شرع قادة الميليشيات الشيعية في العراق بالتعاون مع كتل سياسية، في إيجاد مخرج لما يعتبرونها “مآزق” انطوى عليها قانون الحشد الشعبي الذي أقرّه مجلس النواب السبت الماضي.
وأكّد مصدر نيابي عراقي أنّ “المأزق” الرئيسي يتمثّل في ما نصّ عليه القانون المذكور بشأن إسناد قيادة الحشد بعد تحوّله إلى جسم عسكري مستقل ضمن القوات المسلّحة العراقية، إلى رئيس الوزراء الذي يشغل في الوقت ذاته منصب قائد أعلى للقوات المسلّحة، ومنحه صلاحية تحريك قطعات الحشد واختيار مواضع تمركزه والمهمات الموكولة إليه.
وسيعني ذلك سحب الميليشيات من أيدي قادتها وهو ما لا يمكن أن يقبل به هؤلاء القادة النافذون ومن يقف وراءهم من سياسيين بأي حال من الأحوال، لكون الميليشيات تمثّل أذرعهم الضاربة وضمانتهم في صراعهم على المكاسب والمناصب ضدّ خصومهم سواء من داخل البيت السياسي الشيعي أو من خارجه.
وشرح المصدر ذاته أنّ المعترضين على تسليم قيادة الحشد إلى رئيس الوزراء لم يجدوا إلى حدّ الآن أفضل من البحث عن مطعن إجرائي لنقض البند المتعلّق بهذا الجانب.
ويؤكّد ذلك ما كشف عنه، الخميس، عضو اللجنة القانونية النيابية أمين بكر، بشأن تلقّي اللجنة كتبا رسمية من بعض الكتل السياسية لإعادة النظر في تسجيلات الجلسة التي شهدت التصويت على قانون هيئة الحشد الشعبي، مشيرا إلى وجود إشكالية في التصويت على إحدى مواد القانون.
ونقل موقع السومرية نيوز الإخباري عن بكر تأكيده مطالبة كتل سياسية بإعادة النظر في جلسة التصويت على قانون الحشد، موضحا أن “بعض القوى تتحدث عن إشكالية بعدم تصويت الحاضرين على المادة الرابعة من القانون والتي أشارت إلى أن تكون إعادة انتشار وتوزيع القوات في المحافظات من صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة حصرا، حيث كانت الأيادي مرفوعة للتصويت على المادة التي سبقتها”.
وأضاف بكر، أن “اللجنة ستعمل على مشاهدة تسجيل الجلسة للتأكد من هذا الكلام”، مشيرا إلى أنه “في حال ثبت عدم التصويت على المادة فسنعمل على رفع تقرير إلى رئاسة البرلمان لإيجاد صيغة قانونية لحسمها سواء بإعادة التصويت على المادة او على القانون بأكمله”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ إمكانية نقض قانون الحشد راجت بين الأوساط السياسية العراقية قبل أن يدلي النائب أمين بكر بتصريحاته مع خروج خلافات حادّة إلى العلن بين قادة الميليشيات المشكلة للحشد ورئيس الوزراء حيدر العبادي بشأن القانون ذاته، حيث كشفت مصادر عراقية مطلعة أن تلك القيادات غاضبة جدا من العبادي الذي تتهمه بخيانتها، بعدما اتفق معها على مسودة لقانون الحشد الشعبي، وقدّم إلى البرلمان مسودة مختلفة كليا.
وأهم الفصائل المعترضة، هي عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وكتائب الإمام علي، وسرايا الخرساني، والنجباء.
وقالت المصادر ذاتها إن المسودة الأصلية التي اتفقت قيادات الفصائل مع العبادي على بنودها تتضمن مساواة قادة ومنتسبي الحشد الشعبي بقادة ومنتسبي وزارتي الدفاع والداخلية على صعيدي المستحقات المالية والتسليح.
في حين أن البرلمان أقرّ مسودة تنصّ على تكييف الأوضاع القانونية لمنتسبي الحشد وفق التراتبية العسكرية في ما يتعلق بالرواتب، وهذا يتطلب صدور تعليمات جديدة من القائد العام للقوات المسلحة.
كذلك تقول الفصائل المسلحة إنّ المسودة التي اتفقت عليها مع العبادي لا تتضمن أي إشارة لمنع قيادات الحشد الشعبي، بعد إقرار قانونه، من العمل السياسي، ولكن النسخة التي أقرها البرلمان تتضمن نصا صريحا يمنع كل منتسبي الحشد من الانخراط في السياسة.
وتنص المسودة التي أقرّها البرلمان على ضمان تمثيل جميع مكونات العراق في قوات الحشد الشعبي وفقا للمادة التاسعة من الدستور التي تتعلق بالتوازن في القوات المسلحة، وهو ما يفتح المجال -ولو نظريا- أمام العرب السنة تحديدا لتسجيل الآلاف من مقاتليهم في تشكيلات الحشد الشعبي، ما يعني خسارة التفوق الشيعي في هذه القوة، أو تلاشي فكرة تشكيل جيش شيعي مواز للجيش الرسمي.
وإضافة إلى ذلك تحصر المسودة التي أقرها البرلمان لقانون الحشد صلاحية نشر هذه القوة بيد القائد العام للقوات المسلحة، وهي فقرة لم تكن موجودة في المسودة الأولى.
وفي ظل الغضب من العبادي عقدت قيادات الحشد اجتماعا في بغداد، ترأسه أبومهدي المهندس، طرحت خلاله عدة خيارات، أولها تعديل نص قانون الحشد الشعبي بما يحقق المطالب التي اتفقت عليها سابقا مع رئيس الوزراء.
أما الخيار الثاني فيتمثل في أن تزج الفصائل الموالية لإيران بجزء صغير من قواتها في ألوية الحشد الشعبي التي ستتشكل وفق القانون الجديد، على أن تحتفظ بالجزء الأكبر من قواتها خارج هذه الألوية.
والهدف الأساسي من هذا الخيار هو تجنب ما يمكن أن يترتب على تبعية قوات الحشد الشعبي للقائد العام للقوات المسلحة.
العرب