أسئلة ما بعد الحرب كثيرة إذ أنها تؤسس لمراحل طويلة وكبيرة تمسّ المنطقة كلها وشعوبها بتشعباتها السياسية والعرقية والطائفية والمذهبية، وكذلك هي الحال بعد أي انتصار في أي معركة إذ تفرض لحظة الإنتصار نفسها ليتم التعامل معها بما تقتضيه المرحلة فما بعد الحرب ليس كما قبله وكذلك ما بعد الإنتصار ليس كما قبله .
انتصرت حلب أو سقطت عادت للنظام أم هي محتلة؟ لا تهم التسميات الآن بل المهم هو ماذا بعد ؟
حقق حزب الله خياره بما يعتبره انتصارا في حلب، وها هو يحتفل اليوم بهذا الإنجاز التاريخي الكبير وقد يطل بعد أيام الأمين العام للحزب ليتحدث عن هذا الإنجاز وعظمته وأهميته على مستوى المنطقة والعالم، وها نحن نترقب كيف سيتعامل حزب الله مع هذا الإنجاز؟ أين سيُصرف؟ في أي سوق؟ في أي مزاد؟ في ظل هذه المنطقة الملتهبة.
في خضمّ الإنتظار لما سيقوله حزب الله ولما ستؤول إليه الأمور في المنطقة بعد سقوط حلب ثمّة تساؤلات خارج نطاق السياسة على حزب الله وأمينه العام تحديدا أن يجيب عليها، تلك التساؤلات تتصل بمصيرالطائفة الشيعة في سوريا والمنطقة، أي مستقبل؟ وأي دور؟
الإجابات المتوفرة الآن ليست إيجابية وربما على المدى الطويل سيتحمل الشيعي اللبناني خصوصا والعربي عموما تبعات هذا الإنتصار بمضمونها السلبي لأن ثمن هذا الإنغماس في حلب وسوريا سيظهر عاجلا أم آجلا وستتكوّن يوما بعد يوم النواة السلبية لهذا الإنغماس وهذا المسمى انتصار، وسيكون الشيعة الحلقة الأضعف في مزادات ما بعد الإنتصار حيث شهد العالم كله هذا التحدي الذي فرضه الشيعة على أنفسهم من خلال قرارات حزب الله الإيرانية، وبالتالي أضحت الطائفة كلها ضحية.
هذا الإنتصار سيكون عمره قصيرا جدا ولن تدوم فرحته كثيرا وما بعده أسوأ بكثير مما قبله.
إن مقتل 300 الف مواطن سوري وتهجير ونزوح 12 مليون آخرين لن يؤدي إلا إلى المزيد من العنف والكراهية، هذه الكراهية التي ستحكم المنطقة لمدة عشرين عاما أو أكثر وتلك هي الضريبة التي سيدفها الشيعة، وهذا هو الثمن المنطقي لانتصار حلب الذي لم نعرف بعد على من ؟ وضد من ؟ وإلى جانب من ؟
الأسئلة كثيرة وقد لا تنتهي وإن حزب الله اليوم يعتبر مسؤولا عن تقديم الإجابات المقنعة التي تستطيع أن تجنب الطائفة الشيعية في المنطقة تبعات هذا التورط الخطير في الموت السوري .
والسؤال الأخير الأبرز والأهم هل ستكون الطائفة الشيعية ضحية هذا الإنتصار؟ والجواب هو نعم لأن انتصارا من هذا النوع وبهذا الشكل وبهذه الخلفيات هو انتصار غير محسوب النتائج والتبعات وسيؤدي إلى مزيد من الحقد والكراهية بين المذاهب والأديان وستكون الضحية الأولى هي الطائفة الشيعية.