بعد ثمانية أشهر على الجريمة المروّعة التي ذهب ضحيتها الكويتيّان حسين نصّار ونبيل الغريب في منزلهما في منطقة عاريّا، كشف القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي عبدالله وقائع هذه الجريمة التي ارتكبها بدمٍ بارد ناطور المبنى السوري عمّار أحمد الحمد ومواطنه سمير وحيد مصطفى، عبر تهشيم رأسيهما بمطرقة حديدية وحاولا دفن الجثتين في حفرة أعدّاها لذلك في حديقة المبنى.
كما وانّ المغدورين حسين نصّار ونبيل الغريب وهما من التابعية الكويتية، قد حضرا إلى لبنان في العام 2015، وقاما بشراء العقار رقم 970 من منطقة عاريّا والمعروف بإسم مطعم "العامر"، وهو مؤلّف من طابق سفلي وآخر رئيسي بالإضافة إلى طابق متخّت مخصّص كمطبخ، وأنّ المطعم المذكور عند شرائه لم يكن يعمل وكان بحاجة إلى صيانة وإعادة ترميم.
وتبيّن أن المدعى عليه عمّار الحمد (مواليد 1975، سوري) يسكن في إحدى منتفعات المبنى المذكور هو وزوجته "لينا.ط" ويعمل كناطور للبناء المذكور، كما أنّ للزوجة إبنة من زواج سابق تدعى "رشا" (مواليد 1998) وشقيقة تدعى "ميّادة" . وأنّه نتيجة خبرة "عمّار" في أعمال الديكور والجفصين، قرّر المغدوران إبقاءه في العقار بصفة ناطور على أن يتم استخدامه لاحقاً في عملية الترميم.
أخذ "حسين" و"نبيل" يترددان بشكل دوريّ إلى لبنان، وقاما بتجهيز غرفتي نوم لهما في الطابق السفلي من البناء، حيث كانا يمكثان فيها أثناء وجودهما في لبنان، كما نشأت بين الكويتتين المذكورين وكل من "ميّادة" وابنة شقيقتها "رشا" علاقة حميمة، بحيث كانا يتردّدان على "حسين" و"نبيل" عند حضورهما إلى لبنان وتخرجان للسهر معهما وتمضيان بعض الوقت في غرفتيهما، وكان المغدوران يقدّمان بعض المساعدات الماليّة لهما بشكل دوريّ.
استغلّ ناطور المبنى تلك العلاقة واستدان من "حسين" مبلغ 3 آلاف دولار، وبتاريخ 1 آذار من العام 2016، حضر الأخير إلى لبنان، فطالب مدينه بالمبلغ المذكور لكنّه امتنع عن تسديده بحجّة أنّ وضعه الماديّ لا يسمح له بذلك. عندها اتصل الناطور بمواطنه وصديقه سمير مصطفى (مواليد 1977) لعدم معرفته كيفيّة تسديد المبلغ المستحقّ، فاقترح عليه الأخير قتل الكويتيين، وبذلك تحلّ مشكلة الدّين كما عرض عليه سرقة أموالهما فيستفيدان من ذلك في تلك الحالتين.
اقتنع "عمّار" بفكرة "سمير" وأخذا يُخطّان معاً لعمليّة القتل. وبالفعل وبتاريخ 9 آذار 2016، أي قبل يوم واحد من الجريمة، حضر "سمير" إلى غرفة "عمّار" لكنّهما لم يتمكّنا من تنفيذ مخطّطهما لأنّ نبيل الغريب بقي مستيقظاً حتّى ساعة متأخّرة. في اليوم التالي، عاد "سمير" إلى المبنى لينتظر مع صديقه الناطور عودة الشابين الكويتيين من السهرة حيث كانا برفقة "رشا" وميّادة" في محلّة المعاملتين. وبعد عودتهم، إنتظرا خلودهما إلى النوم، ولمّا تأكّدا من نومهما في ثباتٍ عميق باشرا بتنفيذ الجريمة.
دخل "عمّار" و"سمير" غرفة نبيل الغريب فقام الأوّل بضربه بواسطة مطرقة حديديّة على رأسه لثلاث ضربات متتالية ثمّ خرجا من الغرفة، ليدخلا غرفة الكويتي الثاني حسين نصّار فعمد "عمّار" أيضاً إلى ضربه بواسطة الآلة نفسها حيث كان مستلقياً على السرير إلى أن وقع أرضاً وفارق الحياة. بعدها وبدمٍ بارد، عادا إلى غرفة المجني عليه الأوّل الذي كان لا يزال على قيد الحياة يحاول الإستغاثة، فعاجله "عمّار" مجدّداً بضربات أخرى على رأسه ما أدّى إلى تهشيم رأسه وموته.
بعدها عمدا إلى تفتيش الغرفتين وعثرا على جهازين خلويين وساعتي يد ومبلغ 350 دولار أميركي في محفظتي المغدورين، فاستوليا عليهم بالإضافة إلى حقيبتي يد تتضمّن أوراقاً ثبوتيّة وجوازي سفر الضحيتين بالإضافة إلى بطاقات اعتماد مصرفيّة، وقاما برمي الحقيبتين في خزّان المياه على السطح، في حين أخذ "سمير" المسروق وعاد "عمّار" إلى منزله كأنّ شيئا لم يكن حيث قام بتحضير الشاي وتناوله، على أن يقوم في اليوم التالي بدفن الجثتين في حديقة البناء. وكان باشر فعلاً بتحضير الحفرة في اليوم السابق للجريمة تمهيداً لإخفاء الجثّتين، إلا أنّه وبنتيجة سؤال الأهل والأقارب عن المغدورين والإبلاغ عن إختفائهما لم يتمكن من ذلك وغادر المنزل هرباً من فعلته ليتم إلقاء القبض عليه وعلى شريكه لاحقاً من قبل عناصر فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي.
واعترف الجاني فور التحقيق معه بإقدامه عمداً على تنفيذ الجريمة بالإشتراك مع سمير مصطفى، كما اقرّ الأخير بالجرم المسند إليه مفيداً أنّ "عمّار" هو من اقترح عليه تنفيذ عملية قتل الكويتيين.
زوجة الناطور المدعوّة "لينا.ط" أفادت أنّها بتاريخ الحادث أستيقظت الساعة الخامسة فجراً ولم تجد زوجها وكان هاتفه موجوداً على الشرفة، وخلدت إلى النوم مجدّداً ثمّ استفاقت وشاهدت ابريق الشاي في المطبخ وكان لا يزال ساخناً، وأضافت أنّ زوجة حسين نصّار اتصلت بها للإستفسار عن زوجها ولدى عودة "عمّار" سألته عن الكويتيين فأجابهما أنّه لا يعلم عنهما شيئا، وأضافت أنّه كان ظاهراً على وجه علامات الإرتباك عند فتح موضوعهما وخصوصاً عندما اقترحت على زوجة الكويتي نصّار الإتّصال بالقوى الأمنيّة، الأمر الذي لم يرق له فقام بشتمها وضربها.
قاضي التحقيق رامي عبدالله طلب في قراره الظنّي عقوبة الإعدام للمتهمين وأحالهما للمحاكمة بتهمة الإشتراك عمداً وعن سابق تصوّر وتصميم على تنفيذ الجريمة.
لبنان24