أصابت التطورات الدراماتيكية في حلب وسيطرة القوات السورية على الأحياء التي كانت تسيطر عليها المعارضة في شرق المدينة تركيا بحرج كبير، الأمر الذي يفسر رد فعل أنقرة، الذي وصف بالشكلي، الغاضب الذي عبرت عنه الحكومة التركية، سواء في المواقف الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية أو من خلال السماح لمظاهرات منددة أمام القنصلية التركية في إسطنبول.
 
واعتبرت أوساط سياسية تركية أن البيان الصادر عن وزارة الخارجية المعبّر عن “الصدمة والغضب” يحاول في مضمونه تدارك الارتباك في الدبلوماسية التركية، خصوصا أن أنقرة ومن خلال مداولاتها مع روسيا، كانت تتوقع سقوط المدينة. فيما تذهب بعض الأصوات السورية المعارضة إلى اتهام تركيا بأنها تقف بشكل غير مباشر وراء سقوط المدينة في سبيل تحقيق أجندة تتعلق بخططها المتعلقة بحملة “درع الفرات”.
 
وتلاحظ أوساط دبلوماسية أوروبية أن الموقف التركي انتقل من كونه طرفا في الصراع ضد نظام الأسد إلى كونه وسيطا يحاول الوصول إلى “تسوية تخفف من معاناة المدنيين”.
 
ورغم إعلان بيان رسمي سوري أن الجيش السوري قد سيطر تماما على الأحياء التي كانت تسيطر عليها المعارضة، إلا أن مسؤولا في حركة نورالدين الزنكي، أبرز الفصائل السورية المعارضة في مدينة حلب، أعلن التوصل إلى اتفاق لإجلاء المدنيين والمقاتلين من شرق حلب برعاية روسية تركية، على أن يدخل حيز التنفيذ خلال ساعات.
 
وقال ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي في حركة نورالدين الزنكي “تم التوصل إلى اتفاق لإجلاء أهالي حلب المدنيين والجرحى والمسلحين بسلاحهم الخفيف من الأحياء المحاصرة في شرق حلب”.
ورأى مراقبون سوريون أن تقدم قوات المعارضة المدعومة من تركيا في مدينة الباب جرى على حساب سحب قوات للمعارضة من الجبهات المطلة على حلب والتي كان يمكن أن تكون داعما للمحاصرين شرق المدينة.
 
واعتبر المعارض السوري المستقل بسام يوسف أن للاتفاق التركي الروسي تداعياته الواضحة على مجمل سير العمليات العسكرية في سوريا، حيث سخّرت تركيا سيطرتها وعلاقتها مع فصائل المعارضة السورية على التحكم في إمدادها كأدوات في هذا الاتفاق”.
 
وأضاف يوسف في تصريح لـ”العرب”، “أُطلقت يد روسيا في حلب، مقابل أن تحجّم تركيا مساحة تواجد قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا إلى مساحات متفق عليها، وكذلك ضمنت روسيا إسكات جبهة الساحل التي تسيطر تركيا على فصائل المعارضة المتواجدة فيها”.
 
ويعتبر دبلوماسيون غربيون مراقبون للوضع السوري أن إعلان تركيا عن اجتماع تركي روسي الأربعاء لبحث موضوع حلب يهدف إلى إعطاء انطباع أن الملف السوري وتطوراته المقبلة بات رهن التوافقات الروسية التركية، لا سيما وأن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أخرج هذا الاجتماع من أي صفة استثنائية واعتبره عاديا.
 
وتحدثت معلومات نقلا عن مصادر محلية في المنطقة، أن قوات النظام والميليشيات المدعومة من إيران، شرعت بقتل عدد كبير من المدنيين في حيي الفردوس والكلاسة بالجزء الشرقي من حلب، وشمل ذلك إحراق نساء وأطفال وهم أحياء. فيما تحدثت تقارير الأمم المتحدة عن قتل قوات تابعة للنظام 82 مدنيا بينهم 11 امرأة و13 طفلا شرقي حلب.
 
وقال الأمير زيد رعد الحسين، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إن الأمم المتحدة تلقت معلومات من “مصادر موثوقة” بارتكاب النظام السوري والميليشيات الداعمة له “إعدامات جماعية”، في حلب.
 
العرب