وذكرت وسائل إعلام محلية سورية أن قوات النظام وحلفاؤها ، سيطرت على أحياء الشيخ سعيد وباب المقام والكلاسة وبستان القصر والصالحين والفردوس بشكل كامل، وسيطرت على أجزاء من أحياء الأنصاري الشرقي والزبدية والإذاعة وصلاح الدين والعامرية وسيف الدولة، وهي آخر ما تبقى من أحياء تحت سيطرة المعارضة، وتشير الأنباء الواردة أن مدينة حلب أصبحت تحت سيطرة النظام وحلفاؤه بشكل كامل بعد سنوات على نشوب النزاع حول هذه المدينة بين المعارضة والنظام .
وشكلت سيطرة النظام على حلب انجازا نوعيا في مسار المعركة بين النظام و المعارضة على امتداد سوريا ويحقق النظام بذلك هدفا يعتبره استراتيجيا في معركته ضد المعارضة اذا تمهد هذه الخطوة إلى استعادة كل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
يتحدث مراقبون عن حلب كحلقة مفصلية في الحرب بسوريا، إذ تشكل السيطرة عليها من قبل قوات النظام "منعطفا حقيقيا" في النزاع، الأمر الذي يؤدي إلى تلقي المعارضة ضربة قوية قد تتبخر معها آمالها في الحفاظ على توازن القوة مع دمشق، ما سيؤثر على طبيعة أي مفاوضات ممكنة بين الجانبين، تجعل دمشق أول متحكم في مساراتها.
ويقول الخبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن للأبحاث فابريس بالانش، "حلب هي المنعطف الحقيقي للحرب، إنها بمثابة ستالينغراد"، في إشارة إلى المدينة الروسية التي قاومت ستة أشهر حصار القوات الألمانية فمنيت الأخيرة بخسارة فادحة غيرت مسار الحرب العالمية الثانية. ويرى بالانش أن الرئيس السوري بشار الأسد بحاجة إلى هذا الانتصار، لأنه "كان نصف رئيس من دون حلب.
ويوضح "كان من الصعب عليه تولي زمام الأمور في سوريا مستقبلا من دون ثاني مدنها، وبالتالي بإمكانه من خلال هذا الانتصار أن يقدم نفسه على أنه رئيس سوريا بأكملها.
كسر ظهر المعارضة
ويرى كبير الباحثين في مركز "كارنيغي للشرق الأوسط" يزيد الصايغ أن السيطرة على مدينة حلب "ستشكل إنجازا كبيرا للنظام، وقد حقق مبتغاه فعليا حتى وإن لم يسيطر على كامل المدينة بسرعة.
ويضيف "حلب لم تعد معقل المعارضة" خاصة إذا بدأت قوات النظام بإحكام قبضتها على المدينة، ومنع قطع الطريق الدولية المؤدية إليها. وفي حال استعاد النظام كامل حلب، سيكون قد أمسك بمفاتيح مفاوضات السلام المحتملة بعد فشل ثلاث جولات محادثات غير مباشرة السنة الحالية بإشراف الأمم المتحدة.
ويقول الصايغ إن السيطرة على حلب "مهمة جدا أيضا على الصعيد السياسي"، فضلا عن أنها "ستكسر ظهر المعارضة المسلحة ويصبح من الممكن أخيرا تجاوز التفكير بإمكانية الإطاحة بالنظام عسكريا.
وسيقتصر وجود فصائل المعارضة إلى جانب محافظة إدلب (شمال غرب)، على بعض المناطق في درعا (جنوب) التي كانت مهد الانتفاضة ضد النظام، وفي ريف دمشق حيث تراجعت الفصائل أيضا مع خسارة اثنين من معاقلها داريا ومعضمية الشام.
أهمية السيطرة على حلب بالنسبة للنظام
وفي حال استعاد كافة مدينة حلب، يصبح بإمكان النظام التباهي بسيطرته على المدن الثلاث الرئيسية دمشق وحمص وحلب فضلا عن الجزء الأكبر والأغني من سوريا، أي غرب البلاد. أما الجزء الأكبر مما تبقى فهو عبارة عن مناطق صحراوية. ومن شأن السيطرة على حلب أن تفسح المجال أمام 30 ألف مقاتل من قوات النظام لشن عمليات عسكرية جديدة على جبهات أخرى، بحسب بالانش.
أما حلفاء المعارضة في الخليج وتركيا والغرب فلن يكون لديهم الوسائل لإنقاذها في حال فقدانها لحلب. ويضيف الصايغ أن السلطات السورية، ستثبت أنها "في وضع يمكنها من إعادة فتح الطريق الذي يربط الحدود الأردنية (جنوبا) حتى الحدود التركية تقريبا (شمالا". كما يعتبر بالانش أن عمليات "الاستسلام (في صفوف المسلحين) ستتضاعف حول أنحاء دمشق، خصوصا في الغوطة"، معقل المعارضة شرق العاصمة.
ويبقى أمام قوات النظام خيارين اثنين، وفق ما يرى المحللون، التقدم شرقا أي باتجاه مدينتي الباب والرقة حيث تنظيم "الدولة الإسلامية"، أو غربا باتجاه محافظة إدلب. ويرى الصايغ ان السيناريو الأول يتمثل "في توجه النظام نحو الشرق والتقدم باتجاه مدينة الرقة ليثبت مدى فعاليته للدول الغربية وروسيا في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية"، أما السيناريو الثاني فيتمثل في إحكام قبضته على حلب وخنق المعارضة في إدلب قبل بدء هجماته على أطرافها.
وبالنسبة لبلانش، فإن النظام لن يترك مدينة الباب للأتراك، حيث دخلتها قوات موالية له أمس السبت، "فهي قريبة جدا من حلب وقد تفتح الطريق أمام الفصائل المعارضة باتجاه الرقة.
فصائل المعارضة ستخسر الكثير
أما الفصائل المعارضة فإنها ستخسر الكثير بسقوط حلب بل أنها "ستفقد شرعيتها"، وفق ما يقول بالانش. ويضيف "لقد انتهت أسطورة الفصائل المعارضة المعتدلة في حلب والقادرة على تقديم بديل سياسي وعسكري.
من الذي انتصر في حلب ؟
بعد استعراض الوضع عسكريا وما يمكن أن تؤول إليه الأمور يبقى أن نشير إلى أن نظام الأسد لم يكن ليستطيع وحده تحرير حلب وإن الذي حرر حلب هم الحلفاء بشكل أساسي ومن أهمهم الحليف الروسي وبتت حلب خاضعة لسيطرة روسيا وبعض المسلحين من خارج سوريا وبالتالي فإن الحديث عن انتصار لم يعد في محله وإنما الحديث يجب أن يكون عن قوة احتلال أجلت أبناء المدينة ومعارضي النظام ليستقر الأمر للروسي ومجموعة المقالتين الأجانب لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو انتصار أم احتلال ؟