صدور قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري عام 2014، ولكنّه يبقى ناقصًا بإنتظار توقيف القاتل.
ومن المؤكد هنا أن عين القضاة ساهرة، تلاحق المجرم، القاتل والمعنّف، لن يفلت المجرم من العقوبة، خير مؤشر على ذلك أن القضاء إدعى على زوجي الضحيتين كريستال أبو شقرا ورقية منذر بينما تنتظر رولا يعقوب ومنال عاصي وأخريات صوت العدالة، وفي هذا السياق إدعى المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامر ليشع على روي الحايك، الزوج السابق لضحية العنف الأسري كريستال أبو شقرا الذي أخلي سبيله منذ حوالى الشهرين، بجرم التسبب بإنتحار وفقًا للمادة 553 من قانون العقوبات وأحيل الملف إلى قاضي التحقيق في جبل لبنان جوزيف صفير.
فهل بدأت العدالة في لبنان أخيرًا بإنصاف ضحايا العنف الأسري في لبنان؟