لماذا تأخرت مراسيم الحكومة؟
على الأقل، لا جواب عند الرئيس نبيه برّي الذي قال لزواره أن «لا مبرر لتأخير تشكيل الحكومة ما دامت كل الأطراف أخذت حصتها من الحقائب إن كانت سيادية أو خدماتية أو دون ذلك»، كاشفاً أن «تفاهماً تمّ في بعبدا على هامش تقبل التهاني في عيد الاستقلال، بأن تكون الحكومة ثلاثينية لترضي كل الاطراف».
وفي «بيت الوسط»، وبعد ليل حافل بالاتصالات واللقاءات المكوكية، كشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن العقد في طريقها إلى الحل. وجزمت هذه المصادر أن الرئيس المكلف سعد الحريري لن يتوجه إلى قصر بعبدا ما لم تكن تشكيلة الحكومة سواء أكانت من 24 وزيراً أم 30 وزيراً، في جيبه، لأن القضية اشبعت درساً، ولا حاجة بعد للأخذ والرد، إنما لاعلان المراسيم.
ولم تخف هذه المصادر أن تذليل العقد يجري على قدم وساق بين المفوضين المعنيين، سواء في بعبدا (الوزير جبران باسيل) أو «بيت الوسط» (المستشاران غطاس خوري ونادر الحريري)، فضلاً عن عين التينة حيث يلعب دور صلة الوصل وزير المال علي حسن خليل بصفته المعاون السياسي للرئيس برّي.
ولم تشأ المصادر أيضاً أن تضرب موعداً لصدور المراسيم، لكنها تحدثت عن اليوم أو غداً، مرجحة تأخيراً طفيفاً لسببين:
الأوّل يتعلق بتبريد الأجواء بعد عاصفة التصريحات التي أدلى بها رئيس «المردة» من بكركي وعين التينة، سواء المتعلقة بالموقف من الرئيس ميشال عون، أو بالكشف عن أن الرئيس برّي اعطاه حقه بقبوله التنازل عن حقيبة الاشغال لصالحه، مستبقاً التفاهم بين الرئيسين عون والحريري على تكريس أن تكون الاشغال من حصة «المردة».
وكشف مصدر مقرّب أن هذه النقطة اقتربت من نهايتها، سواء في ما خص بعبدا، أو معراب.
والسبب الثاني يتعلق بارضاء حزب الكتائب سواء بالنسبة للشخص أو الحقيبة، أو الانتماء الطائفي (الطوائف المسيحية).
وترددت معلومات انه في حال رغب رئيس الحزب النائب سامي الجميل بأن يتمثل في الحكومة، فان المقدّر ان تكون الحكومة من 30 وزيراً، أو أن يتنازل «التيار الوطني الحر» عن ماروني من حصته في حال كانت الحكومة من 24 وزيراً، وإلا فإن الوزير السابق سليم الصايغ سيكون ممثّل الحزب في الحكومة.
ولا تستبعد المصادر وجود سبب ثالث يتعلق بصيغة التشكيلة الحكومية، بعدما بات خيار الـ30 وزيراً شبه محسوم، مشيرة إلى ان هذه الصيغة من شأنها ان تؤمن تمثيل الكتائب بشخص رئيسها الجميّل، وكذلك الحزب القومي بشخص رئيس النائب أسعد حردان (من الأرثوذكس) والنائب طلال أرسلان، بالإضافة إلى حبيب افرام عن الاقليايت.
وكشفت إن «التيار الوطني الحر» يرشح رومل جابر، وهو رجل أعمال للتربية، على أن يكون الوزير في حكومة تصريف الأعمال الياس بوصعب وزيراً للدفاع ونائباً لرئيس الحكومة، أو الوزير السابق يعقوب ا لصراف.
وقالت ان الوزير الشيعي السادس من حصة الرئيس برّي سيسميه هو شخصياً لدى صعوده إلى بعبدا لإصدار المراسيم.
غير أن مصادر وزارية نقلت عن أوساط الرئيس المكلف، أن ولادة الحكومة مرجحة اليوم أو غداً على أبعد تقدير، من دون أن تكشف عن مسار تمثيل حزب الكتائب.
وفي معلومات مصادر متابعة لعملية التأليف أن «القوات اللبنانية» تتجه للموافقة على أن تكون حقيبة الصحة من حصتها بدلاً من «الاشغال» التي تنازل عنها الرئيس برّي لحليفه النائب فرنجية.
وكشفت أن الرئيس المكلف لم يتبلغ بعد هذا الموقف من «القوات» لكن نقل عن الوزير المرشح لتولي حقيبة الإعلام ملحم رياشي قوله ان موقف «القوات» سيكون ايجابياً.
وتوقعت المصادر أن تنجز التشكيلة الحكومية اليوم أو غداً إذا لم يحصل أي أمر مفاجئ، لكنها لفتت إلى انه حتى مساء أمس، لم يكن أي اتصال قد جرى بين الرئيسين عون والحريري للتفاهم على موعد الزيارة لبعبدا.
ولفتت المصادر إلى أن 80 في المائة من التشكيلة التي عممت أمس في بعض الوسائل الإعلامية، صحيح، باستثناء أسماء ثلاثة او أربعة مرشحين لدخول الحكومة، مشيرة إلى ان الاتجاه ما زال يميل إلى تشكيلة من 24 وزيراً، كاشفة بأن الوزير خليل تمنى على الرئيس الحريري أمس الاول، باسم الرئيس بري، توسيع التشكيلة الى 30 وزيراً، لكن الرئيس الحريري لم يكن متحمساً لهذا الأمر.
وقالت أن «القوات» تميل إلى إرضاء زحلة في التشكيلة، ولهذا رشحت النائب جوزيف المعلوف (روم ارثوذكس) لمنصب نائب رئيس الحكومة ووزير دولة لشؤون مجلس النواب، الا أن إعطاء هذا المنصب «للقوات» يفترض ان تكون الحكومة من 30 في حين أن صيغة الـ24 تلحظ أن يكون نائب رئيس الحكومة وزيراً للدفاع، بحسب ما كان الوضع في حكومة تصريف الاعمال، وان يكون ارثوذكسياً، ولهذا فان ترشيح النائب السابق مروان أبو فاضل لحقيبة الدفاع غير دقيق، وما زال الاسم ملك الرئيس عون.
الثوابت
ومهما كان من أمر فإن الثوابت في التشكيلة الحكومية المفترضة هم:
عن الموارنة: اثنان من «التيار الوطني الحر» هما: جبران باسيل للخارجية وسيزار أبي خليل للطاقة، وواحد عن «القوات» هو فادي سعد للصحة إذا حسمت لها أو التربية، وواحد «للمردة» هو يوسف فنيانوس للاشغال، وواحد من حصة «المستقبل» هو الدكتور غطاس خوري للاقتصاد.
عن الارثوذكس (3 مقاعد) الثابت بينهم هو الوزير الياس بو صعب إذا حسمت حقيبة التربية للتيار الوطني الحر، أو ان يكون يعقوب الصرّاف، وهناك أيضاً وزير من حصة «القوات» يتأرجح بين غسّان حاصباني أو جوزف المعلوف من دون ان تعرف حقيبته.
عن الكاثوليك اثنان ثابتان هما ملحم رياشي للاعلام وميشال فرعون للسياحة.
وعن الأقليات واحد من حصة الرئيس عون هو حبيب افرام للثقافة، ووزير عن الأرمن الارثوذكس هو افاديس كادينان.
عن السنة: 5 بينهم 4 وزراء «للمستقبل» هم إضافة إلى الرئيس الحريري، نهاد المشنوق للداخلية، جمال الجراح للاتصالات، محمّد كبارة أو معين المرعبي للشؤون الاجتماعية.
اما السني الخامس فسيكون من حصة الرئيس عون الذي يرشح اما الوزير السابق فيصل كرامي أو عبد الرحيم مراد.
عن الشيعة: 5 بينهم اثنان لحركة «أمل» واثنان «لحزب الله» على ان يكون الخامس للحزب القومي الذي يرشح علي قانصو أو قاسم صالح للعمل، والثابت من الوزراء الشيعة هم: علي حسن خليل للمالية وغازي زعيتر للزراعة (عن حركة أمل)، ومحمّد فنيش للشباب والرياضة وحسين الحاج حسن للصناعة.
وعن الدروز اثنان من حصة الحزب الاشتراكي وهما: مروان حمادة للعدل وايمن شقير للبيئة أو المهجرين.
تكتل الإصلاح
وفيما قالت مصادر «التيار الوطني الحر» من الكلام حول الملف الحكومي، بعد ان يمَّم التيار تحركه باتجاه الكتل النيابية للتفاهم على وضع قانون الانتخاب على النار، بصرف النظر عن عملية تسارع الحكومة، اختصر أمين سر تكتل الإصلاح والتغيير النائب إبراهيم كنعان بعد اجتماع التكتل الأسبوعي، الموقف من إعطاء الاشغال للمردة بأن جهة ارادت التنازل عن هذه الحقيبة، ولكن ليصبح ذلك واقعاً فإنه يتطلب موافقة كل من الرئيسين عون والحريري.
وابلغت مصادر التكتل «اللواء» ان المعطيات المتصلة بملف تأليف الحكومة تُشير إلى ان ساعات قليلة تفصل عن إعلان التشكيلة الحكومية، أو ربما أيام، إذا استدعت الحاجة لبعض اللمسات، مؤكدة ان التكتل لم يبحث في تفاصيل توزيع الحقائب النهائية ولا حتى في المفاوضات التي جرت مع حزب «القوات اللبنانية» بشأن التنازل عن أي حقيبة مقابل «الصحة».
وأوضحت المصادر ان الأنباء عن توسيع الحكومة لتضم 30 وزيراً غير مؤكدة، لأن المساعي التي انجزت لولادة الحكومة استقرت على الـ24 وزيراً، الا إذا طرأ أمر جديد.
ونفت مصادر التكتل ان يكون البحث داخل الاجتماع أمس تناول أي ردّ على ما ذكره النائب فرنجية من عين التينة حول تنازل الرئيس برّي عن حقيبة الاشغال لمصلحته.
إلى ذلك تحدثت المصادر عن جدية لمسها وفد التكتل من الأفرقاء السياسيين للوصول إلى نتيجة بشأن قانون الانتخابات النيابية، لافتة إلى عدم وجود نص للقانون النسبي وممانعة في الوقت عينه لاجراء الانتخابات وفق قانون الستين.
وأشارت إلى وجود ثقة بين مختلف الأطراف لانتاج قانون جديد، مؤكدة ان جولة نواب التكتل متواصلة اليوم أيضاً.
وكان الوفد النيابي المنبثق عن التكتل جال أمس لهذا الغرض لدى كل من الرئيس الحريري ورئيس الكتائب في الصيفي.
موفدة أميركية
في هذا الوقت، لم تخرج زيارة الموفدة الأميركية وهي مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون إلى بيروت، حيث التقت كلاً من الرئيسين عون والحريري وقائد الجيش العماد جان قهوجي، عن إطار الوعود بتقديم المساعدات للجيش والاستعداد للتعاون في المجالات كافة، ولا سيما في دعم لبنان سياسياً وامنياً ومالياً لتمكينه من مواجهة الاستحقاقات المرتقبة.
وابلغت باترسون الرئيس عون بأنها كانت في الدوحة قبل وصولها إلى بيروت، وانها تحدثت مع المسؤولين القطريين لمساعدة لبنان في المرحلة المقبلة، كما ان وزير الخارجية جون كيري سيتحدث بدوره مع المسؤولين السعويين في هذا الإطار، وأوضحت ان تغيير الإدارة الأميركية من الديمقراطيين إلى الجمهوريين لن يغير من الثوابت الأميركية تجاه لبنان.
وفي المعلومات الرسمية، ان الرئيس عون شكر باترسون على زيارتها وحملها تحياته الى الوزير كيري، ورغبة لبنان في استمرار المساعدات الاميركية للجيش والمؤسسات الامنية لتمكينها من القيام بمهماتها كاملة، «ولا سيما أن الجيش حقق نجاحات كبيرة في العمليات الامنية الاستباقية التي يقوم بها في اطار حربه على الارهاب».
وأبلغ عون المسؤولة الاميركية أن «الارتياح الاقليمي والدولي الذي تحقق بعد الانتخابات الرئاسية يعطي زخما لمسيرة النهوض التي انطلقت والتي سوف تتعزز بعد تشكيل الحكومة الجديدة قريبا».
 DNA لأهالي العسكريين
وفي تطوّر جديد يتصل بمصير العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش»، علم ان الأمن العام طلب من أهالي هؤلاء العسكريين اجراء فحوص الحمض النووي DNA لدى الأمن العام، بعد أكثر من سنتين و4 أشهر على خطف ابنائهم في آب من العام 2014 في عرسال.
وتزامن هذا الطلب مع تداول معلومات تفيد عن تسلم الجانب اللبناني ست جثث أو أقل يعتقد انها تعود للعسكريين المخطوفين، وشكل هذا الأمر انزعاجاً وقلقاً لدى الأهالي، قبل ان يأتيهم لاحقاً تأكيد رسمي بأن الجانب اللبناني لم يتسلم أي جثث، وأن هذه الجثث عثر عليها الجيش السوري في إحدى المناطق التي سيطر عليها من «داعش» وهي منطقة قريبة جداً من الحدود اللبنانية، بحسب ما أفاد الوسيط الجديد الذي يعمل على هذا الملف، وهذا الأمر هو الذي دفع بالأمن العام إلى طلب فحوص DNA من الأهالي بقصد إرسالها الي سوريا لمقارنتها مع الجثث المجهولة.