وأكثر، هو صاحب نكتة حتى أنّ من يعرفونه يكادون لا يصدّقون جديّته المبالغ فيها أمام الشاشات، فهو حاضر النكتة دائماً، كما لو أنّه يواجه قسوة العالم بالسخرية والضحك، وأحياناً بالعمل السياسي.
ها هو قد عاد إلى بيروت بعد أن غادرها قسراً. قيل إنه احترف لعبة النار، على خطوط لبنان وبعض خطوط سوريا. هكذا هو ابن الضاحية الجنوبية لبيروت، والشياح تحديداً، ابن شارع المصبغة، الذي حمله طفلاً ملطخاً بدماء أبيه الصقر الكبير، في زمن اشتهر الشارع بالفتوة القاتلة التي قضت على أكثر أشقيائه .
يقولون: "عاد عقاب صقر"، وليس النائب، لأن النيابة لقب لم يستخدمه ولم يكن يحتاجه، عاد ليلتحق بالاستحقاق الرئاسي، أو ربما جاء على أجنحة التسوية التي لم نرَ بعد أكثر من جبل جليدها. جاء أيضاً ليلعب دورًا مفقودًا في التنشيط السياسي، في دورٍ ترك مكانه شاغراً ولم يستطع أحد أن يملأه، خصوصاً في المجال الإعلامي. وبعدما انفضّ الرفاق من حول الرئيس سعد الحريري، لم يجد من يسوّق تسويته مع عون إلا عقاب صقر.
يعترف كثيرون لعقاب صقر بمهارة الردّ والحوار والمناورة وسرعة البديهة. وهي صفات مهمة في الشخصية السياسية أو الإعلامية، لكنها تبقى فردية إن لم توظّف في مشروع عمل نضالي سلمي ضمن مرحلة من العفن السياسي كهذه التي نعيشها؛ مرحلة تحتاج إلى قوى بديلة تستهدف النظام الطائفي وتوفر له مقوّمات الربيع الجديد لبيروت.
عودة عقاب صقر، الشاب الشيعي الآتي إلى الطبقة السياسية من باب بيت الوسط، وليس من حارة حريك أو عين التينة، عودته إلى بيروت مؤشّر لعودة الحياة إلى مشروع شيعي بديل، وهي فرصة لبدء حوار جدي حول الدور الوطني المطلوب، من خارج الآلات المذهبية.
لم يرحّب أصدقاء عقاب صقر به لأسباب نجهلها، لذلك أحببنا، نحن المصرّون على الاختلاف معه وعلى الالتقاء النسبي معه، أن نرحّب به، داخل ساحة الاعتراض على الواقع اللبناني الذي يحتاج إلى كل جهد للخروج من المذهبيات ومن الفساد، للدفع نحو لبنان الجديد المتحرر من قيود الطائفية والمذهبية.
ويلكام باك عقاب صقر. نريد أن نراك في صلب مشروع تغييري، خصوصًا في الطائفة الشيعية، وليس فقط محللاً سياسياً أو نائباً مع وقف التنفيذ. نريد أن نراكَ مجددًا في متن الأمل بتغيير كبير داخل البيئة المدنية، والشيعية تحديداً.