الإضراب بمعناه العام هو التوقف عن العمل بصورة مقصودة وجماعية ومن أهدافه الضغط على أرباب العمل من قبل الأجراء للإستجابة لمطالبهم، وقد يلجأ إلى الإضراب أيضا التجار وأعضاء المهن الحرة والطلاب والمواطنون للضغط على الدولة ومؤسساتها الرسمية والحكومية لتحقيق مطالبهم أو تغيير سياستها الاجتماعية والإنمائية وربما السياسية أيضا.
بدأت الإضرابات تأخذ أهمية أكبر إبان الثورة الصناعية، عندما اكتسبت مجموعات العمال أهمية أكبر في ظل وجود المصانع والمناجم. في أغلب البلدان، ويعود ذلك للسطوة السياسية التي كان يملكها أصحاب العمل مقارنة بالعمال.
وقد شُرع الإضراب كوسيلة احتجاج في البلدان الغربية في أواخر القرن التاسع عشر أو بدايات القرن العشرين.
أتاح القانون والدستور اللجوء إلى الإضراب باعتباره أحد أشكال الاحتجاج السلمي وغالبا ما تستثنى منه الوظائف ذات الأهمية القومية والتي لا يجوز الإضراب فيها لخطورة ذلك على الدولة مثل ضباط الشرطة والجيش، وأطباء الطوارئ، والقضاء.
قد يكون أي إضراب محقا في ظل سطوة المال والسلطة وفي ظل السياسات الحكومية التي لا تراعي حقوق المواطن واحتياجاته المعيشية والإجتماعية وربما مطالبه السياسية.
في لبنان يكفل القانون والدستور حق اللجوء إلى الإضراب كغيره من البلدان كأسلوب سلمي لتحقيق مطالب محددة أو للإعتراض على سياسات معينة، إلا أن الذي يحصل على الأراضي اللبنانية مع كل إضراب يتعدى الأسلوب السلمي والحضاري ليصل إلى تعطيل حياة الناس بقطع الطرقات والمزايدات وقد وصلت هذه الاحتجاجات في أحيان كثيرة لاعتداءات على مواطنين ليس لهم ذنب سوى أنهم في الطريق الخطأ.
وبغض النظر عن تأييد المطالب المحقة لاتحادات النقل البري أو غيرهم إلا أن أسلوب الاعتداء على المواطنين وقطع الطرقات وتعطيل حياة الناس بهذه الطرق والتصرفات يفقد القضية أهميتها تجاه الرأي العام ويفقدها التعاطف الشعبي معها خصوصا عندما تتحول الإحتجاجات إلى تصرفات سلبية تضر بالوطن والمواطن .
إن ما نشاهده في لبنان مع كل إضراب هو صورة مهينة ومشينة تُفقد الإضراب محتواه السلمي والإعتراضي وتُفقد المطالب أهميتها إذ تتحول القضية إلى قضية قطع طرق واعتداءات على السيارات والمواطنين وبالتالي يفقد أصحاب المطالب المشروعة تعاطف الرأي العام وبالتالي تتحول قضيتهم إلى قضية عبثية ويفقد التحرك محتواه وتضيع الحقوق بسبب تصرفات طائشة لا تضر إلا أصحاب الحق أنفسهم.