ليس سراً أن كليات الجامعة اللبنانية أصبحت حبيسة القرار السياسي والأيديولوجي للقوى المسيطرة في إطارها الجغرافي، حزب الله وحركة أمل. فمنذ يومين منعت التعبئة التربوية في حزب الله أصدقاء الشاب محمد حمادة، الذي كان قد توفي في 23 تشرين الأول 2016 بحادث سير، من بث أغاني فيروز، خلال ذكرى ميلاده في باحة كلية الهندسة في مجمع الحدث الجامعي. ما يعيد إلى الأذهان ثقافة القمع الفكري والدور الرقابي الذي تمارسه المجالس الطلابية.
التعبئة التربوية في حزب الله اعتبرت في بيان، في 5 كانون الأول، أن "ما جرى هو محض تطبيق لاتفاق بين مجلس طلاب الفرع وإدارة الكلية والجهات الطلابية لتنظيم الأنشطة وأماكنها، وإن ما حصل يعني مجلس طلاب الفرع وإدارة الكلية، وهما الجهة التي تحدّد التوجّه لتنظيم الأنشطة، ونحن نلتزم بهذا التوجه، وإذا ما شاءت الكلية أو مجلس طلاب الفرع التعديل في هذا التوجّه، فهذا من شأنهما ونحن نلتزم به". وأكد الحرص على اعتبار الجامعة "مكاناً للانصهار الوطني وملاذاً للطلاب من مختلف الفئات الاجتماعية والانتماءات".
إلا أن للحزب الشيوعي اللبناني رأياً آخر يناقض بيان التعبئة التربوية. إذ يقول سكرتير قطاع الطلاب في الشيوعي منذر يحيى إن "الجهة التي قامت بمنع النشاط لم تكن مجلس طلاب الفرع، بل مجموعة معروفة من قبل الطلاب بانتمائها السياسي".
ويلفت يحيى إلى أن النشاط الذي تم منعه من جهة حزبية، كان حاصلاً على الموافقة المسبقة من إدارة الكلية، "وفي حال صحت مزاعم المجلس حول إقامة النشاط في قاعة داخلية، فمن البديهي أن يكون ذلك صعب التحقيق كون إطلاق بالونات في الهواء كان ركيزة أساسية في النشاط".
إلا أن عميد كلية الهندسة رفيق يونس قال لـ"المدن" إن "هناك عرفاً بين الطلاب وإدارة الجامعة على عدم القيام بأي نشاطات سياسية أو طائفية. وإدارة الجامعة تطلب من الطلاب في حال عدم الاتفاق بينهم على أي نشاط ينقل من الباحة الخارجية في الجامعة إلى قاعة داخلية. وللعلم قبل عشرة أيام من حادثة منع أغاني فيروز، كان هناك نشاط مشترك (صبحية مناقيش) وكان الطلاب يتسمعون إلى أغاني فيروز مع بعض. لكن هذه المرة يبدو أنهم لم يتفقوا، وربما اتخذ شباب التعبئة التربوية قراراً منفرداً. وعندما رأينا أن هناك خلافاً بين الطلاب تدخلنا وطلبنا نقل النشاط إلى قاعة داخلية"، مشيراً إلى أنه سيحاول التوفيق بين الطلاب وإقامة نشاط مشترك بينهم.
وفي رأي الدكتور عصام خليفة فإن المشكلة الأساسية تكمن في أن مجلس طلاب الفرع المذكور هو هيئة معينة وليست منتخبة. ما يعني أن "الإشكالية التي وقعت فرضتها فئة تريد فرض قناعتها على بقية الطلاب، وهو تعطيل الحياة الأكاديمية". ويلفت خليفة إلى أن "دور المجلس لا يتعدى حدود نقل المعاناة الأكاديمية للطلاب إلى إدارة الجامعة من دون أن يكون له أي سلطة".
وتتمتع هذه المجالس التي تعتبر جزءاً من الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية بصلاحية رفع التوصيات إلى اللجنة التنفيذية ومكتب الاتحاد الفرعي في الشؤون الخاصة بالفرع والمرتبطة بسياسة الاتحاد العامة وبخطة عمله وأبعادها الداخلية والخارجية. أما القرارات الصادرة عنه، والتي تتعارض مع قرارات اللجنة التنفيذية للاتحاد، فتُلغى. "ما يعني أنه حتى القرارات الداخلية لمجالس الفروع لا تتمتع بصفة القرارات النهائية، بل تلغى عندما يراها الاتحاد مخالفة للأنظمة"، وفق خليفة.
ويقول رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد الصميلي لـ"المدن" إن "مجالس الفروع لا تملك أي سلطة لمنع أي نشاط. وفي حال كان مجلس الفرع يعارض بعض الأنشطة، فإن المرجع الصالح للبت في الاعتراض ينحصر بعميد الكلية وإدارة الفرع".
وكان وزير التربية الياس بوصعب علق عبر تويتر على منع أغاني فيروز، قائلاً: "لاعلاقة لأغاني السيدة فيروز بها والأمر سيعالج ويجب صون الحريات للجميع".
صبحي أمهز