وسط تواصل قصف النظام السوري الروسي على الأحياء الشرقية في مدينة حلب والتي تسيطر عليها المعارضة، وفي ظل المجازر الجماعية بحق المدنيين الذين تركوا يواجهون مصيرهم تحت حمم القصف الكثيف ؛ تبرز المخاوف من سقوط المدينة "معقل الثورة" المدعومة من السعودية وتركيا وقطر؛ الأمر الذي يعد نصرا لا نظير له للاستراتيجية الروسية في سوريا.
المحلل والخبير العسكري زاهر الساكت توقع في حديث مع "عربي21" أن يلقي سقوط حلب -حال وقوعه- بظلاله السلبية على المنطقة خاصة الدول التي "تخاذلت" عن دعم الثورة .
وقال الخبير "تركيا المجاورة لحلب نجحت إلى حد كبير في حماية أمنها القومي وأضحت واعية تماما لدور إدارة أوباما الضعيفة تجاه حل الأزمة في سوريا؛ لذلك اتخذت خطوات لحماية نفسها من أي تبعات غير متوقعة كسقوط حلب ؛لكنها بالتأكيد ليست بمعزل عن الآثار المتوقعة ".
واستبعد الساكت أن تتخلى قطر والسعودية وتركيا عن دعم المعارضة مهما كانت نتائج ما يجري في حلب الآن ؛ مشيرا إلى أن الدور القطري والتركي يبرزان في دعم الثورة والمعارضة السورية على حساب الدور السعودي الذي تعتريه حالة من الفتور .
ولفت إلى القوة الجوية الروسية والأسلحة الفتاكة التي تستخدمها روسيا لدعم النظام السوري في ظل صمت دولي مطبق ؛ معتبرا أن سقوط الثورة وحلب يعني تمدد الهلال الشيعي وسط عاصفة ستطال كل المنطقة؛ مستبعدا في ذلك الوقت حدوث ذلك قائلا " كان يقال سابقا اذا سقطت القصير واذا سقطت حمص سقطت الثورة ؛ لكن الثورة ما زالت مستمرة رغم كل الضغط عليها" .
أما المحلل السياسي محمد الجمال أكد في حديث مع "عربي21" "أن الخسائر الاستراتيجية أكبر أثرا من الخسارة المرحلية، ولذلك يمكننا القول إن الخسارة محدودة جدا في المرحلة الحالية لكن الخسارة كبيرة جدا على المدى الاستراتيجي".
وأضاف "سوريا تشكل عمقا حضاريا وسدا منيعا في وجه الأطماع الفارسية في كل من الخليج العربي وتركيا، وحلب حاليا نقطة ارتكاز في هذا الصراع، وفيها تجري لعبة عضّ الأصابع التي ستشكل منتصرا ومهزوما في نهاية المطاف".
وأشار الجمال "أنّ أوراق الضغط الإيرانية على تركيا مؤثرة في رسم مستقبل المنطقة ؛ فإيران تمد المتمردين الأكراد والانفصاليين بالسلاح والمال، وتتآمر مع الانقلابيين مع كونها مشغولة بحرب مصيرية في سوريا". وأكد أن السماح لإيران بالانتصار في معركة حلب هو بطاقة خضراء لتتقدم على صعيد عدائها السياسي والعسكري والأمني لكل دول المنطقة بما في ذلك تركيا.
وحول رؤية السعودية وتركيا لمستقبل الوضع في سوريا قال المحلل السياسي " قد تكون خسارة معركة أو منطقة جغرافية مفيدة أحيانا لإعادة التموضع وتغيير رسم التحالفات، فقد تكون تركيا حتى الآن تقف موقفا متأرجحا نوعا ما بالنسبة لوضع الروس وحليفتهم إيران في سوريا، كما أنّ بلاد الحرمين لم تبد أي ردّة فعل مناسبة تجاه جرائم النظام المعادي لها في إيران، وكذلك تجاه مسؤوليّتها الإنسانية والدينية التي تزعمها في العالم الإسلامي عموما وفي سوريا خصوصا، وقد يكون لهذه الخسارة آثار إيجابية في هذا الجانب".
وأشار "أن الوضع الميداني الحالي في حلب ليس مؤثرا كثيرا على دعم السعودية وتركيا للثورة السورية، والمصالح المشتركة هي التي تحدد مصير الدعم، وأحيانا تكون المصلحة المنفردة للدولة الداعمة هي منشأ الدعم وسببه الوحيد".
ولفت أن معركة حلب بما تمثّله من تحد خطير لسيادة تركيا المجاورة، و بعد استراتيجي إسلامي وعربي بالنسبة للسعودية تشكل نقطة فارقة في تغيير سياسة الدعم الحالية للمعارضة السورية المسلحة.