أعلنت إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما أنها قررت تقييد الدعم العسكري للحملة التي تقودها السعودية في اليمن بسبب ما أسمته مخاوف بشأن المدنيين.
وقال مسؤول أميركي، رفض الكشف عن اسمه، لرويترز “لقد قررنا ألا نمضي في مبيعات القنابل المسقطة من الجو والقذائف الموجهة.”
وتعكس هذه الخطوة إحباطا من إدارة أوباما بسبب تمسك السعودية بإقامة علاقات متوازنة بين البلدين، ومعارضتها للاتفاق النووي مع إيران.
وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة قررت تقييد الدعم العسكري للحملة التي تقودها السعودية في اليمن بسبب مخاوف بشأن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى المدنيين، وإنها ستعلق مبيعات أسلحة مزمعة للمملكة.
وستعلق الولايات المتحدة أيضا صفقة تتضمن أسلحة دقيقة التهديف كان من المخطط تسلميها إلى الرياض.
وستعيد واشنطن هيكلة نظم التدريبات المستقبلية لأفراد سلاح الطيران السعودي للتركيز على تحسين دقة الاستهداف، والذي كان مصدر قلق واشنطن في الآونة الأخيرة.
كما ستعزز الولايات المتحدة إجراءات عاجلة لمساعدة القوات السعودية على تأمين الحدود الجنوبية مع اليمن.
وأوضح المسؤول “لقد تقدم السعوديون بطلبات ملحة من أجل تبادل المزيد من المعلومات الاستخباراتية معنا، ومن أجل مساعدتهم على تأمين الحدود”.
وأكد المسوؤول الاميركي أن عمليات التزود بالوقود في الجو، التي تقوم بها طائرات أميركية في مساعدة الطائرات السعودية “ستستمر كما هي”.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في أغسطس الماضي أن وزارة الخارجية وافقت على بيع محتمل لعتاد عسكري بقيمة 1.15 مليار دولار للسعودية يشمل أكثر من 130 دبابة أبرامز و20 مدرعة.
وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التي تشرف على مبيعات الأسلحة للخارج إن الصفقة “ستعزز قدرات القوات البرية السعودية في العمليات مع القوات الأميركية وتدل على التزام الولايات المتحدة حيال أمن السعودية وتحديث قواتها المسلحة”.
وقال مراقبون إن إدارة أوباما تسعى إلى وضع الرئيس الجديد دونالد ترامب في مأزق الموافقة على القرار بغض النظر عن طبيعة العلاقات مع السعودية. وأضافوا أن الإدارة المنتهية ولايتها تريد إسقاط مناخ الأزمة التي جمعت بينها وبين دول الخليج على إدارة ترامب بدل ترك الحرية لها لبناء علاقة جديدة.
وأشار المراقبون إلى أن السعي لمنع حصول السعودية على صفقة جاهزة يعكس إحساس أوباما، وفريقه الذي يستعد للمغادرة بالعجز عن إدارة العلاقة مع الرياض التي وقفت في وجه سعيه للانفتاح على الإيرانيين دون حساب مصالحها.
غازي الحارثي يستبعد إيقاف واشنطن الدعم العسكري للرياض
واستبعد الكاتب السعودي غازي الحارثي إيقاف واشنطن الدعم العسكري للرياض، موضحا أنه يشمل التعاون الاستخباراتي.
وقال الحارثي لـ”العرب” إن الولايات المتحدة قد باعت السعودية قبل أيام أسلحة بقيمة 3 مليارات دولار، الأمر الذي يؤكد المصالح المشتركة بين البلدين.
ومن الواضح أن تعطيل الصفقة نابع من ردة فعل على فشل إدارة الرئيس المنتهية ولايته في الترويج لمبادرة وزيره للخارجية جون كيري حول اليمن، والتي هدفت إلى تأهيل المتمردين الحوثيين أكثر من البحث عن حل سياسي دائم للأزمة اليمنية.
وتساءل هؤلاء المراقبون عن السر الذي يجعل إدارة أوباما تغض الطرف عن انتهاكات الحوثيين في مدن يمنية كثيرة، وأبرزها حصار تعز لأشهر.
ويقول الباحث السعودي عوض الفياض إن إدارة أوباما “تقف موقفا سلبيا تجاه استقرار المنطقة وكل محاولة لإطفاء الحرائق العربية، وهو الدور الذي اضطلعت به السعودية منذ عقود”.
وأكد الفياض لـ”العرب” إن “المشهد الأخير لإدارة أوباما قبل مغادرة البيت الأبيض غير مستغرب، خصوصا وأن السعودية كانت رأس حربة في جهود دول الاعتدال في محيط عربي لا تأبه أميركا أوباما باستقراره، بل كانت جزءا أصيلا من إشعال حرائقه”.
ورغم استهداف المتمردين الحوثيين لمدمرة أميركية في مياه البحر الأحمر مرتين متتاليتين، فإن واشنطن اكتفت برد محدود، ولم تلوح بأي إجراءات عقابية ضدهم، وعلى العكس التقى مسؤولون أميركيون وفدا حوثيا في مسقط أكثر من مرة، ليبدو قرار وقف صفقة الأسلحة ابتزازا للسعودية أكثر منه حرصا على المدنيين.
وترى أوساط خليجية أن التذرع بالأخطاء ضد المدنيين واجهة لتمرير قرار لا يحتكم إلى مسوغات قانونية، فضلا عن تقاليد العلاقات الدبلوماسية، مشيرين إلى أن استهداف المدنيين في نزاعات مختلفة بشكل لا يقارن بما يجري في اليمن مثل مدينة حلب لم يثر إدارة أوباما.
العرب