كانت الانتخابات الاميركية تاريخية لاسباب عدة، منها ظاهرة الاخبار الملفقة ونظريات المؤامرة التي احاطت بها وربما ساهمت في انتخاب دونالد ترامب ، اضافة الى الدور الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي فيها والذي كان على حساب وسائل الاعلام التقليدية . وللمرة الاولى نجد ان الرئيس المنتخب وبعض كبار مساعديه مثل مستشاره لشؤون الامن القومي الجنرال مايكل فلين كانوا من روّاد تلفيق الاخبار ونشر نظريات المؤامرة وإشاعة ضبابية اعلامية مقصودة لتضليل المواطن المتلقي لهذه "المعلومات" عبر مواقع التواصل الاجتماعي دونما "مصفاة" أو "فيلتر" للتأكد من صحتها.
وكشفت بعض الدراسات، صحة الاخبار التي برزت خلال الحملة عن الدور المنظم لروسيا وادواتها المتطورة جداً في أساليب نشر البروباغندا، بما فيها نشر الاخبار الملفقة خلال الحملة بهدف تشويه سمعة المرشحة هيلاري كلينتون لتحسين فرص ترامب في الفوز بالرئاسة..
البروباغندا الروسية استخدمت مئات من الخبراء وعدداً كبيراً من المواقع الالكترونية اضافة الى وسائل "اعلامية" تبدو شرعية مثل شبكة التلفزيون RT ووكالة الانباء "سبوتنيك" التي تمولها الحكومة الروسية في نشر الاخبار الملفقة، بما في ذلك توزيع الاخبار الملفقة ونظريات المؤامرة التي كانت تتداولها المواقع الالكترونية اليمينية من "اخبار" ملفقة برمتها عن كلينتون وحملتها. هذه "الشركة" بين البروباغندا الروسية والفئات اليمينية المتطرفة في اميركا كانت من أبرز التطورات الغريبة والجديدة في هذه الدورة الانتخابية.
وكشف أحد التحقيقات وجود 200 موقع الكتروني لتوزيع الاخبار الروسية الملفقة التي كانت تصل الى 15 مليون اميركي. الاخبار الملفقة راوحت بين روايات لا أساس لها من الصحة عن أمراض خطيرة تعانيها هيلاري كلينتون، أو دفع مبالغ كبيرة لمتظاهر ضد ترامب، أو محاولة انقلابية انطلقت من قاعدة انجرليك التركية.
وقبل ستة أيام من الانتخابات، غرّد الجنرال فلين أن شرطة نيويورك تحقق في إقدام هيلاري كلينتون على تبييض الاموال، وارتكاب جرائم جنسية ضد الاطفال، وذلك من دون أي دليل. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبراً ملفقاً عن ضلوع كلينتون ورئيس حملتها في شبكة للاتجار بالاطفال تدار من مطعم للبيتزا في واشنطن وذلك على رغم نفي الشرطة هذه الاكاذيب. يوم الاحد الماضي دخل شاب مسلح ببندقية المطعم "للتحقيق" في الامر وأطلق بعض الرصاصات. بعد ذلك بساعات غرد نجل الجنرال فلين، الذي يعمل في الفريق الانتقالي، ان هذا الخبر سيبقى شرعياً الى حين اثبات عدم صحته!
من الصعب ان يصدق المرء ان الجنرال فلين، الذي يقول إن الاسلام ليس ديناً بل ايديولوجية سياسية متطرفة، سوف يحتل المنصب الذي احتله في السابق مسؤولون أمثال برنت سكوكروفت وزبيغنيو بريجينسكي.