مع اقتراب انتهاء الأسبوع الخامس على صدور مرسوم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، تميز المشهد بمجموعة من المواقف والتطورات:
1- الاستمرار في تعميم أجواء التفاؤل، ليس في بعبدا فقط، بل في عين التينة و«بيت الوسط» والرابية أيضاً.
2- اعتراف ضمني بأن عملية التشكيل، على الرغم من الحركة الدائمة بحثاً عن حلول، ما تزال تمر في حالة من المراوحة التي اذا تجاوزت عيدي الميلاد ورأس السنة، فإنها تنعكس سلباً على سمعة العهد وعلى الأجواء الإيجابية التي سادت غداة انتخاب الرئيس ميشال عون وتكليف الرئيس الحريري.
3- حصر نتائج لقاء الرئيس الحريري مع النائب سليمان فرنجية بنقطتين: الاولى طلب الرئيس المكلف من زعيم «المردة» توسيع مروحة الوزارات التي يمكن ان يقبل بها، وهذه قضية قيد المتابعة، والثانية تفهم الرئيس الحريري للحالة المطلبية والسياسية التي تحكم تصرف «المردة»، حيث أصرّ زعيم هذا التيار على التمسك بمطلب حقيبة وازنة، وأن المشكلة ليست بتلبية هذا الطلب.
ومع ان المعلومات عن عشاء «بيت الوسط» لم تشر إلى حديث عن حقائب، بحسب ما كشف وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال روني عريجي، فإن مصادر مطلعة كشفت لـ«اللــواء» انه من بين الاقتراحات التي تمّ تداولها ان يتنازل الرئيس برّي عن حقيبة الأشغال «للمردة»، على ان تذهب حقيبة «الشؤون الاجتماعية» إلى حركة «أمل»، وهي الحقيبة التي وردت في التشكيلة الحكومية الأولى، ورفضها فرنجية.
4- تأكيد أوساط قريبة من «حزب الله» ان المطلوب الإفراج عن الحكومة، والعمل باتجاهه عن خطين:
الأوّل تلبية المطلب الواقعي للنائب فرنجية، والكف عن محاولة انتزاع وزارة الاشغال من الرئيس نبيه برّي، والثاني إعادة «القوات اللبنانية» إلى حجمها ليس فقط في ما خصّ الحقائب، بل لجهة الدور أو التفاهمات التي تشكّل في بعض جوانبها استفزازات لا مبرر لها.
3- العودة إلى صيغة حكومة الـ30، بحسب تمنيات الحزب والقوى الحليفة له بتمثيل أوسع شريحة ممكنة من الكتل السياسية.
وسط هذا المشهد، بقي الرهان على تنشيط الجهود للافراج عن الحكومة، وهذا الأمر بحثه الرئيس المكلف مع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، في حين كان البطريرك الماروني بشارة الراعي ينقل عن الرئيس عون انه «يسعى لتشكيل حكومة تضم الجميع نظراً لحجم التحديات التي تواجه البلاد على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية».
وكشف الراعي ان زيارته إلى قصر بعبدا، كانت لدعوة الرئيس عون للمشاركة في قدّاس عيد الميلاد.
وعلمت «اللواء» ان البطريرك الراعي عندما استفسر من رئيس الجمهورية حول ملف تأليف الحكومة، سمع كلاماً مطمئناً حول جهود حثيثة تبذل لتذليل العقبات امام تأليفها بشكل سريع.
وكشفت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان ما طرحه الرئيس الحريري على النائب فرنجية كان بمثابة خارطة طريق تؤسس للمرحلة المقبلة حكومياً.
ولم تستبعد هذه المصادر ان يُبادر الرئيس عون إلى اجراء اتصال هاتفي بالنائب فرنجية لدعوته لزيارة قصر بعبدا، وعقد اجتماع مصارحة حول مجمل المواضيع بين الرجلين ينهي الأزمة الحكومية، مع العلم ان مثل هذه الدعوة لا تعتبر بأنها تنازل من قبل الرئيس عون، باعتباره يضع نفسه في خدمة الصالح العام، وهو بمثابة أب لجميع اللبنانيين.
كلمة نصر الله
وقبل أقل من 24 ساعة من الخطاب المتلفز للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، سعت الماكينة الإعلامية للحزب إلى ضخ كمية من المعلومات عمّا يمكن ان يتضمنه هذا الخطاب، سواء في شقه الإقليمي - السوري (معركة حلب) أو في شقه المحلي المتعلق بحملة الإشاعات التي طالت «حزب الله» في علاقاته مع «التيار الوطني الحر»، أو محاولات تحميل الشيعة مسؤولية تأخير الحكومة، تارة بالتلطي وراء تفويض الرئيس برّي إدارة التفاوض حول وزراء الشيعة، أي حصة الثنائي «أمل» و«حزب الله»، وتارة أخرى بتبني مطلب النائب فرنجية بحقيبة وازنة.
وحرصت دوائر الإعلام المرتبط بالحزب على الاضاءة على المواقف المفصلية للسيد نصر الله، سواء في ردود فعل مباشرة، أو في حلقات تلفزيونية ستلي الخطاب، فماذا ستتضمن الكلمة:
1- حسب مصادر معنية، فإن حصة الأسد من خطاب نصر الله ستركز على الوضع الداخلي، لجهة التصدّي للحملة التي تستهدف تحالف «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، وتصوير هذا التحالف وكأنه فقد قيمته بعد انتخاب عون رئيساً للجمهورية..
هذا أولاً، وثانياً الرد على المحاولات الجارية لتحريض حلفاء «حزب الله» من 8 آذار ضده، وتصوير الوضع بأن هذا الفريق لم تعد له قائمة.
اما النقطة الثالثة فهي التصدّي لما تصفه هذه المصادر بلغة الفتنة والتحريض المذهبي والطائفي.
2- وفي ما خص الأزمة الحكومية وأسباب تأخير ولادتها، تؤكد هذه المصادر ان السيّد نصر الله سيقدم تصوراً «لفتح ثغرة في جدار التأليف» انطلاقاً من ان جهود تأليف الحكومة قطعت اكثر من 80 في المائة، ولم يبق الا اليسير.
ولم تستبعد هذه المصادر ان يتطرق السيّد نصر الله إلى العلاقة الاستراتيجية التي ما تزال تربطه شخصياً وتربط الحزب «بالتيار الوطني الحر»، فضلاً عن الدعوة الملحة لتقدير موقف النائب فرنجية الذي وصفه قيادي قريب من أجواء «حزب الله» بالرجل الشجاع والشريف والوفي الذي يتعين مكافأته لا محاربته».
وستحث رسالة السيّد نصر الله والتي ستذاع عند الثامنة والنصف من مساء اليوم على تليين المواقف لتسهيل ولادة الحكومة، مع التنويه بموقف القوى التي تسهل التأليف ومنها النائب وليد جنبلاط.
3- وبالنسبة إلى حلب، فإن السيّد نصر الله قد يستهل خطابه بالكلام على «ما حققه الجيش السوري والقوى الداعمة له ميدانياً في حلب».
وفي المقابل، توقعت مصادر نيابية ان يسرد نصر الله ما يجري من تطورات في سوريا، ولا سيما في حلب الذي سيعتبره الحزب نصراً للنظام السوري وللحزب على المعارضة السورية، وستكون لهجة الأمين العام للحزب في هذه النقطة لهجة المنتصر والقوي في المعادلة السياسية والأمنية.
وبطبيعة الحال، وبحسب المصادر النيابية نفسها، فإن نصر الله لن يتطرق إلى مسألة الاحراج الذي تسببت به زيارة مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون للرئيس عون والبطريرك الماروني، سواء بالنسبة للعهد أو للكنيسة المارونية، في ضوء ما اثارته من ردود فعل مستنكرة لهذه الزيارة، وصدمة لدى شريحة واسعة من اللبنانيين والمسيحيين خصوصاً في وقت تدمر فيه حلب على رؤوس أهلها.
وفي السياق، كان لافتاً للانتباه، تمني «القوات اللبنانية» بلسان النائب انطوان زهرا على الرئيس عون عدم تلبية دعوة الرئيس الأسد لزيارة سوريا في هذه المرحلة، والاكتفاء بصيغة التبادل الدبلوماسي على صيعد السفراء، وعبر وزارة الخارجية.
وجاء تمني زهرا، في خلال مقابلة تلفزيونية عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال، ضمن برنامج كلام النّاس، في وقت ردّ فيه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على تصريح الرئيس الأسد حول سياسة النأي بالنفس حيال الأزمة السورية مؤكداً ان من «مصلحة الأسد بالذات ان يستمر لبنان بهذه السياسة، لأن «لبنان ان حكى لا يمكن ان يكون الا ضده».
اعتصام السائقين
نقابياً، عاودت اتحادات ونقابات قطاع النقل التحرك امام وزارة الداخلية والاعتصام امام مراكز الميكانيك للمطالبة بإلغاء صفقة المعاينة الميكانيكية وإيقاف «صفقة تغيير الدفاتر واللوحات».
وتجمع السائقون امام مبنى الداخلية في الصنايع، بالتزامن مع قطع طرقات في الجبل والشمال والمناطق الأخرى.
وأعلن رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس أن «الإتحاد سيلجأ الى التصعيد بعد الإجتماع في مقرّ الإتحاد العمالي العام الإثنين المقبل، وستكون وجهته مراكز مصلحة تسجيل السيارات والإضراب العام على كامل الأراضي اللبنانية».
وانتقد «ما تعرّض له السائقون العموميون صباحاً عند طريق قصقص من ضرب بالعصي من قبل ملثمين أثناء توجّههم إلى الإعتصام»، واضعاً «هذا الحادث بعهدة وزير الداخلية والأجهزة الأمنية والقضائية المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة»، معتبراً أن «ذلك لن يثني القطاع عن الإستمرار في تحركاته»، مع العلم ان القوى الأمنية التي تدخلت لفض اشكال قصقص كانت اتهمت السائقين بالتعدي على أحد الركاب لدى محاولته صعود باص على الطريق العام.