يتفقد وزير العدل المستقيل الوزير اشرف ريفي احوال منطقته واهله بعد العاصفة فيتابع مع المعنيين بالبلدية تفاصيل التغطية اللازمة، لاستحقاقات طبيعية كهذه. يسأل المعنيين في القصر البلدي عن اوضاع الناس وحسن سير العمل في المدينة في عاصفة اوقعت اضراراً في مناطق كثيرة. يطمئن ريفي الى الاوضاع. فالعاملون يؤكدون له الجميع حاضر ومتأهب على مدار الساعة، وأن البلدية وهواتفها مفتوحة لكي تتلقى الشكاوى من المواطنين مع «سرعة» في تلبية جميع متطلباتهم وحاجاتهم وتنفيذها… يثني ريفي على كل هذا ويحيي الجهود المضنية والتضحيات التي يقدمها عمال البلدية في مدينته بهذه الأجواء الباردة والعاصفة خدمة للمدينة وناسها.

يتفقد ريفي رئيس البلدية ويتابع أعماله بصفته العراب. فالمسوؤلية الجدية الاولى التي استلمها ريفي على مستوى جغرافية محددة هي عاصمة الشمال بالتالي فانها بالنسبة اليه مساحة وافرة لتقديم اجندة كاملة عن مستقبله السياسي بين إيحاءات وغمز من جهة، وبين تنفيذ وشروع بوضع حجر اساس المستقبل بمعزل عن «المستقبل».

استفاقت المدينة امس، على خطوة انتظرتها طويلاً كما ينتظرها اللبنانيون، فوزير العدل المستقيل قرر إنشاء شركة كهرباء محلية لإنارة طرابلس 24 ساعة فكيف هذا؟

قبل الحديث عن الخطوة السياسية الاجتماعية، ففي تفاصيل الطرح أن ريفي ينوي مد التجربة من طرابلس الى جوارها فتنعم بكهرباء 24 على 24، ومن ثم سنعمم التجربة على المناطق كافة… ربما يقصد ريفي على كافة الأرض اللبنانية.

يقول ريفي «ما زلنا على وعدنا، وهذا مشروع حقيقي لقد انشأناه بشكل قانوني، وسوف نجري تجربة أولى في أحد أحياء طرابلس، واذا نجحت فسوف تطال كل احياء المدينة ومن ثم كل المناطق مهما «كلف الأمر»..

تجربتنا سوف تنجح!

عبارات الفرض والجزم ترافق ريفي في كل ما يتلفظ، يحاول الرجل القول إنني لا أزال قوياً وإن مشروعي لم ولن يتوقف مع التزام كامل بعدم التصويب على العهد مستبدلاً ذلك بقديم جديد وهو الهجوم على حزب الله. الكلمة التي القاها امام اهل طرابلس المهتمين بالمشروع من جمهوره لم تحمل نبضاً عنيفاً على عهد العماد ميشال عون بل أظهرت اهتماماً بضرورة تشكيل الحكومة اي حكومة الحريري معتبراً أن المعطل هو «حزب الله». استغنى ريفي عن مهاجمة حلفاء حزب الله، لكنه لم يستغنِ عن استنهاض الشارع به، الشارع السني الذي يؤيد ريفي يتمسك بهذا الاسلوب. نعم نجح ريفي بجذب الطرابلسيين متخطياً تحالفات القوى السياسية الكبرى في الانتخابات البلدية. وهو على هذا الاساس مهتم بعدم ترك هذا العصب.

يكشف ريفي عن حرصه على ولادة الحكومة، ليس لأنها ضرورة لخصم سياسي مثل الرئيس المكلف سعد الحريري انما لانها الطريق الأهم لكي يبصر قانون انتخابي جديد النور او بالحد الادنى تقلع الحركة السياسية في البلاد فتصل لحظة الانتخابات النيابية. يعرف ريفي جيداً من أين تؤكل الكتف وهو يرسل ما يكفي من الإشارات للرئيس سعد الحريري أولها انه خصم شمالي مرتقب لا يجب عليه الاستخفاف به، اما ثانياً فيذكر ريفي الحريري ان النتيجة التي حصدها الاخير في انتخابات بلديات 2016 لم تكن نتيجة مطمئنة، فقاعدة الحريري الشعبية في المناطق السنية اهتزت وأن عليه الانتباه جيداً الى إجراء انتخابات نيابية وهو بهذه الحال.

ينزل ريفي بين الناس ويراقب عن كثب حاجاتهم، وبهذا الإطار يؤكد مصدر متابع لـ»البناء» أن ريفي يقوم بخدمات توظيف ومساعدات لكثر ممن يلجأون إليه حتى من أولئك الذي لا يؤيدونه سياسياً من مناطق مجاورة ويؤكد على أن الرجل يبدو وكأنه يملك مالاً وافياً يساعده على إنجاز كل هذا، ويضيف «لقد استمرت معونات ريفي في الشمال حتى مرحلة ما بعد الانتخابات البلدية أي انه لم يحصرها بمهمة الاستحقاق البلدي إنما تعدته لما هو أبعد. ويبدو اليوم في خطوة انشاء شركة الكهرباء المحلية على انها استعداد للانتخابات النيابية المقبلة».

السؤال الاساسي هنا عن الجهة التي تدعم ريفي أصبح مشروعاً فكيف يمكن لشخصية باتت اليوم بحكم المعزولة سياسياً وتحالفياً ان تغطي تكاليف من هذا النوع، وأن تغطي مشروعاً يتطلب بالحد الادنى ما لا طاقة لحيثية مستقلة أن تغطيه من نفقات بين معدات وأجور عمال ومتابعة خدماتية؟

الجواب في فرصة أخيرة يرغب ريفي استغلالها لإعادة إحياء ماء الوجه المعكر بعد عودة الحريري وصعود نجم حزب الله وحلفائه الإقليميين وهي ساحة الانتخابات النيابية التي تتكفل وحدها بإقناع الخليجيين أن ريفي خيار «دائم» في لبنان. وعلى هذا الأساس فإن العمل الخدمي يتصدر جدول أعماله ليبقى السؤال عن الطرف الداعم له والطامح للدخول الى لبنان عبره. وهنا تتحدث المعلومات عن «دور قطري جديد في لبنان ترعاه تركيا وتسعى لتثبيته هذه المرة بدعم مالي وإعلامي مضمون لريفي بعد فترة هدوء طلبتها تركيا والسعودية معاً منه في محطة الانتخابات الرئاسية منذ شهر ومع حضور وزير خارجيتها الى لبنان وتأكيد اهتمام انقرة بالاستقرار فيه».

عاد ريفي سريعاً ليحمل معه للحريري مزيداً من مخاوف أتباع قانون النسبية ومزيداً من التمسك بمخارج وسطية أو البقاء على قانون الانتخابات الحالي.

كابوس ضمان «الشارع السني» يلاحق الحريري يوماً بعد يوم، فهل يحمل ريفي مفاجأة انتخابية برلمانية بدعم إقليمي مطلوب لتوازن القوى السنية بالمنطقة؟
روزانا رمّال | البناء