قال حسن المتنصر للشيخ حاتم : ما تقوله سياسة وليس ديناً .. بُص يا واد المسيحية يوم ما خرجت من بيت لحم بقيت سياسة، والإسلام ليلة ما مات النبي محمد بقى سياسة، والأهبل اللي زي حضرتك هو الذي نضحك عليه نحن رجال الدين في الدينين، ونوهمه بأن الموضوع في الدين، لكن القصة كلها سياسة يا حسن، وهل تعتقد أنك في الثالثة والعشرين من عمرك قد حصلت على علم الدنيا والآخرة وجئت بالتائهة من جوانبها وفهمت بعقلك الواسع وإدراكك العبقري حقائق الإسلام وجوهر المسيحية ؟ عايز تعرف المسيحية أنا أقولك هو أنت فكرني شيخ بتاع تلفزيون بجد ونتقابل بعد الفاصل لا يا حسن وحتعملي فيها مؤمناً بالسيد المسيح وتحبه وتتكلم عن الكلام الفارغ بتاع إن المسلم مُطالب بالإيمان بالمسيح وكل الأنبياء , و إن أقرب الناس مودة للمسلمين هم المسيحيون ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وهذا الكلام المصاب بانفصام الشخصية ... تقول عليهم حبايبكم بينما تتعاملون معاهم على أنهم أهل ذمة ودرجة ثانية . تقولون إن المسيح كلمة الله، بينما تقولون عن المسيحيين كفرة وسيدخلون النار ... يا حسن إنت فاكرها لعبة إنك تتحول من الإسلام الى المسيحية يبقى وريني عرض اكتافك لكن لو كنت مؤمناً فعلاً بأنك على حق و أنك تريد المسيحية ديناً وعقيدة، ومستعداً للتضحية من أجلها اقعد وناقشني ... اقعد يا حسن فأنا لا أريدك أن تتراجع عن فكرة أنك تتنصر لأنني أخاف أن تدخل النار، فالحقيقة أنني لا أضمن لك بأنك ستدخل الجنة لو ظللت مسلماً، كما أنني لست متأكداً أنك ستدخل النار لو صرت مسيحياً، لأنني مؤمن أن الله عزّ وجلّ يشمل برحمته البشر كلهم مسلمين ونصارى ويهوداً وملاحدة وبوذيين وولاد كلب وولاد هرمة ... طيب يا شيخ ليش ما تقول للمسلمين اللي بقولوا بأن المسيحيين كفرة , يا حسن اللي يهمك , المسلمين أم الإسلام ؟ يعني المسلمون لا يعرفون الإسلام ؟ الحقيقة كتير جداً منهم لا يعرفون الإسلام فعلاً لذلك هم مغفلون مثلك تماماً وضعاف عقلياً، كما أن عدداً لا بأس به من المسيحيين آخر ما يعرفونه هو المسيحية .. طيب يا شيخ ليش ما تقول هذا الكلام بالتلفزيون ؟ ليه قالوا لك عني أهبل هذا كلام يقطع عيشي و أنا أبحث عن رزق وراحة بال ولولا أنك ابن مين وزوج أختك مين لم أكن لأعيرك أي اهتمام، فأنا مُركز في الوعظ وليس في العلم، في الفتوى لا في الفقه، مهتم بالدعاية لا بالهداية ارتحت يا حسن ها أنا أعترف لك. أنا يا حسن ضدّ الدعوة لإسلام نصارى طبقاً للقاعدة الفقهية " درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة "، فإذا كان المسلمون يعتقدون أن إسلام شخص مسيحي منفعة للإسلام فهذا اعتقاد واهم، وسببه شعور المسلمين بأنهم أقل قدرة وإمكانات وقوّة في العالم، فهو نوع من التعويض، وفي مصر بالذات هو نوع من الشعور بالانتصار في واقع كله هزائم كأن لو أسلم مسيحي يبقى المسلمون بقوا أفضل وأحسن وكأنهم كسبوا معركة وأثبتوا أن الإسلام أفضل من المسيحية . هذه طبعاً مشاعر المسلمين محدودي الدخل ومحدودي العقل ومحدودي الانتصارات في الحياة .. أمّا المسيحيون يا حسن فيرون في تنصر مسلم معجزة نورانية تنتقم لهم من غطرسة وغرور المسلمين، وانتصاراً للأقلية في مواجهة الأغلبية التي تُعذّب النصارى بالتجاهل سواء بصوت الميكروفونات بالآذان والصلاة في أذن المسيحي وخطب الجمعة ودروس التلفزيون التي تكفر النصارى كل يوم، فلما ينجح المسيحيون في تنصير مسلم يبقى عيداً و إعلاناً للنصر. وهذا كله لا تراه في أوروبا مثلاً , حيث يدخل مسيحيون الإسلام ولا تهتز الدنيا ولا يتأثر شغلهم ولا وظيفتهم ولا وضعهم العائلي والاجتماعي تماماً كما يدخل أوروبيون وأمريكان البوذية من دون أن يقلق أحد، كما يتنصر مسلمون من دون صخب ولا أفراح وأعراس كنائس، لماذا ؟ لأنه مجتمع غير مهزوم .
إقرأ أيضا : عبادتنا فقهية وليست دينية...!
في روايته " مولانا " يجدف الكاتب ابراهيم عيسى بقلمه حقيقة الواقع المرّ بعدما سيطرت مفاهيم دينية بحدة وعنف، وضع المسلمين وغيرهم تحت مطرقة التاريخ وسيف الحاضر ومقبرة المستقبل في عرض مباشر لأزمة مفتوحة على أزمات أخرى كان مقدّرًا لإحداها أن تقيم القيامة في مصر نتيجة لتنصّر أخ زوجة ابن الرئيس لولا تدارك الشيخ حاتم المتنور للمساهمة في العمل الإطفائي كي لا يحترق العباد والبلاد .. ثمّة مندوحة كاملة لحكايا تتضمنها الرواية التي لامست الواقع المصري، ومن خلاله العربي، بعد سطوة وسيطرة الإسلام السياسي والجهادي بالفؤوس والأفكار القاتلة .