تكشف المعلومات التي تم جمعها من الدراسات المستندة إلى تقارير منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش وشبكة بي بي سي الإخبارية، والجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي- النقاب عن حجم وانتشار العنف ضد النساء، والتي تم جمعها وعرضها في كتاب «المرأة في عالم غير آمن».
وأوضحت الدراسة التي استندت إلى 50 مسحًا ميدانيًّا أجريت حول العالم، أن هناك ما لا يقل عن امرأة واحدة من بين ثلاث نساء تعرضت للضرب أو أُرغمت على ممارسة الجنس أو أُسيئت معاملتها بأي شكل من الأشكال خلال حياتها، وعادة ما يكون الجاني أحد أعضاء أسرتها أو شخصًا تعرفه.
في سويسرا، على سبيل المثال، سعت ما يقرب من 3 آلاف امرأة إلى اللجوء لبيوت حماية النساء، والمقدر أن شريحة ضئيلة فقط من الضحايا الإناث قمن بهذه الخطوة، وفي النمسا 50% من قضايا الطلاق تعود لأسباب تتعلّق بالعنف ضد النساء، بينما أقرت 22% من النساء الفنلنديات بتعرضهن للعنف من قِبَل شركائهن، ومازال الاغتصاب الزوجي أكثر الجرائم شيوعًا على المستوى العالمي.
ويُعرّف الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، الاغتصاب الزوجي بأنه «إكراه الزوج للزوجة على ممارسة العلاقة الجنسية دون رغبة منها في ذلك، وبشكل يتم فيه استخدام العنف والتهديد».
وفي إطار حملة «بتحصل» لمناهضة الاغتصاب، نشرت «مؤسسة قضايا المرأة المصرية» شهادات حية حقيقية لعدد من النساء حول الاغتصاب الزوجي وأسبابه، ضمن ورقة عمل مشتركة بين المؤسسة ومركز «النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف».
وتضمنت الشهادات من تتعرّض للضرب والعنف والإجبار على المعاشرة الزوجية، ما أسفر عنه مشاكل صحية كبيرة، وهناك من يجبرها زوجها على المعاشرة بطريقة غير شرعية، وأخرى دسّ لها زوجُها المخدر في المشروبات ليتمكن من معاشرتها بطريقة غير شرعية حتى أدمنت المخدرات.
وعرّفت الورقة الاغتصاب الزوجي بأنه «إكراه الرجل لزوجته على ممارسة العلاقة الجنسية معه دون رضاء منها ودون رغبتها»، مشيرة إلى أن المصطلح جاء من «واقع شهادات النساء اللائي تعرّضن لهذه الجريمة على اختلاف مستوياتهن الاجتماعية والتعليمية، وخلفياتهن الثقافية والدينية».
ووصفت الكثيرات من النساء ما يحدث بعبارة «حاسة إنه بيغتصبني»، وشددت الورقة على أن هذا المصطلح «ليس نخبويًا ولا طبقيًا» بل هو «أقرب مصطلح يمكن استخدامه لوصف هذه الجريمة، وجاء على لسان الزوجات».
وقالت المؤسسة في ورقة العمل إن «هناك العديد من الأسباب وراء الاغتصاب الزوجي، من أبرزها الثقافة الذكورية للمجتمع التي تسمح للرجل بممارسة كل أنواع السلطة والإجبار على المرأة بغض النظر عما يقع عليها من عنف وإيذاء بدني ونفسي ومادي من هذا الزوج»، بالإضافة إلى «رغبة بعض الأزواج في التأكيد على سلطتهم وقوتهم في المنزل من خلال الإجبار على المعاشرة الجنسية».
ومن الأسباب أيضًا التي تؤدي إلى الاغتصاب الزوجي «الاعتقاد الخاطئ السائد بأن الزوج له الحق في ممارسة الجنس مع زوجته وقتما شاء وكيفما شاء دون اعتبار لرغبة الزوجة أو رضائها أو حالتها النفسية أو حالتها الجسدية في ذلك الوقت، وأن على الزوجة الإذعان لرغبة الزوج حتى لو لم تشأ، وأن للزوج الحق فى إجبارها على ممارسة الجنس معه بأى طريقة يرغبها حتى لو كانت طريقة غير صحية، وهو ما أثبتته بعض الشهادات التي عانت من ضعف في عضلة الشرج أو تهتك في المهبل نتيجة للاغتصاب من الزوج».
ولفتت المؤسسة إلى أن «قلة الوعى أو انعدامه أحيانًا تعد من أهم التحديات عند مواجهة هذه الجريمة، بالإضافة إلى غياب القانون الذي يجرم هذه الممارسة، مع غياب دعم أهل الزوجة أو رفض الاعتراف بهذه الجريمة من الأساس وعدم رغبتهم فى مناقشة هذه التفاصيل مع ابنتهم، أو عدم رغبتهم فى أن تصبح ابنتهم مطلقة».
يشار إلى أن «بتحصل» هي حملة أطلقتها مؤسسة قضايا المرأة لمناهضة الاغتصاب، تزامنًا مع الاحتفال العالمي بالـ 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة.
ونظم مركز القاهرة للتنمية والقانون، مساء الأربعاء، عرض شهادات حية للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وذلك في إطار حملة «16 يوم» من النضال ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وقالت انتصار السعيد، مديرة المركز، إن «اللقاء عقد في إطار الحملة الدولية للنضال ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي بدأت لأول مرة عام 1991».
وأضافت «السعيد» أن «المركز يقيم 250 دعوى قضائية سنويًا على مستوى الجمهورية لصالح الناجيات من العنف، بالإضافة إلى الاستشارات القانونية اللازمة لهن عبر خدمة الخط الساخن».
وبدأ اللقاء بعرض الشهادات الخاصة بالناجيات، وقامت الناجية «هـ.س» بعرض شهادتها التي شرحت من خلالها كيف تعرضت للتحرش من أحد أقارب زوجها والذي حررت ضده محضر تحرش ومازال في المباحث حتى الآن.
واستعرضت الناجية «ب.ح» شهادتها التي شرحت من خلالها إجبار زوجها السابق لها على العلاقة الحميمة معه وضربها عند عدم الامتثال لأوامره، ومعايرته الدائمة لها بسبب إنجابها لثلاث بنات وعدم إنجابها للذكور، إضافة إلى تعاطي المخدرات بشكل مستمر، مما كان يؤثر بالتالي على استقرار حياتهما وقيامه بالتعدي الدائم عليها بالضرب، رغم قيامها بالعمل ومساعدته ماديًّا، مما دفعها لرفع دعوى طلاق للضرر، وبعد حصولها على الطلاق استقلّت مع بناتها بحياتهن وصممت على إنهاء تعليمهن الجامعي، وبالفعل التحقت كبرى بناتها بإحدى كليات القمة».
وقامت الناجية «د. ب» بعرض الشهادة الخاصة بها وتفاصيل تعرّضها للختان حينما كانت تبلغ من العمر 5 سنوات مع شقيقتها وثلاث فتيات أخريات من بنات الجيران، بعد اتفاق أسرتها مع أحد حلاقي الصحة الذي قام بختانهن جميعًا بواسطة موس واحد، ما أصابها بأضرار نفسية وجسدية نتيجة لذلك، والتي ظهرت بصورة أكبر بعد زواجها واستمرت طوال فترة زواجها، مما دفعها للانفصال عن زوجها.
المصري اليوم