فالقانون الساري المفعول أي قانون الستين أفرز مجلس نيابي غير عادل لجهة التمثيل بعد إنتخابات 2009 وظلم العديد من القوى السياسية وشخصيات من المجتمع المدني لذلك منذ 2009 كان هناك وعود يومية بالبحث عن قانون إنتخابات جديد يعكس تمثيلا عادلا بين القوى السياسية والمجتمع المدني.
فصل مسار قانون الإنتخابات عن تأليف الحكومة:
كانت سلة الرئيس نبيه بري تتضمن بند قانون جديد للإنتخابات ولما رفضت فكرة السلة وإنتخب العماد ميشال عون عاد الحديث عن قانون الإنتخابات بعد تصريحات وزير الداخلية نهاد المشنوق التي ألمحت إلى إستمرار سريان مفعول قانون الستين.
وضمن مسار تأليف الحكومة جرى ربط بين ميلاد الحكومة وميلاد قانون جديد للإنتخابات قبل أن يتراجع المطالبون بذلك عنه فجأة.
والآن عاد الجميع إلى الإهتمام بالملف الحكومي وصبوا إهتمامهم على هذه النقطة بالذات بعد أن فصلوها عن بند قانون الإنتخابات.
مخاوف الطبقة السياسية في لبنان:
ولهذا التراجع أسبابه عند الطبقة السياسية ولكل فريق أسبابه الخاصة.
فالثنائية الشيعية ومعهم التيار الوطني الحر ينادون دائما بالنسبية أما تيار المستقبل فيرفض ذلك وهو لا يجد حرجا مع الحزب التقدمي الإشتراكي من البوح برغبتهما ببقاء قانون الستين.
يبرر تيار المستقبل رفضه للنسبية بتواجد سلاح حزب الله حيث ستفرض هيبة هذا السلاح سطوتها على من يفكر بالترشح ضد الثنائية الشيعية وبالتالي لن تتأثر كتلتهما.
بالمقابل فإن كتلة المستقبل ستخسر أقله نصف أعضاء كتلتها لصالح قوى سياسية مقربة من حزب الله وهذا يعني سيطرة الحزب على المجلس النيابي.
قد يكون تصور تيار المستقبل صحيحا لكنه مبالغ فيه كون الإنتخابات البلدية الأخيرة في الجنوب والضاحية وبعلبك الهرمل أظهرت وجود تنافس حقيقي من لوائح معارضة للثنائية وهذه اللوائح في حال تم إعتماد القانون النسبي ستخفض عدد نواب كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة.
فمعطيات الإنتخابات البلدية الأخيرة تخيف حزب الله وحركة أمل أيضا ومن هنا لا يوجد مصلحة سياسية لهذه القوى أيضا في إعتماد القانون النسبي إلا إذا غامرت هذه القوى بإستخدامها للوسائل الغير الديمقراطية لتوجيه الرأي العام الشيعي وهذا إحتمال موجود دائما.
أما على ضفة الإشتراكي فيخشى من تقليص كتلته النيابية في ظل الثنائية المسيحية القوية والحديثة الولادة.
وحدها الأحزاب الصغيرة تفضل قانون النسبي لأن كتلها ستكبر في حال إعتمدت النسبية.
مسيحيا، كان يلائم حزب القوات اللبنانية النسبية قبل ورقة تفاهم معراب، ولكن بعد تحالفه مع التيار الوطني الحر وبظل بعض الإخفاقات التي حصلت في الإنتخابات البلدية سيفكر بطريقة أخرى وسيناسبه قانون الستين مع توقع حصول تنافس مع حزب الكتائب اللبنانية وأطراف مسيحية مستقلة كبطرس حرب.
إقرأ أيضا : الإنتخابات وفق قانون الستين ؟
الكل يتذرع:
فالكل اليوم يتذرع بهواجس الآخر لتمرير قانون الستين وإيصال اللبنانيين إلى مرحلة يختارون فيها بين إجراء الإنتخابات على أساس هذا القانون أو التمديد للمجلس النيابي من جديد.
والكل أيضا يرمي التهمة على الآخر ويتغطى بمطالبه لتمرير الصفقة بهدوء.
وهنا الأمور متوقفة على جدية المجتمع المدني في رفع الصوت عاليا وتفعيل ورش عمله ووضع خطة جديدة للتحرك من أجل إسقاط مخطط قانون الستين.
فالديمقراطية اللبنانية بهويتها وفلسفتها وغاياتها مهددة بالإحباط والفشل وربما الإنقراض أمام مشاريع التمديد أو التجديد لنفس الطبقة السياسية التي أغرقت البلاد بالنفايات.
بقلم: رئيس التحرير