يوماً بعد آخر يتضح، اكثر فأكثر، سبب تعثر تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري واستنزاف هيبة العهد في شهره الاول كأنه في منتصفه، يتجاذبه فريق موال وآخر معارض. حقيبة النائب سليمان فرنجية عقبة، لكنها لم تمسِ بعد ازمة ومشكلة مستعصية.

تطوّع الرئيس نبيه بري لحلها، فتريث الرئيس المكلف ينتظر مزيداً من التشاور. لا احد يتحدث عن عقبة سواها في الظاهر على الاقل. على ان المشكلة تقيم في مكان آخر هو الانتخابات النيابية المقررة قانوناً ما بين 20 نيسان و20 حزيران.
في العلن معظم الافرقاء يقولون انهم لا يريدون قانون 2008 المنبثق من تسوية الدوحة وكان شهد دورة انتخابية واحدة عام 2009 وتلطى وراءه تمديدان للبرلمان عامي 2013 و2014 افضيا الى ولاية كاملة ثانية. في السرّ لا احد تقريباً يريد قانوناً جديداً للانتخاب، ولا يريد خصوصاً ان يغامر بكتلته النيابية الحالية ويخسرها، وليس قادراً في المقابل على فرض قانون انتخاب يحافظ على حجمه السياسي الراهن. الا ان الجميع متفقون، في الظاهر كذلك، على الذهاب الى انتخابات 2017، مع الحاحهم على رفض تمديد ثالث. بذلك يعاد تدريجاً تعويم قانون 2008، ما دام هو النافذ، كي تجرى على اساسه الانتخابات النيابية العامة المقبلة. في سبيل الوصول الى هذا الهدف يتأخر تأليف الحكومة ويسهل امرار مزيد من الوقت الضائع. اذ ذاك لا تعود ثمة اهمية للخلاف الناشب على حقيبة فرنجية. بالتأكيد ثمة نزاعات مهمة اخرى على هامشها منها الانقسام المستجد بين الثنائيتين المسيحية والشيعية، احداهما في مواجهة الاخرى.
يوم وضع الرئيس فؤاد شهاب قانون 1960، وكان من تفصيل نسيبه الشهابي الآخر المدير العام لوزارة الداخلية الامير عبدالعزيز شهاب، عدّه اجراء انتقالياً موقتاً بغية تصحيح خلل في تمثيل نيابي نشأ عن انتخابات 1957، ما حمله عام 1960 على حلّ مجلس 1957 قبل اكماله ولاية السنوات الاربع. لم يُدرج الرئيس الراحل قانون الاقضية في عداد اصلاح سياسي لم يُتح له اجراؤه شأن ما فعل عام 1959 مع الاصلاح الاداري. الا انه لم يتوقع، ولا العهود التي تلته، ان يعيش اكثر من نصف قرن. قبل ان تعيد احياءه تسوية الدوحة عام 2008، ايده الرئيس رفيق الحريري عشية اغتياله عام 2005 رغم تمسكه ببيروت دائرة انتخابية واحدة. قبله قالت به بالحاح بكركي مذ رفضت قانوني 1992 و1996 ولم تقتنع بدوائر قانون 2000، وكاد يستجيب طلبها وزير الداخلية سليمان فرنجية حتى شباط 2005.


 

عندما يُسأل رئيس مجلس النواب رأيه في الكلام الاخير لوزير الداخلية نهاد المشنوق عن تعذر الاتفاق على قانون جديد للانتخاب وايحائه بانتخابات نيابية وفق القانون النافذ، يجيب: «هذا الكلام سمعته من زمان. على الآخرين ان يسمعوه ايضاً. عندما تحدثنا عن سلة، فيها الاتفاق على الحكومة وقانون الانتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية، رفضوا وقالوا انها شروط مسبقة على الرئيس. الآن لا حكومة ولا يريدون قانون انتخاب جديداً. لا بل يقولون انهم غير قادرين على وضع هذا القانون. ما حذرت منه في ما مضى وقعنا اليوم في محظوره. ألم أقل مرة قلوبهم مع قانون الستين وسيوفهم عليه. يريدونه ولذلك يحولون دون الاتفاق على آخر».
على ان بري يلاحظ، في ضوء ما قاله وزير الداخلية، ان الذهاب الى الانتخابات بالقانون النافذ «الذي اعارضه وسأقاومه سيضعنا، ليس العهد فقط بل نحن جميعاً، امام الشعب اللبناني الذي يرفضه تماماً، وهو ما كشفته الاحصاءات اخيراً».
هل يعتقد ان كلام المشنوق يلزم الافرقاء؟
يجيب رئيس المجلس: « اعوذ بالله. كلنا ضده. سبق ان اتفقت مع الرئيس ميشال عون على مبدأ قانون جديد للانتخاب، وانا وحركة امل اتفقنا وتكتل التغيير والاصلاح وتحديداً الوزير جبران باسيل قبل الانتخابات الرئاسية على وضع قانون جديد، وتحدثنا في بعض التفاصيل التي تركزت على افكار اقترحتها تعتمد التأهيل على القضاء والنسبية على لبنان دائرة انتخابية واحدة. وافق الوزير باسيل. طلبت منه ان يأتي اليّ بموافقة القوات اللبنانية عليه كي اباشر التحرّك، فذهب ولم يعد».
الا ان بري يقول انه لم يسمع من الرئيس المكلف، قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها، اي موقف من قانون جديد للانتخاب سوى قوله له انه يخوض في هذا الموضوع بعد انتخاب رئيس للجمهورية.
يضيف رئيس المجلس: «قانون الستين لا يضر بي. عام 2013 عندما كان هناك تحضير للانتخابات النيابية قبل تأجيلها والتمديد للمجلس، ترشحت وفزت بالتزكية. من تسعة مرشحين فازوا بالتزكية في كل لبنان سبعة في لائحتي».
على انه اعاد تأكيد تمسكه بقانون يعتمد النسبية، مشيراً الى ان عون، قبل انتخابه رئيساً، ابلغ اليه موافقته على اكثر من صيغة لقانون انتخاب جديد وفق النظام النسبي: الدائرة الواحدة، المحافظات الخمس، مع الدوائر الـ13».