أثارت المعلومات عن عزم وزارة الدفاع الروسية إرسال فرق من المهام الخاصة الشيشانية إلى سوريا؛ بحجة حماية المواقع الروسية هناك، وعلى وجه التحديد قاعدة حميميم على الساحل السوري، تساؤلات عن الأهداف الحقيقية لهذه القوة، وكيف سينعكس هذا على النفوذ الإيراني في سوريا.
والخميس، نقلت صحيفة "لينتا. رو" الروسية، عن عضو مجلس الدوما الروسي، ليونيد كالاشينكوف، أن القوات الخاصة الشيشانية -التي سيتم إرسالها إلى سوريا قريبا- جاء اختيارها بسبب قدرتها القتالية الكبيرة، وتحملها للمناخ السوري، وتقارب أفراد هذه القوات من تقاليد وتفكير السوريين.
وتتبع القوات المشار إليها لكتيبتي "الغرب" و"الشرق" المنتشرتين في الشيشان، جنوبي روسيا، واللتين تم إنشاؤهما عام 2003، حيث كان معظم ضباط وأفراد هاتين الكتيبتين من الضباط والعناصر الشيشانيين، لتلحقهم وزارة الدفاع الروسية في وقت لاحق بالقوات الخاصة الشيشانية، بعد أن أدخلت عليهم قيادات وضباطا من روسيا، بحسب ما نقلته صحيفة "إيزفيستيا" الروسية، الخميس.
وكانت القوات الخاصة الشيشانية، التي يفترض أن تصل إلى سوريا أواخر الشهر الحالي ضمن القوات الروسية، قد دخلت إلى جنوب لبنان عام 2006، عقب الحرب التي دارت بين "إسرائيل" وحزب الله آنذاك، كما شاركت في الحرب الروسية ضد جورجيا عام 2008.
إلا أن مصادر في المعارضة السورية أبدت خشيتها من الحراك العسكري الروسي الأخير، معتبرة أن الوحدات الخاصة الشيشانية -التي ستدخل سوريا- سيكون من أولوياتها قتال الثوار، وتثبيت قواعد بشار الأسد في حلب وريف دمشق.
بدوره، قال العقيد المنشق عن النظام السوري، محمد ياسر إن القوات الخاصة الشيشانية لن تكون مهمتها حماية قاعدة حميميم -بحسب ما أعلنته موسكو- فحسب، بل هدفها تثبيت النقاط العسكرية الاستراتيجية التي تستهدفها الطائرات الروسية، خاصة في حلب، وكذلك حماية العاصمة السياسية، دمشق، تمهيدا لتشريع أبوابها لإعادة التطبيع بين الأسد والدول الفاعلة، عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورأى العقيد محمد ياسر أن الهدف الحقيقي لهذه القوات يكمن في نوايا موسكو بزجها في معركة السيطرة على حلب بالكامل، بعد فشل إيران ومليشياتها في حسم المعركة، رغم كثافة الغارات الجوية التي تستهدف المدنيين والمعارضة، لتصل موسكو إلى مبتغاها، وهو تأمين العاصمة السياسية للأسد في دمشق، واستعادة حلب، العاصمة الاقتصادية، الأمر الذي سيرتد على الأسد إيجابا، وإعادة هيكلة الأسد ونظامه مجددا.
إيران والقوات الخاصة الشيشانية
ونوّه الضابط ذاته بأن موسكو تعمل جاهدة لتقويض النفوذ الإيراني في الشمال السوري على وجه التحديد، رغم الشراكة العسكرية الكبيرة بينهما، ولكن موسكو على ما يبدو باتت على تفاهم مع بعض الدول العربية الفاعلة في سوريا، وهو عدم معارضة هذه الدول للتدخل الروسي في سوريا، مقابل تجميد النفوذ الإيراني، وربما ستكون القوات الخاصة الشيشانية هي بداية التغيرات في الملف السوري، وفق تقديره.
بدوره، أفاد الناشط الميداني في حلب، ماجد عبد النور، بأنه "من خلال متابعتنا القريبة للتطورات في حلب، بدأنا نلاحظ الخلاف الروسي الإيراني بوضوح على الأرض السورية، حيث أقدمت الطائرات الروسية على قصف مواقع لإيران وحزب الله في نبل والزهراء، وجبل عزة، ورتيان في ريف حلب".
وأضاف: "اللافت في الأمر أن قصف موسكو للمواقع الإيرانية ومواليها جاء تزامنا مع حرب إعلامية بين طهران وموسكو، التي كانت قد بدأتها طهران بالإعلان عن مقتل ألف عنصر من قواتها في سوريا، وهو إعلان تعمدت طهران من خلاله المزاودة على روسيا بمدى فاعليتها على الأرض السورية"، على حد قوله.
وحول القوات الخاصة الشيشانية التي سترسلها موسكو إلى سوريا، قال عبد النور: "المهمة التي ستوكل لهذه القوات هي حفظ الأمن وإدارة البلاد في سوريا لفترات محدودة، ريثما يتم إخماد أي جبهات في سوريا".
وتوقع أيضا أن توكل لهذه الوحدات مهمة إبعاد إيران عن الواجهة، وتجميد قدراتها العسكرية في سوريا؛ لمنع الاقتتال الطائفي في البلاد، "وهذا قد يكون حقيقة ناتجا عن تفاهم روسي أمريكي تركي عربي، ورغم أن هذه الفرضيات قريبة إلى الواقع كثيرا، لكن الأسابيع القادمة كفيلة بإظهار نسبة تطبيق هذه التوقعات"، وفق تعبيره.