أولاً: ثلاث معارك ظافرة:
يغُضُّ الأتراك الطرف عن سقوط حلب بيَد النظام وحلفائه الروس، فيغُضُّ الروس الطرف عن سقوط "الباب" بيَد الجيش الحرّ وحلفائه الأتراك، وما إن اطمأنّ الرئيس السوري باكتمال خريطة "سوريا المفيدة"، بسقوط مدينة حلب ، و راح يتبجّح بقرب تحرير سوريا بكاملها،حتى باغتتهُ داعش في تدمر، وهي منطقة استراتيجية شرق حمص بالنسبة لسوريا المفيدة في حال قيامها، وكان النظام السوري مع حلفائه الروس قد اعتبر تحرير تدمر في آذار الماضي نصراً هاماً واستراتيجياً يفتح الخطوط العسكرية اللازمة نحو الرّقة، معقل داعش، وهاهي داعش تعود في غفلة عن طيران التحالف الغربي، والطيران الروسي والطيران السوري ظافرةً إلى مدينة زنوبيا التاريخية.
إقرأ أيضا : حلب ... معركة أبعد من أسوار المدينة
ثانياً: الخرائط المصبوغة بدماء السوريين:
هذه المعارك "المُظفّرة"، والتي تغلب عليها التوافقات والمُقايضات والمساومات، أبطالها العملاقان الروسي والأميركي بمشاركة الأدوات المحلية والإقليمية، يتبادلون الكرّ والفرّ، ولا يُضيعون فرصة للتفاوض والتفاهم والاختلاف. أمّا الجانب التركي فيبدو مطمئناً داخل الشريط الحدودي الذي أقامه على الحدود السورية-التركية بفضل التفاهمات الروسية التركية. أمّا السُّكان ، فيتم ترحيل من نجا منهم لإحداث تغييرات ديموغرافية خطيرة على مستقبل المنطقة، مُخلّفةً أحقاداً مذهبية وإثنية من الممكن أن تنفجر حروباً مديدة، بانتظار تبلور الخرائط التي يُعدّها الغرب والشرق، مع مراعاة مصالح الأطراف الإقليمية من طهران إلى أنقرة، خرائط مجبولة بآلام السوريين المشرّدين والمهجرين والصابرين، ومصبوغة بدماء الأبرياء، خرائط شبيهة بالخرائط التي رسمها الإنكليز والفرنسيون منذ حوالي قرن من الزمن، خرائط أصابها البلى، والأرجح أنّنا سنترحّم عليها منذ اليوم، فبوتين ليس لينين، وأوباما (أو ترامب) ليس أيزنهاور بالطبع.