كلما حلت عقدة برزت عقد مكانها، فمن ينفخ في رياح تأخير الولادة الحكومية؟ كان يفترض ان تكون هذه الولادة على مشارف الامتار الاخيرة من رحلة التأليف بعدما "تنازل" رئيس مجلس النواب نبيه بري لرئيس "تيار المردة " النائب سليمان فرنجية عن حقيبة الاشغال وأكد ان "الحكومة صارت خالصة 99 في المئة". حتى ان معظم المعطيات المتوافرة عن الاتصالات الكثيفة التي جرت أمس ذهبت الى توقع الولادة غداً أو بعده على أبعد تقدير. ومع ذلك عكس الشوط النهائي من عملية التأليف استمرار المشي فوق حبل مشدود للغاية ترجمه نصف ايجابي مبدئيا في حل عقدة حقيبة "المردة " ولكن في مقابل نصف سلبي برز التعبير عنه في تصريحات فرنجية من بكركي التي لم تنزل برداً وسلاماً على قصر بعبدا ومعراب واعتبرت "استفزازية " وأبقت وساطة سيد بكركي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عالقة في منتصف الطريق. اذ ان التفاوت برز بقوة بين مناخ الحرارة الذي ساد تصريحات فرنجية في عين التينة حيث حرص على شكر رئيس المجلس " لاعطائنا وزارة الاشغال " ونبرة تصريحاته في بكركي حيث رمى كرة علاقته مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مرماه. فاذ أبدى استعدادخ لأي لقاء مع الرئيس عون "بالطريقة التي يراها البطريرك الراعي مناسبة" استدرك بقوله انه مستعد أيضاً "للمهادنة أو لعلاقة جيدة او للمحاربة وان الامر بيد الرئيس عون".
وفُهم ان فرنجية سمى المحامي يوسف فنيانوس لتولي حقيبة الاشغال باعتباره المسؤول في تيار "المردة" عن ملف العلاقات مع "حزب الله " و"أمل"، بينما بدا ان الحقيبة البديلة التي ستعطى لـ"القوات اللبنانية " والتي كانت الاشغال ضمن حصتها المتفق عليها سابقا شكلت العقبة الجديدة.
وعلمت "النهار" من مصادر حزب "القوات اللبنانية" أن رئيسه سمير جعجع اعتبر نفسه غير معني بكل المناخات الاعلامية التي أثيرت أمس وتالياً فإن الامور بالنسبة الى "القوات اللبنانية" لا تزال في إطار القديم على قدمه.
"قطب مخفية"؟
وفي الاطار نفسه، تحدثت مصادر مواكبة للتأليف عن "قطب مخفية" تدعو الى التريث في تبني التوقعات التي تتحدث عن ولادة وشيكة للحكومة، فيما لا تزال الاوساط القريبة من "حزب الله" تتحدث عن إمكان تبني صيغة الحكومة الثلاثينية بدلاً صيغة ال 24 المتداولة حالياً.
ولفتت المصادر الى ان هناك إستغرابا للطريقة التي يتبعها فريق أساسي داخل قوى 8 آذار والذي أعطى أمس إشارة جديدة الى ان التأليف يتم في عين التينة وليس في "بيت الوسط" وقصر بعبدا. ورأت أن ما حصل يندرج في سياق وضع الرئيس عون و"القوات اللبنانية " أمام أمر واقع مفاده إما التسليم بشروط هذا الفريق وإما لا حكومة. وأضافت ان ثمة مخاوف برزت ليلاً من عودة مسار التأليف الى نقطة الصفر بفعل ما اعتبره بعض الجهات "تصعيداً من النائب فرنجية في بكركي وتحدي الرئيس عون وضرب هيبةرئاسة الجمهورية". وشككت مصادر قريبة من الثنائي العوني – القواتي في صيغة الحل المتداولة ملمحة الى "مناورة" لاحراج "التيار الوطني الحر" و"القوات" والرئيس الحريري ورمي تهمة التعطيل على الافرقاء الثلاثة. كما لوحظ ان الرئيس فؤاد السنيورة صرح علناً لاحدى المحطات التلفزيونية "ان بعض الاطراف يحاولون الاستفادة من الاوضاع في سوريا لتحسين شروطهم التفاوضية في شأن الحكومة في لبنان". وواكبت هذه الاجواء معلومات عن توزيع حقائب واسماء منها تسمية يعقوب الصراف لوزارة الدفاع من حصة رئيس الجمهورية وحقيبة للاقليات سمي لها حبيب افرام، والوزير السابق عبد الرحيم مراد للمقعد السني من حصة رئيس الجمهورية علماً ان معلومات سابقة كانت ترجح تسمية السيدة ليلى الصلح لهذا المقعد.
ووسط ملامح الاستياء التي سادت صمت "القوات اللبنانية"، برزت ليلاً حركة مكوكية على محور "بيت الوسط" – معراب اذ التقى الرئيس الحريري مساء رئيس جهاز الاعلام والتواصل السابق في "القوات" ملحم رياشي، ثم قام النائب السابق غطاس خوري بزيارة لرئيس "القوات " ليلاً في معراب. وقالت مصادر الرئيس المكلف لـ"النهار" إن معظم الحقائب إما حلت وإما شارفت الحل ولا مشكلة في توزيع الحقائب بقدر ما برزت مشكلة في الشكليات. وأكدت ان الرئيس الحريري يعمل بدأب على تذليل العقبات ومعالجة أي توتر يمكن ان يكون قد نشأ بفعل اخراج الحل لحقيبة "المردة".
شورتر
وفي سياق المواقف الديبلوماسية الغربية البارزة من الواقع اللبناني صرح السفير البريطاني في لبنان هيوغو شورتر في حديث الى برنامج "وجها لوجه" من "تلفزيون لبنان" أمس ان انتخاب الرئيس عون جاء "بتسوية لبنانية" وانه "يجب ألا يسمح اللبنانيون لاحد بأن يأخذ منهم واقع ان التسوية كانت حلا لبنانيا للأزمة". ولم يستغرب التعثر في تشكيل الحكومة نتيجة تجربة طويلة في تأليف الحكومات وقال: "حان الوقت لان تكون هناك حكومة بعدما بات اطارها معروفاً ونظراً الى أهمية المحافظة على الزخم الذي رافق انتخاب رئيس الجمهورية وهذا الزخم مهم لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لوجود مصلحة ورغبة لديهما في حكومة تتخذ قرارات سريعة، خصوصا ان قانون الانتخاب هو احدى أبرز المهمات على جدول اعمالها "كما ابرز اهمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها" لانه من المهم ان يبقى لبنان ديموقراطية نابضة ونموذجا للمنطقة".