يبدو أن «الحَلّ» الوزاري قد اقترب من خواتميه، بحيث يُرجّح أن تولد الحكومة بين اليوم والغد، بعدما عولجت العقد الاساسية وتم التوفيق بين مطالب الرئيس نبيه بري و «التيار الحر» و «القوات اللبنانية» والنائب سليمان فرنجية، على قاعدة «خذ وهات». وعليه، لم يعد يؤخر الإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة سوى بعض «الرتوش» المتفرقة التي يُفترض ان تُنجز خلال الساعات المقبلة.
ويمكن القول إن ولادة الحكومة باتت تنتظر بشكل اساسي حسم مسألة العدد بعدما تقدمت مجدداً معادلة الـ 30 وزيراً، بقوة دفع من الرئيس بري وحزب الله، علما ان الأخذ بهذا السيناريو سيرتب تعديلات وإضافات جديدة، إنما من دون ان تؤثر على التسويات التي تمت حول الحقائب الخلافية.
ومن المتوقع ان يزور الرئيس سعد الحريري اليوم الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، ليعرض عليه صيغتين حكوميتين، واحدة مؤلفة من 24 وزيرا وأخرى مكوّنة من 30، على ان يجري اعتماد احداهما، مع أرجحية للتركيبة الثلاثينية التي قد تفرضها ضرورات توسيع مروحة المشاركة، وصولا الى توزير النائب طلال ارسلان، والحزب السوري القومي الاجتماعي (اسعد حردان على الارجح)، وحزب الكتائب.
ومع اتمام التسويات حول الحقائب الخلافية، يمكن رسم صورة تقريبية لبعض المعالم الاساسية للكائن الحكومي المرتقب، على الشكل الآتي:
ـ «حركة أمل»: المال (علي حسن خليل) والزراعة (غازي زعيتر).
ـ «حزب الله»: الشباب والرياضة (محمد فنيش) والصناعة (حسين الحاج حسن).
ويسمي بري الوزير الشيعي الخامس عند اصدار المراسيم، فيما تردد أن رئيس المجلس سيطلب منح حقيبة لهذا الوزير، بعد تخلّيه عن «الأشغال» وقبوله بـ«الزراعة».
ـ «تيار المستقبل»: الحريري (رئيساً للحكومة)، الداخلية (نهاد المشنوق)، الاتصالات (جمال الجراح)، العمل (محمد كبارة)، وغطاس خوري ووزير أرمني أو من الأقليات.
ـ «تيار المردة»: الأشغال (يوسف فنيانوس).
ـ «القوات اللبنانية»: الصحة (غسان الحاصباني) والاعلام (ملحم رياشي) والشؤون الاجتماعية (بيار ابي عاصي)، الى جانب منصب نائب رئيس الحكومة.
ـ «التيار الحر»: الخارجية (جبران باسيل)، الطاقة (سيزار ابي خليل) والتربية (رومل صابر).
ـ «اللقاء الديموقراطي»: العدل (مروان حمادة) والبيئة (أيمن شقير).
ـ ميشال فرعون( السياحة).
وسيتمثل «الطاشناق» ايضا بوزير مع حقيبة، وكذلك الأمر بالنسبة الى الأقليات.
كما أن حصة رئيس الجمهورية ستشمل وزيرين مسيحيين قد يكون أحدهما يعقوب الصراف للدفاع، وآخر سني.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «السفير» إن تشكيلة الـ24 وزيراً لا تسمح بتمثيل «الكتائب» و «القومي» وإرسلان، الامر الذي من شأنه ان يسبب خللا في معادلة الوحدة الوطنية التي ستكون مبتورة من دون مشاركة تلك القوى التي تملك حيثيات سياسية وتمثيلية، ولو متفاوتة الوزن.
وأشارت المصادر الى انه تبين ان تمثيل «الكتائب»، ضمن صيغة الـ24 وزيرا قد يأتي على حساب الوزير ميشال فرعون، وهو الامر الذي يرفضه كل من الحريري و«القوات اللبنانية».
وأكدت أوساط بارزة في «التيار الحر» لـ«السفير» أنه ليست للتيار مشكلة في أن يمنح الرئيس بري حقيبة الأشغال الى النائب فرنجية، لافتة الانتباه الى انها كانت مدرجة في إطار حصة رئيس المجلس، وبالتالي فمن حقه ان يتصرف بهذه الحقيبة بالطريقة التي يعتقد انها مناسبة.
بري: لا مبرر للتأخير
وقال الرئيس نبيه بري امام زواره إنه منذ الثالثة بعد ظهر الاثنين الماضي لم يعد هناك ما يبرر التأخير في اصدار مراسيم تشكيل الحكومة، لافتاً الانتباه الى ان كل فريق أخذ حصته وزيادة من الحقائب سواء كانت سيادية ام خدماتية ام عادية.
وسئل عما إذا كانت هناك عراقيل جديدة قد طرأت، فأجاب: بصراحة.. لا أعرف شخصياً ما هو السبب الذي لا يزال يؤخر انجاز التأليف.
وحول الشكل النهائي للحكومة التي تتأرجح بين 24 و30 وزيراً، أوضح بري انه خلال اجتماعه مع الرئيسين عون والحريري «اتفقنا على حكومة وحدة وطنية من 30 وزيرا، وكان من المفترض ان تولد قبل عيد الاستقلال، وحتى الآن لم اسمع ان هناك تراجعا عن هذه التركيبة».
وأضاف: إذا أردنا ان نذهب الى خيار حكومة الوحدة، يجب ان تتمثل كل الاطراف، لأن استثناء أي فريق يفرغها من مفهوم الوحدة الوطنية.
تفاؤل بعبدا
وفي سياق متصل، نقل زوار الرئيس عون عنه قوله إن الاتصالات مستمرة لتشكيل الحكومة الجديدة «وقد حققت تقدماً»، وأكد أن ورشة النهوض بلبنان «تتسع للجميع إلا لمن لا يريد أن يشارك فيها». وشدد على أن «الحرب ضد الفساد ستكون في أولوية اهتماماته بالتعاون مع الحكومة الجديدة وهيئات الرقابة على أنواعها التي تلقّت توجيهات بالتشدد في ملاحقة المرتكبين وعدم التساهل في تطبيق القوانين المرعية الإجراء.
وأكد الزوار «ان رئيس الجمهورية يسهّل الحلول المطروحة وهو ابلغ الحريري انه مع اي حل يساعد في ولادة الحكومة، اما في ما يتصل بحقيبة الأشغال فهي لم تكن من حصة الرئيس عون، وبالتالي اذا كان انتقالها من جهة الى أخرى يؤدي إلى الإسراع في ولادة الحكومة، فهذا هو المطلوب».

«التيار الحر» في بنشعي
الى ذلك، يزور اليوم وفد من «التيار الحر» يضم النائب آلان عون وعدد من أعضاء تكتل التغيير والاصلاح بنشعي للقاء النائب فرنجية.
وإذا كانت زيارة بنشعي تندرج في اطار جولة التيار على القوى السياسية للدفع في اتجاه إقرار قانون انتخابي جديد على اساس النسبية، إلا ان اللقاء المرتقب مع فرنجية في هذا التوقيت يكتسب قيمة مضافة وأهمية خاصة، باعتباره يأتي في ظل الخلاف المستحكم الى حد القطيعة، بين رئيس الجمهورية وفرنجية، وغداة التصريح الملتبس لرئيس «المردة» من بكركي، وبالتالي فإن من شأن هذا التواصل ان يكسر الجليد على طريق بعبدا ـ بنشعي وأن يساهم في التمهيد للقاء المفترض بين عون وفرنجية.
كما يزور وفد من التيار بعد ظهر اليوم النائب وليد جنبلاط في اطار استكمال النقاش مع الأطراف الداخلية حول ضرورة وضع قانون جديد للانتخاب.