تكوّنَ اقتناع حاسم عند رئيس مجلس النواب نبيه بري بعدم إعطاء وزير شيعي لحصّة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. في المقابل لدى الأخير اقتناع بأنّه في حال لم يحصل على الوزير الشيعي فإنّه سيَميل إلى عدم أخذِ وزير سنّي، لأنّ عدم اكتمال المعنيَين الشيعي والسنّي في حصّته الوزارية، يؤدّي إلى تبديد الهدف الذي يريده من ذلك، وهو الإشارة إلى أنّ تمثيله في الحكومة وطنيّ جامع.النقاش في اسمِ الوزير الشيعي الخامس بين بري وحزب الله، لم يُختتم رسمياً بعد، فتفويض الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله إلى بري التفاوضَ عن حركة «أمل» و«الحزب»، يَجعل انتظار البحث في هذا الأمر بين طرفَي الثنائي الشيعي ممكناً وربّما فيه حكمة.

مع ذلك يدير بري مناورةً سياسية مع الحزب حول هذا الأمر، قوامُها أنّه يوافق على أن يكون الوزير الخامس من حصّة حزب الله شرط أن يكون حزبياً، وذا اختصاص في موضوع القانون الانتخابي، طالما إنّ الحكومة العتيدة هي حكومة مهمّتُها الأولى وضعُ قانون انتخاب جديد، وإجراء الانتخابات.

ويبرّر بري ذلك بأنّ تمثيل الوزراء الشيعة يجب أن يراعي وجود شخصية وزارية لديها سعة اطّلاع في قوانين الانتخاب. وخلفية طرحِ بري هذه، تفسّر لماذا ضمّت التشكيلات الوزارية التي تسرّبت قبَيل عيد الاستقلال أسماءَ مرشحين للتوزير من حزب الله من خارج نادي مرشّحيه التقليديين، والذين يتمّ انتقاؤهم لأسباب على صلة بتوازنات حزبية داخلية، وكان من بين هؤلاء المرشّحين المستجدّين اسمُ مدير المركز الاستشاري التابع للحزب والذي يهتمّ بإعداد دراسات لقيادة الحزب عن مشاريع لنقاشها في مجلس الوزراء واللجان النيابية وعلى رأسها قانون الانتخاب.

تراجعَت الآن فكرة ترشيح وزير خامس متخصّص بمواصفات اقتراح بري، يكون من الحزب ويَقطع الطريق على إعطائه لعون، وحلّ مكانها صمتٌ بين حارة حريك وعين التينة على حسمِ هذا الملف، وتأجيله للّحظات الأخيرة.

ولكن في الانتظار لا يزال مطروحاً، ولو بدرجة تَدنّت احتماليتُها، فكرة إعطاء الوزير الخامس الشيعي للحزب القومي السوري الاجتماعي. لكنّ هذا الخيار بات مستبعَداً، نظراً لإصرار بري على أن يكون الوزراء الخمسة الشيعة لحركة «أمل» والحزب.

ونظراً لأنّ الحزب يجد ثغرةً للخروج من التزامه للحزب القومي السوري، بتمثيله في الحكومة، وهي تتمثّل بوجود خلاف داخل قيادة «القومي» حول ما إذا كان سيتمثّل بالحكومة بوزير شيعي أو بوزير مسيحي. ويستطيع حزب الله بسهولة القول لـ»القومي» إنّ وحدة قيادته أهمّ مِن توزيره في الحكومة العتيدة.

الأجواء المسرَّبة من داخل حزب الله تؤكّد أنّه لن يَطرأ تغيير على أسماء وزيريه في الحكومة، أي الوزيرين محمّد فنيش وحسين الحاج حسن. فيما داخل حركة «أمل» يستمرّ علي حسن خليل مرشّح خط بري الأحمر لوزارة المال. الوزير الثاني تستقرّ بورصته عند حظ النائب ياسين جابر.

أمّا الوزير الثالث الذي سيكون بالتشاور مع حزب الله، فهو بات محسوماً لجهة بعض مواصفاته السياسية وليس كإسم: فمِن جهةٍ صار مستبعَداً أن يعطى للحزب القومي، وبات مؤجَّلاً موضوع فتحِ اشتباك حوله مع عون، أقلّه لأنّ حزب الله يبرّد الآن هذه الجبهة، فيما بري يَدفع بمناورات لتأكيد معادلة أنّه يجب ان يكون من داخل قطبَي الثنائية الشيعية. وعلى ضفاف هذا الانتظار، يدور تنافس على هذا المقعد، بين بيئات محيطة ببري، وكلّ منها تحاول إقناعه بمرشّحها.

وبين المرشّحين امرأة لديها موقع داخل مؤسسات تابعة لجو «أمل»، وأيضاً شخصية من «أمل» لم يسبق لها ان تولّت منصباً حكومياً. ويبقى القرار في النهاية لبري وأيضاً للمعادلة التي سيتمّ تثبيتها مع حزب الله، حول مصير الوزير الشيعي الخامس، أيكون لعون أم للثنائي الشيعي؟

وعلى مستوى آخَر متّصل بملف تفويض نصرالله لبري التفاوض باسمِ «أمل» والحزب في المشاورات الجارية لتأليف الحكومة العتيدة، تَجدر ملاحظة ما طرَأ أخيراً من تعديل على هذا التفويض، تَمثّل بإعادة ملفّ حلّ عقدة تمثيل النائب سليمان فرنجية في الحكومة إلى كنف حزب الله، وذلك بناءً على طلب تيار «المستقبل» الذي فاتحَ ممثّلُه في حوار عين التينة الأخير أحدَ أعضاء وفد حزب الله بهذا الأمر.

وقبلَ الحزب هذا التكليف، في مؤشّر يَرمز إلى أمرَين مهمَّين: أوّلهما أنّ الحزب يساهم لأوّل مرّة مع الرئيس سعد الحريري في حلّ العقدة الكأداء التي تؤخّر حتى الآن - حسبما هو معلن - تأليف الحكومة. ويَعكس هذا الأمر تطويراً لعبارة نصرالله «لا أمانع نيلَ الحريري رئاسة الحكومة» لتصبح «أساعده على تشكيلها».

والأمر الثاني هو أنّ تفويض نصرالله إلى بري التفاوضَ باسم الحزب، ليس بلا استثناءات تُمليها من خارج سياقه المبدئي عُقَد يحتاج حلّها إلى دور الحزب، كعقدة الخلاف بين عون وفرنجية. وقد يكون لهذا الاستثناء مناسبة أخرى عندما يحين موعد حسمِ الهوية السياسية للوزير الشيعي الخامس التي هي محلّ اشتباك ضمنيّ الآن بين عون وبري.