لن يأتي أنس الباشا، على الموعد كعادته، للقاء أولاد #حلب لأن "القصف المجنون" قضى على آخر مهرج بقي صامداً في حلب ليرسم البسمة والفرح على وجوه الأولاد.
مات أنس الباشا الثلثاء الماضي تاركاً وراءه زوجته التي اقترن بها منذ شهرين. أنس، هذا الشاب المتطوع البالغ من العمر 24 عاماً، رفض مغادرة حلب. اختار أن يبقى وحيداً في مدينة "منكوبة" رغم أن أهله اضطروا مرغمين ترك منزلهم إلى وجهة أخرى. غادروا منزلهم قبل أن يضرب الجيش السوري طوقاً على الأحياء المحيطة بمنزل العائلة.
لم يتردد هذا الأخير من إرسال المال لمساعدة أهله ودعمهم في غربتهم المفروضة عليهم. في ظل هذا الالتزام الأخلاقي تجاه ذويه، تطوع أنس في جمعية "فسحة أمل" الأجنبية ليكون في خدمة بيئته الصغيرة البريئة دون أي مقابل. يعمل معظم المتطوعين في هذه الجمعية في ضغط نفسي غير مسبوق. يتدربون على دعم أولاد نفسياً متناسين من خلال هذا العمل التطوعي النبيل خوفهم من كل ما يحيطهم. وهم يتعاطون دورياً مع أولاد يعيشون هول اليتم وألم شديد ينتابهم بعد فقدان أهلهم.
ونقلت وكالة "الأسوشييتد برس" عن زميلة تعمل مع أنس في الجمعية أنه "كان يبتكر مجموعة من "الإستكشات" المضحكة ليضفي الفرح في قلوب أولاد ويقرب من خلالها المسافات في ما بينهم". تطوع أنس في جمعية "فسحة امل" مع مجموعة من الشبان والشابات في مهمة محددة تقضي بتوفير الدعم النفسي، المعنوي والمادي لـ 12 مدرسة ولأكثر من 365 ولداً. وحاول المتطوعون، منهم أنس الباشا، أن يزيل جزئياً في لقاءاته العفوية مع الأولاد بعض الخوف عن وجوههم أو أن يحاول تبديد خشيتهم من أي قصف مفاجىء يبدد أحلامهم.
فقد المهرج الشاب حياته بعدما انهالت القذائف على أحد الأحياء المحاصرة في غرب مدينة حلب. عبرت جمعية "أولاد سورية" في بيان صدر عنها عن "أسفها الشديد لمقتل هذا الشاب الذي بات مصدر فرح لأولاد حلب الذين كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر".
ونقل شهود عيان أن مكاتب الجمعية تعرضت لكم هائل من القصف. أجبر المتطوعون، الذين نجوا بأعجوبة بعد القصف، عن التوقف موقتاً عن عملهم. لكنهم أكدوا أنهم يأملون معاودة عملهم التطوعي في القريب العاجل. شرحت إحدى المتطوعات في الجمعية سمر حجازي أننا "نشعر بتعب شديد، ونتوق إلى إستعادة نشاطنا لنتمكن فعلياً من متابعة عملنا".
المصدر: "الفيغارو"، "الاكسبرس"