جثة مصابة بعدّة طلقات نارية، عثِر عليها في الثامن من هذا الشهر تحت جسر سينيق في صيدا، قبل ان تتضح الصورة ويظهر انها تعود لطبيب التجميل هيثم رعد. الخبر صدم اللبنانيين، لكن الصدمة الكبرى عندما أُعلن انه كان مخطوفاً قبل 35 يوماً من مقتله، وسط تكتّم شديد من عائلته والاجهزة الأمنية. لتبدأ بعدها التكهنات عن الأسباب الكامنة وراء خطفه ومقتله.
في الرابع من الشهر الماضي، أوصل رعد (51 عاماً) ابنته الى مدرستها التي تبعد مئة متر عن منزله في الحدت، لتلاحقه في طريق عودته سيارتان رباعيتا الدفع من طراز JMC و Grand cherokee فخُطف رعد من سيارته واتُّجه به الى منطقة الليلكي في حين اتجه خاطف بسيارة هيثم من نوع Nissan tiida الى طريق الجنوب، بحسب ما اظهرته كاميرات المراقبة في المكان. وابلغت القوى الامنية الى عائلته، التي قال مصدر فيها لـ"النهار" انه "بعد ساعات على اختفائه وعدم اجابته على هاتفه الذي استمر في الخدمة حتى السادسة من صباح اليوم التالي، أخبرنا القوى الأمنية. وكون الطبيب ينتمي الى جهة حزبية، طُلب منا عدم نشر الخبر على وسائل الاعلام، بحجة سلامة التحقيق، كما وصلتنا تطمينات منها ان رعد لدى الجهة الحزبية التي ينتمي إليها. فسألنا ما العمل وكان الجواب عليكم بالصبر، في حين راوح جواب الجهة الحزبية حين استفسرنا عن القضية بين علمها بوجوده وانكارها للأمر".
"منتم وداعم للحزب"
ابن بلدة بدنايل البقاعية الذي يسكن في الضاحية الجنوبية، انتمى الى "حزب الله" منذ بداية تأسيسه وعمل على جبهات قتال عدة في صفوفه بحسب ما قاله صديقه لـ"النهار" واضاف "سافر الى الجزائر عام 1985 حيث درس طبّ التجميل، تزوّج من جزائرية قبل ان يعود الى لبنان ويفتح عيادة في الضاحية الجنوبية، ليصبح داعماً ماديا وعملياً لـ"حزب الله""، وكان بحسب المصدر العائلي "يقصد سوريا لعلاج الجرحى، وآخرها قبل اسبوعين من اختفائه. لم يكن يقبض بدل اتعابه، بل كان يقدّم كل ما في وسعه للجهة الحزبية التي نستغرب عدم اصدارها بيانا بالحادثة لا بل لم تهاتف العائلة، لا نتّهمها مباشرة، لكنها بالتأكيد مقصرة، وهذا ما يجعلنا نطرح عدة علامات استفهام".
ولفت إلى أن "رعد لم يتعرض للتعذيب، بل ما ظهر على جسده سببه اثار الطلقات في فمه وقلبه وصدره، وحين عثر على جثته كان لا يزال في الثياب عينها التي خطف بها، كما ظهر انه حلق لحيته كونها يوم خطفه كانت اطول مما كانت عليه عند مقتله".
"يد مجرمة طالته"
بحسب الطبيب الشرعي تبين ان الدكتور رعد الوالد لشابين وفتاة "الطبيب حسن، وحسين الذي درس ادارة الاعمال، ومليسا التلميذة"، قد توفّي عند حوالي الساعة الخامسة من اليوم الذي عثر فيه على الجثة المصابة بأربع طلقات من مسدس عيار 7 ملم ومن مسافة ملاصقة للجسم، صديقه احمد خنافر نعاه في صفحته على فيسبوك بالقول "رحمك الله أيها اﻷخ العزيز المرحوم الدكتور هيثم رعد، طالتك يد مجرمة في وطن لا كرامة فيه للإنسان. هل أنسى ذلك الشاب اﻷسمر المنفوش الشعر على محور حي ماضي؟ كنا نناديك أبا الحسن وتزوجت وسميت ابنك البكر الحسن، وحافظت على رونق وهيبة اسم سيدك وحبيبك وقدوتك اﻹمام علي الذي كنت عند ذكره تذوب حباً وعشقاً له وتنزل دموعك حرة على وجنتيك. أبا الحسن هيثم رعد ما ترك ساحة من سوح الجهاد إلا وكان حاضراً في بداية حياته بالبندقية، وفي مهنته كطبيب كان حاضراً في إسعاف جرحى الدفاع المقدس في ساحة الجهاد في سوريا، رحمك الله يا رفيق البدايات الجميلة وانا أعلم أنك كنت حاضراً وراجياً للشهادة في ساحة الجهاد مع أحبتك المجاهدين ولكن نزل القضاء وقتلت مظلوما".
تحقيق وعتب كبير
مصدر امني أكد لـ"النهار" ان "التحقيق لا يزال مفتوحاً لكشف ملابسات القضية"، في حين لعائلة رعد عتب كبير على "الدولة، سواء قوى الأمن او مخابرات الجيش، التي لم تعطنا بياناً رسمياً عن مكان اختطافه". كما ناشدت "العميد عماد عثمان كشف تفاصيل الجريمة من لحظة خطفه الى مقتله، والسيد حسن نصر الله للعمل على الموضوع كونه لا يحب الظلم".
بالتأكيد مقتل رعد ليس جريمة عادية، والصورة الى الآن ضبابية، ويبقى السؤال لماذا احتفظت الجهة الخاطفة بالطبيب ما يزيد عن الشهر قبل تصفيته؟ وما السبب وراء ارتكاب جريمتها؟