باب التأليف مغلق على أيّ مخارج او حلول بما يضع الحكومة العتيدة في البراد السياسي الى أجل غير مسمّى. وخلافاً للأجواء التي تشيع إمكانية ولادة حكومية وشيكة، فالتعقيدات الثابتة وسط الطريق، تؤكد انّ هذه الولادة متعسّرة حتى الآن، ولن تكون قريبة. وسط هذا الجمود الحكومي، بقي لبنان متأثراً بالعاصفة المناخية التي تنحسر إبتداء من اليوم، فيما اللافت سياسياً كان الزحمة الديبلوماسية التي شهدها عبر زيارة كل من وزير خارجية تركيا مولود شاويش اوغلو ووزير خارجية المانيا فرانك فالتر شتاينماير، فيما يرتقب وصول وزير خارجية كندا ستيفان ديون مطلع الاسبوع المقبل.
اللافت في المشهد السياسي، أمس بعد انحسار العاصفة الطبيعية واستقرار المناخ رغم تدني درجات الحرارة، «الرسالة» التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعبّر فيها عن تصميمه على معالجة هواجس الجميع، وضمّنها «دعوة أبوية» الى أي مسؤول أو سياسي للاجتماع به في القصر الجمهوري كي يودع هواجسه لديه.
رسالة عون هذه، وردت في بيان صادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية توضيحاً لما صدر عن وسائل الإعلام المختلفة في خلال الأيام الماضية، حيث اكد رئيس الجمهورية «حرصه على تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية، كما على حسن عملها وفقاً لأحكام جوهر الدستور ونصه طالما أنّ الغاية هي المصلحة الوطنية العليا».
سلسلة ملاحظات
وتوقفت مصادر قريبة من ثنائي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» عند رسالة عون، وسجلت ملاحظات عدة أبرزها:
اولاً: انّ مضمونها «الأبوي» يشكّل وجهاً آخر لخطاب القسم ومتمّماً له في تأكيد هوية العهد. وصيغ بطريقة اختيرت فيها كلماتها بدقة للتعبير عن حرص رئيس الجمهورية على أبوّته لجميع اللبنانيين وللتأكيد على انه لا ايّ فيتو على اي حقيبة او اسم في مرحلة يفترض ان تتجمّع فيها القوى اللبنانية كافة وتتوحّد الجهود للخروج ممّا عانته البلاد في فترة الشغور الرئاسي واستعادة المؤسسات الدستورية أدوارها وجهوزيتها لمواجهة الإستحقاقات الداخلية والخارجية المقبلة على لبنان.
ثانياً: قدّمت بالمنطق المتمسّك بالدستور والشراكة والوحدة تطميناً لكل الشرائح السياسية والطائفية بعدم استثنائها من الشراكة، او تحجيمها او الغائها وخصوصاً في حكومة او حكومات العهد.
ثالثاً: قدّمت ورقة اعتماد امام كل اللبنانيين تؤكد انّ رئيس الجمهورية هو الحكم الذي يقف على مسافة واحدة من الجميع، والمتفهّم لكل الهواجس التي تعتريهم، وهذا يعطي إقراراً من قبله بوجود هذه الهواجس وجدّيتها وضرورة مقاربتها بما تستوجبه من عناية وحرص على تبديدها.
رابعاً: أحبطت آمال كل المراهنين على احتواء العهد وجذبه لكي يكون طرفاً الى جانبهم في مواجهة الاطراف الاخرى، من خلال النظرة الشاملة الى طبيعة التوازنات الداخلية وحساسيتها، ومراعاتها مبدأ انّ الرئيس للكل وليس لطرف بعينه او لفئة او طائفة بعينها.
خامساً: وبالمعنى الأبعد، إنطوَت الرسالة على تأكيد، من موقع المسافة الواحدة، الالتزام بكل التفاهمات المصاغة بين فريقه وسائر الآخرين، خصوصاً مع «حزب الله» و«القوات اللبنانية»، من دون ان يضع في دفّة الميزان الرئاسي تفاهماً له الأفضليّة على تفاهمات أخرى.
سادساً: جاءت الرسالة بمضمونها «الابوي» تكريساً للشعار الذي اطلقه اللبنانيون على رئيس الجمهورية بأنه «بَيّ الكل».
سابعاً: جاءت الرسالة لتدحض اي ذيول ورواسب لا تزال عالقة منذ الانتخابات الرئاسية، ولتجعل باب القصر الجمهوري مفتوحاً امام كل اصحاب الهواجس من خلال دعوة واضحة وصريحة وجّهها رئيس الجمهورية الى هؤلاء لزيارة القصر والاجتماع به.
ثامناً: وضعت الرسالة قاعدة للورشة الوطنية، أساسها الدستور والعدالة والمصلحة الوطنية العليا».
معلومات بعبدا
تزامناً، أكدت معلومات بعبدا لـ«الجمهورية» انّ الرسالة الرئاسية جاءت في توقيت باتت معه التشكيلة الحكومية شبه مُنجزة، باستثناء العقدة المعروفة التي تتداخل فيها اعتبارات، بعضها شخصية وبعضها شكلية، لذلك تضع هذه الرسالة - البيان، خريطة طريق يفترض ان تؤدي الى تذليل آخر العقد وبالتالي اعلان الحكومة.
باسيل وصفا
وفي الإطار الحكومي، يأتي لقاء عقد في الساعات الماضية بين وزير الخارجية جبران باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا، حيث كان ملف التأليف محور البحث من دون ان ترشح معلومات تفصيلية ما خلا إشارات توحي بأن لا جديد على خط التأليف، والتعقيدات ما زالت على حالها ولا تقدم على هذا الصعيد، في انتظار مزيد من الاتصالات والمشاورات على كل الخطوط.
وتردد انّ البحث تناول ما يسمّى «عقدة المردة»، وتم التوافق على مزيد من التشاور وصولاً الى تسويتها وتذليلها.
المشنوق
في هذه الاجواء، سلك الملف الانتخابي مساراً أقل حدة ممّا بلغه بعد كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في مؤتمر «الإطار القانوني للإنتخابات البرلمانية».
واللافت كان توضيح المكتب الاعلامي للمشنوق، أنّ الوزير اكد في كلمته امام المؤتمر أنّ موقفه (حول قانون الستين) لا يمثّل الكتلة السياسية التي ينتمي إليها والتي لا تزال ملتزمة إقرار قانون جديد للإنتخابات مبني على النظام الانتخابي المختلط بين الأكثري والنسبي، والذي تقدم به تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي».
وشدد المشنوق بصفته وزيراً للداخلية في هذا المؤتمر، على جهوزية الوزارة لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها قبل انتهاء ولاية مجلس النواب في 20 حزيران 2017 بناء على قانون الانتخابات النيابية 25/2008.
وأكد المكتب أنّ كلام المشنوق عن أنّ «أيّ قانون جديد يحتاج وقتاً طويلاً، أي انه يحتاج الى أشهر، وليس سنوات لترتيب الإدارة وتثقيف الناخبين» ليس موقفاً يبشّر بتأجيل الانتخابات ولا بقانونها، إنما هو موقف إجرائي تقني مبنيّ على تقييم الإدارة المعنية بالانتخابات بأنّ أيّ تغيير في النظام الانتخابي أو في تنظيم الانتخابات أو الإشراف عليها سيؤدي إلى تغيير جذري في منهجية عمل الإدارة وخطة العمل المعمول بها حالياً».
وأوضح المكتب «أنّ مسؤولية وزارة الداخلية تنحصر بإجراء الإنتخابات بناء على القانون النافذ أمّا صلاحية إقرار قانون جديد للإنتخابات فهذا من مسؤولية المجلس النيابي مع العلم أنّ هناك مشاريع قوانين عدة للإنتخابات موجودة على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي تمّ دراستها من قبل اللجان النيابية المختصة».
زحمة ديبلوماسية
أمام هذا المشهد، عاش لبنان أمس يوما ديبلوماسيا بامتياز فتنقّل كل من وزير خارجية المانيا فرانك فالتر شتاينماير ووزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو بين قصر بعبدا وعين التينة و«بيت الوسط» وقصر بسترس والمصيطبة، فيما زارت السفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد الرئيس المكلف سعد الحريري، وكذلك زار السفير البريطاني هيوغو شورتر رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وبَدا انّ الجامع المشترك بين هذه الحركة هو تجديد الدعم للعهد، والتأكيد على تشكيل حكومة لبنانية في أقرب وقت.
واذا كان همّ النازحين السوريين بندا أساسيا في المحادثات اللبنانية ـ التركية ـ الالمانية، فإنّ ملفات اخرى فرضت نفسها أوّلها نظرة الخارج الى العهد الرئاسي الجديد ودعمه. بالإضافة الى مناقشة ملف الارهاب والاجماع على مواجهته وكذلك النظرة الى الازمة السورية وتطوراتها والمآل الذي ستنتهي اليه، تبعاً للتطورات المتسارعة في ميدان المعارك والقتال وخصوصاً على جبهة حلب.
واعتبر الوزير الالماني انّ انتخاب عون لرئاسة الجمهورية «يشكل ضمانة للاستقرار في لبنان، خصوصاً انكم تعملون مع القوى السياسية كافة على تشكيل حكومة جديدة». وأكد انّ بلاده تشجّع الشعب اللبناني على تشكيل حكومة بسرعة وهناك فرصة لذلك. وتمنى للبنان المزيد من الاستقرار والتقدم.
وأبدى استعداد المانيا لتقديم المساعدات المالية للبنان لمساعدته على تحمّل العبء المالي الذي يتكبّده بسبب النازحين السوريين، وقال: «سنواصل الدعم الألماني للبنان بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو لمواجهة أزمة النازحين». وتمنى أن تبذل جهود للوصول إلى حلّ سياسي في سوريا، معتبراً أنّ هذا الحل لن يكون ممكناً، إلّا إذا بذل جيران سورية جهوداً في هذا الإطار أيضاً.
اوغلو
ونقل وزير الخارجية التركي الى الرئيس عون تهاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانتخابه، واعتبر أنّ هذا الإنتخاب «خطوة إيجابية على صعيد العملية السياسية اللبنانية» آملاً «في أن تستمر هذه الخطوات الايجابية وهذا الاتفاق في تأليف الحكومة العتيدة».
وشدد اوغلو من وزارة الخارجية على أنّ هناك ضرورة لوقف إطلاق النار في سوريا ولا سيما في حلب حيث الوضع مثير للقلق والحل السياسي هو الأنسب، وأكد وجوب «مكافحة وصدّ المجموعات الإرهابية التي تؤثر بشكل مباشر على الدول المجاورة، وأعني بذلك لبنان وتركيا على وجه الخصوص، وذلك عبر اعتماد استراتيجية أفضل وأقوى من أجل مكافحة التنظيمات مثل «داعش» و«النصرة».
ولفت اوغلو الى ان «لا أحد يستطيع إنكار أنّ بشار الأسد مسؤول عن 600 ألف ضحية وقعت أثناء الحرب في سوريا»، مشيراً الى «انّ شخصاً مسؤولاً عن قتل أبناء شعبه لا يمكن أن يبقى في السلطة».
امّا باسيل فاعتبر «انّ الشعب السوري هو من يقرّر نظامه ومستقبله ومصيره، وعلينا أن نحترم خيارهم لكن يجب أن نتأكّد من وحدة الأراضي السورية وسلامتها وحريتها».
ملف النفط
واللافت للانتباه انّ ملف النفط حضر في المؤتمر الصحافي المشترك بين باسيل ونظيره التركي.
واذ اكد باسيل انّ تركيا معنية أيضاً بموضوع النفط والغاز في المنطقة، علّق على صدور «بعض الكلام عن إلتزامات وتعهّدات واعتبارات بأنّ لبنان يُمكن أن يُجمّد أي نشاط غازيّ أو نفطيّ في مياهه الإقليمية»، فأكد «على حقّ لبنان في الإستفادة من ثروته الطبيعية ولا يُمكن له التنازل بأي شكل من الأشكال، ولا حتى في الوقت، عن الإستفادة من هذا الحقّ الطبيعي، وهذا موضوع سيادي وطني بامتياز».
وقد جاء كلام باسيل هذا من باب الحرص على حق لبنان في الاستفادة من ثروته النفطية من دون ان يقفل الباب أمام اي عامل مساعد للبنان لتحقيق هذه الغاية.
بريطانيا
وفي المواقف الدولية، إستعجلت بريطانيا تأليف حكومة فاعلة قريباً لمواجهة التحديات، وأكد سفيرها هيوغو شورتر انّ المجتمع الدولي يحتاج ويأمل أن يرى شريكاً قوياً في لبنان للصمود امام الاضطرابات التي تمر بها المنطقة، وللتمكن من استيعاب الاعداد الكبيرة من النازحين ومساعدة اللبنانيين كما السوريين النازحين في مواجهة التحديات.
وشدد شورتر على انه «من المهم جداً للشعب اللبناني ولمصداقية لبنان كبلد ديموقراطي ان تجري الانتخابات النيابية في موعدها. ايضاً نأمل ان تكون الانتخابات المقبلة اكثر شفافية واكثر تمثيلاً. وان يتم اتخاذ إجراءات اساسية وإصلاحات في عملية الانتخابات منها اعتماد الاوراق الانتخابية المطبوعة مسبقاً والاقتراع السري».
الأمم المتحدة
بدورها، تمنّت الأمم المتحدة تشكيل الحكومة سريعاً، واعتبرت المنسقة الخاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أنّ انتخاب عون وتكليف الحريري تشكيل الحكومة، «بمثابة اشارات ايجابية وبنّاءة»، ولفتت الى انّ «التغيير ليس فقط بتشكيل حكومة إنما ايضاً يجب ان يكون بالتغيير الاقتصادي وتحفيزه وتأمين الاستقرار وفرَص العمل من اجل مستقبل الشباب والاطفال»
رسالة عون هذه، وردت في بيان صادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية توضيحاً لما صدر عن وسائل الإعلام المختلفة في خلال الأيام الماضية، حيث اكد رئيس الجمهورية «حرصه على تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية، كما على حسن عملها وفقاً لأحكام جوهر الدستور ونصه طالما أنّ الغاية هي المصلحة الوطنية العليا».
سلسلة ملاحظات
وتوقفت مصادر قريبة من ثنائي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» عند رسالة عون، وسجلت ملاحظات عدة أبرزها:
اولاً: انّ مضمونها «الأبوي» يشكّل وجهاً آخر لخطاب القسم ومتمّماً له في تأكيد هوية العهد. وصيغ بطريقة اختيرت فيها كلماتها بدقة للتعبير عن حرص رئيس الجمهورية على أبوّته لجميع اللبنانيين وللتأكيد على انه لا ايّ فيتو على اي حقيبة او اسم في مرحلة يفترض ان تتجمّع فيها القوى اللبنانية كافة وتتوحّد الجهود للخروج ممّا عانته البلاد في فترة الشغور الرئاسي واستعادة المؤسسات الدستورية أدوارها وجهوزيتها لمواجهة الإستحقاقات الداخلية والخارجية المقبلة على لبنان.
ثانياً: قدّمت بالمنطق المتمسّك بالدستور والشراكة والوحدة تطميناً لكل الشرائح السياسية والطائفية بعدم استثنائها من الشراكة، او تحجيمها او الغائها وخصوصاً في حكومة او حكومات العهد.
ثالثاً: قدّمت ورقة اعتماد امام كل اللبنانيين تؤكد انّ رئيس الجمهورية هو الحكم الذي يقف على مسافة واحدة من الجميع، والمتفهّم لكل الهواجس التي تعتريهم، وهذا يعطي إقراراً من قبله بوجود هذه الهواجس وجدّيتها وضرورة مقاربتها بما تستوجبه من عناية وحرص على تبديدها.
رابعاً: أحبطت آمال كل المراهنين على احتواء العهد وجذبه لكي يكون طرفاً الى جانبهم في مواجهة الاطراف الاخرى، من خلال النظرة الشاملة الى طبيعة التوازنات الداخلية وحساسيتها، ومراعاتها مبدأ انّ الرئيس للكل وليس لطرف بعينه او لفئة او طائفة بعينها.
خامساً: وبالمعنى الأبعد، إنطوَت الرسالة على تأكيد، من موقع المسافة الواحدة، الالتزام بكل التفاهمات المصاغة بين فريقه وسائر الآخرين، خصوصاً مع «حزب الله» و«القوات اللبنانية»، من دون ان يضع في دفّة الميزان الرئاسي تفاهماً له الأفضليّة على تفاهمات أخرى.
سادساً: جاءت الرسالة بمضمونها «الابوي» تكريساً للشعار الذي اطلقه اللبنانيون على رئيس الجمهورية بأنه «بَيّ الكل».
سابعاً: جاءت الرسالة لتدحض اي ذيول ورواسب لا تزال عالقة منذ الانتخابات الرئاسية، ولتجعل باب القصر الجمهوري مفتوحاً امام كل اصحاب الهواجس من خلال دعوة واضحة وصريحة وجّهها رئيس الجمهورية الى هؤلاء لزيارة القصر والاجتماع به.
ثامناً: وضعت الرسالة قاعدة للورشة الوطنية، أساسها الدستور والعدالة والمصلحة الوطنية العليا».
معلومات بعبدا
تزامناً، أكدت معلومات بعبدا لـ«الجمهورية» انّ الرسالة الرئاسية جاءت في توقيت باتت معه التشكيلة الحكومية شبه مُنجزة، باستثناء العقدة المعروفة التي تتداخل فيها اعتبارات، بعضها شخصية وبعضها شكلية، لذلك تضع هذه الرسالة - البيان، خريطة طريق يفترض ان تؤدي الى تذليل آخر العقد وبالتالي اعلان الحكومة.
باسيل وصفا
وفي الإطار الحكومي، يأتي لقاء عقد في الساعات الماضية بين وزير الخارجية جبران باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا، حيث كان ملف التأليف محور البحث من دون ان ترشح معلومات تفصيلية ما خلا إشارات توحي بأن لا جديد على خط التأليف، والتعقيدات ما زالت على حالها ولا تقدم على هذا الصعيد، في انتظار مزيد من الاتصالات والمشاورات على كل الخطوط.
وتردد انّ البحث تناول ما يسمّى «عقدة المردة»، وتم التوافق على مزيد من التشاور وصولاً الى تسويتها وتذليلها.
المشنوق
في هذه الاجواء، سلك الملف الانتخابي مساراً أقل حدة ممّا بلغه بعد كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في مؤتمر «الإطار القانوني للإنتخابات البرلمانية».
واللافت كان توضيح المكتب الاعلامي للمشنوق، أنّ الوزير اكد في كلمته امام المؤتمر أنّ موقفه (حول قانون الستين) لا يمثّل الكتلة السياسية التي ينتمي إليها والتي لا تزال ملتزمة إقرار قانون جديد للإنتخابات مبني على النظام الانتخابي المختلط بين الأكثري والنسبي، والذي تقدم به تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي».
وشدد المشنوق بصفته وزيراً للداخلية في هذا المؤتمر، على جهوزية الوزارة لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها قبل انتهاء ولاية مجلس النواب في 20 حزيران 2017 بناء على قانون الانتخابات النيابية 25/2008.
وأكد المكتب أنّ كلام المشنوق عن أنّ «أيّ قانون جديد يحتاج وقتاً طويلاً، أي انه يحتاج الى أشهر، وليس سنوات لترتيب الإدارة وتثقيف الناخبين» ليس موقفاً يبشّر بتأجيل الانتخابات ولا بقانونها، إنما هو موقف إجرائي تقني مبنيّ على تقييم الإدارة المعنية بالانتخابات بأنّ أيّ تغيير في النظام الانتخابي أو في تنظيم الانتخابات أو الإشراف عليها سيؤدي إلى تغيير جذري في منهجية عمل الإدارة وخطة العمل المعمول بها حالياً».
وأوضح المكتب «أنّ مسؤولية وزارة الداخلية تنحصر بإجراء الإنتخابات بناء على القانون النافذ أمّا صلاحية إقرار قانون جديد للإنتخابات فهذا من مسؤولية المجلس النيابي مع العلم أنّ هناك مشاريع قوانين عدة للإنتخابات موجودة على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس النيابي تمّ دراستها من قبل اللجان النيابية المختصة».
زحمة ديبلوماسية
أمام هذا المشهد، عاش لبنان أمس يوما ديبلوماسيا بامتياز فتنقّل كل من وزير خارجية المانيا فرانك فالتر شتاينماير ووزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو بين قصر بعبدا وعين التينة و«بيت الوسط» وقصر بسترس والمصيطبة، فيما زارت السفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد الرئيس المكلف سعد الحريري، وكذلك زار السفير البريطاني هيوغو شورتر رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وبَدا انّ الجامع المشترك بين هذه الحركة هو تجديد الدعم للعهد، والتأكيد على تشكيل حكومة لبنانية في أقرب وقت.
واذا كان همّ النازحين السوريين بندا أساسيا في المحادثات اللبنانية ـ التركية ـ الالمانية، فإنّ ملفات اخرى فرضت نفسها أوّلها نظرة الخارج الى العهد الرئاسي الجديد ودعمه. بالإضافة الى مناقشة ملف الارهاب والاجماع على مواجهته وكذلك النظرة الى الازمة السورية وتطوراتها والمآل الذي ستنتهي اليه، تبعاً للتطورات المتسارعة في ميدان المعارك والقتال وخصوصاً على جبهة حلب.
واعتبر الوزير الالماني انّ انتخاب عون لرئاسة الجمهورية «يشكل ضمانة للاستقرار في لبنان، خصوصاً انكم تعملون مع القوى السياسية كافة على تشكيل حكومة جديدة». وأكد انّ بلاده تشجّع الشعب اللبناني على تشكيل حكومة بسرعة وهناك فرصة لذلك. وتمنى للبنان المزيد من الاستقرار والتقدم.
وأبدى استعداد المانيا لتقديم المساعدات المالية للبنان لمساعدته على تحمّل العبء المالي الذي يتكبّده بسبب النازحين السوريين، وقال: «سنواصل الدعم الألماني للبنان بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو لمواجهة أزمة النازحين». وتمنى أن تبذل جهود للوصول إلى حلّ سياسي في سوريا، معتبراً أنّ هذا الحل لن يكون ممكناً، إلّا إذا بذل جيران سورية جهوداً في هذا الإطار أيضاً.
اوغلو
ونقل وزير الخارجية التركي الى الرئيس عون تهاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانتخابه، واعتبر أنّ هذا الإنتخاب «خطوة إيجابية على صعيد العملية السياسية اللبنانية» آملاً «في أن تستمر هذه الخطوات الايجابية وهذا الاتفاق في تأليف الحكومة العتيدة».
وشدد اوغلو من وزارة الخارجية على أنّ هناك ضرورة لوقف إطلاق النار في سوريا ولا سيما في حلب حيث الوضع مثير للقلق والحل السياسي هو الأنسب، وأكد وجوب «مكافحة وصدّ المجموعات الإرهابية التي تؤثر بشكل مباشر على الدول المجاورة، وأعني بذلك لبنان وتركيا على وجه الخصوص، وذلك عبر اعتماد استراتيجية أفضل وأقوى من أجل مكافحة التنظيمات مثل «داعش» و«النصرة».
ولفت اوغلو الى ان «لا أحد يستطيع إنكار أنّ بشار الأسد مسؤول عن 600 ألف ضحية وقعت أثناء الحرب في سوريا»، مشيراً الى «انّ شخصاً مسؤولاً عن قتل أبناء شعبه لا يمكن أن يبقى في السلطة».
امّا باسيل فاعتبر «انّ الشعب السوري هو من يقرّر نظامه ومستقبله ومصيره، وعلينا أن نحترم خيارهم لكن يجب أن نتأكّد من وحدة الأراضي السورية وسلامتها وحريتها».
ملف النفط
واللافت للانتباه انّ ملف النفط حضر في المؤتمر الصحافي المشترك بين باسيل ونظيره التركي.
واذ اكد باسيل انّ تركيا معنية أيضاً بموضوع النفط والغاز في المنطقة، علّق على صدور «بعض الكلام عن إلتزامات وتعهّدات واعتبارات بأنّ لبنان يُمكن أن يُجمّد أي نشاط غازيّ أو نفطيّ في مياهه الإقليمية»، فأكد «على حقّ لبنان في الإستفادة من ثروته الطبيعية ولا يُمكن له التنازل بأي شكل من الأشكال، ولا حتى في الوقت، عن الإستفادة من هذا الحقّ الطبيعي، وهذا موضوع سيادي وطني بامتياز».
وقد جاء كلام باسيل هذا من باب الحرص على حق لبنان في الاستفادة من ثروته النفطية من دون ان يقفل الباب أمام اي عامل مساعد للبنان لتحقيق هذه الغاية.
بريطانيا
وفي المواقف الدولية، إستعجلت بريطانيا تأليف حكومة فاعلة قريباً لمواجهة التحديات، وأكد سفيرها هيوغو شورتر انّ المجتمع الدولي يحتاج ويأمل أن يرى شريكاً قوياً في لبنان للصمود امام الاضطرابات التي تمر بها المنطقة، وللتمكن من استيعاب الاعداد الكبيرة من النازحين ومساعدة اللبنانيين كما السوريين النازحين في مواجهة التحديات.
وشدد شورتر على انه «من المهم جداً للشعب اللبناني ولمصداقية لبنان كبلد ديموقراطي ان تجري الانتخابات النيابية في موعدها. ايضاً نأمل ان تكون الانتخابات المقبلة اكثر شفافية واكثر تمثيلاً. وان يتم اتخاذ إجراءات اساسية وإصلاحات في عملية الانتخابات منها اعتماد الاوراق الانتخابية المطبوعة مسبقاً والاقتراع السري».
الأمم المتحدة
بدورها، تمنّت الأمم المتحدة تشكيل الحكومة سريعاً، واعتبرت المنسقة الخاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أنّ انتخاب عون وتكليف الحريري تشكيل الحكومة، «بمثابة اشارات ايجابية وبنّاءة»، ولفتت الى انّ «التغيير ليس فقط بتشكيل حكومة إنما ايضاً يجب ان يكون بالتغيير الاقتصادي وتحفيزه وتأمين الاستقرار وفرَص العمل من اجل مستقبل الشباب والاطفال»