لم تهدأ العاصفة التي أثارتها افتتاحية جريدة السفير التي كتبها "المحرر السياسي" بتاريخ 29 تشرين الثاني 2016 تحت عنوان "أهكذا يكون الوفاء يا جبران؟"، وخصوصاً في ما أوحته من توتر في العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و"حزب الله" بسبب الدور الذي يلعبه وزير الخارجية جبران باسيل في مطلع العهد.

اليوم، كتب الصحافي ابراهيم الأمين في الاخبار" مقالة حملت عنوان "ارحموا تفاهم عون ونصرالله"، تضمنت ما يشبه الرد على "السفير" وأكدت بلسان كاتبها أن "جبران باسيل هو الشخص الموثوق الذي لا مجال للسؤال عن أحواله. وحزب الله الذي وقف الى جانب عون لينجح في معركة الرئاسة، لن يتركه إلى أن تنجح مسيرته الرئاسية. وليؤكد لمرة أخيرة: الحزب سعى طوال عامين ليكون عون هو الرئيس، ولم يكن مسروراً بالفراغ. واليوم، سيظل يسعى لكي تتشكل الحكومة وتجرى الانتخابات النيابية، وهو ليس مسروراً ببقاء الأمور على حالها"، وتابع الكاتب أن "الجنرال يتذكر زيارته عين التينة، بعد زيارته بيت الوسط إثر ترشيحه من قبل الرئيس سعد الحريري. يومها قال له بري: لا أريد التصويت لك، لكن مشكلتي ليست معك، بل مع سعد الحريري. لم ينفعل العماد عون، كما لم ينفعل في مواجهة تهريج بعض النواب يوم جلسة الانتخاب. لكنه لفت انتباه رئيس المجلس إلى أن رغبته بمعاقبة الحريري قد تتحول الى معاقبة للعهد وللرئيس عون نفسه. طبعاً، هناك كلام آخر وصل الى الرئيس عون، كما وصل الى آخرين؛ من بينهم الحريري، وهو حديث رئيس المجلس قبل الانتخابات الرئاسية عن أن رفض السلة سيعيق تشكيل الحكومة. فهم الأمر يومها على أنه رسالة تهديد. لكن بري لم يتأخر حتى قرر التصريح أكثر، ولو على شكل مزاح، إذ قال: "ربما يبقى الرئيس الحريري رئيساً مكلفاً لست سنوات!". ثمة كلام لا يقوله عون، وقد لا يتبناه، يتعلق بطريقة إدارة الرئيس بري ملف تشكيل الحكومة، إذ إن التفويض الذي حصل عليه من السيد نصرالله لم يكن تفويضاً مطلقاً وشاملاً، بل كان واضحاً في أنه يتعلق بالحصة الشيعية في الحكومة. لكن رئيس المجلس الذي حاول تركيب جبهة نيابية واسعة معارضة لانتخاب عون، لم يقاتل لإقناع الحريري برفع عدد الوزارات الى ثلاثين. وهو أنه يعرف أن من أرادهم حلفاء له في الكتلة النيابية، لن تكون أمامهم فرصة للتمثل داخل الحكومة إلا إذا رفعت الى ثلاثين".

أضاف الكاتب: "صحيح أن من حق فرنجية التمثل بحقيبة مناسبة له. لكن الأمر لم يعد يتوقف عند هذه النقطة. لأن خطأ فرنجية، اليوم، هو استمراره بقبول استخدامه من قبل بري والحريري لمحاربة عون والآخرين. ولذلك، يخطئ فرنجية إن هو استمر بلعبة المكابرة، مراهناً على أن بري لن يخذله. المشكلة، اليوم، هي في أن يبقى فرنجية موافقاً على استخدام قضيته المحقة في حسابات الآخرين، من الحريري الذي يرفض أن يعطيه حقيبة من عنده، الى بري الذي يرفض أيضاً إرضاءه بحقيبة وازنة من حصته. وعند سؤال بري والحريري، يجيبان مرة واحدة: اتفقنا على عدم تبديل الحقائب".

توازياً، كتب الصحافي عماد مرمل في السفير" مقالة حملت عنوان "بري لعون: كلمة "بتحنن" وكلمة "بتجنن" مما جاء فيها أن "رئيس المجلس يضحك وهو يروي كيف ان البعض اتهمه بالوقوف خلف مانشيت "السفير" التي تضمّنت انتقادات للوزير جبران باسيل، مشيرا الى انه قرأها كما غيره، "والمقالة اشتملت على وقائع لم أكن أعرف بها أساسا، فكيف أكون محرّضا عليها؟".

كل هذا الكلام يؤكد أن ما كتبه المحرر السياسي في "السفير" لم يكن رسالة لا من "حزب الله" ولا من الرئيس بري بل يعبر عن موقف تتبناه شريحة كبيرة من اللبنانيين من مختلف الفئات والطوائف ولم تكن أكثر من رسالة لفت نظر لفخامة رئيس الجمهورية من جهة، وللوزير باسيل من جهة ثانية من أجل ضمان انطلاقة متوازنة للعهد بعيدة عن منطق الحسابات الانتخابية والمناطقية، وعدم احتكار أطراف بعينها تمثيل المكونات الوطنية، وما الرد من "الأخبار" إلا تأكيد على ما سبق والغاء للمفعول السياسي لما كتب في "السفير".

 

لبنان 24