الداعشيّة هي مصطلح معاصر , برز بُعيد الاحداث في العراق وسوريا وإرتبط بسلوك ديني متشدّد , وإن كان قد أطلقه على نفسه أناسٌ يعتقدون أو يحملون افكارا دينية , برأيهم أنها تمثّل الاسلام المحمدّي الاصيل , إلا أن هذا المصطلح قد حمل أو حُمّل معنى واحد لا غير وهو ( الانحراف الفكري المتشدّد الذي يرى الحق معه كيفما دار , ولا يعترف بوجود الاخر المختلف ) , وهذا المعنى قد ألصق بالمصطلح بفعل سلوك أصحابه , وقد تحوّل إلى مصطلح عام يمكن أن يُستعمل للتدليل على أي جماعة تسلك وتفعل الانحراف الفكري المتشدد كما ذكرنا ضد الذات وضد الغير .
الداعشيّة هي إدلوجة جديدة متفرّعة من منظومة أيدلوجيات فكرية تعمل على تعطيل حركة الفكر في الفكر , وتعمل على منع العقل من السؤال , وتكبّله بقيودٍ من المفاهيم التسليمية التي يجب عليه أن يسلّم بها , وإلا يعتبر متمردا , وللتمرد على السائد عقاب , وهي بهذا تحاول إحياء ثقافة القرون الوسطى , التي لا ترى للعقل أي دور , ولا تعترف بأيّ دور للإنسان مستقلا عن السلطات الدينية التي تدعي إرتباطها بالسماء , وتمارس نفوذها المستبد الظالم بحُجة أنها تُمثل الحق الإلهي , وتحصر العلم والفهم بنفسها , وبالتالي فإن كل مَن خالفها يكون مخالفا لتعاليم السماء ويستحق القتل أو النفي أو ألإلغاء باي طريقة تراها هي مناسبة , هكذا تهدف الداعشيّة الوصول إلى مرحلة إعتبار الانسان مخلوقا يعمل بوحي من السلطة الدينية أو السلطة السياسية , وكلاهما يعتبرانه أداة لتقوية وتدعيم نفوذهما في الحياة , ومن المؤكد أن هذا يُمارس على حساب حريته المسلوبة وكرامته المسحوقة , إليس هذا هو نظام العبيد ؟ .
هذا لا يعني أن الداعشيّة محصورة بالسلوك الديني , وإن كان هو الابرز , بمعنى أن الدينيين هم وحدهم يمارسون السلوك الفكري الديني الداعشي , فالداعشيّة كمصطلح يحمل معنى الانحراف الفكري المتشدّد , قد تمارسه أيّ جماعة تدعي الحق المطلق وترفض الاعتراف بحق الاخر بالحرية الفكرية وحرية الرأي والتعبير وحرية المعتقد , بهذا المعنى , فإن أي سلوك من أي جهة صدر يمكن أن نعتبره سلوكا داعشيّا بإمتياز .