على أمل ألا يثير بعض الموفدين الديبلوماسيين الجدد الى لبنان حساسيات كتلك التي ظهرت حيال الموجة الأولى لدى بعض الأفرقاء والتي سرعان ما ترجمتها جوانب من التعقيدات التي اعترضت تأليف الحكومة الجديدة، ستشهد بيروت اليوم حركة موفدين بارزين في سياق انفتاح الدول على التعامل مع العهد الجديد. وتكتسب هذه الحركة الجديدة بعداً مزدوجاً اذ تشكل من جهة امتداداً لصفحة انفتاح اقليمي وغربي على لبنان بعد طول انكفاء، كما تشكل من وجهة داخلية حافزاً ضمنياً مهماً للقوى السياسية على تسهيل ولادة الحكومة التي لم يعد تأخيرها مبرراً في ظل استعدادات خارجية لدعم البلاد في ظل العهد والحكومة الجديدين.
أما الموفدون الجدد فهم وزراء خارجية كل من تركيا مولود جاويش أوغلو والمانيا فرانك - فالتر شتاينماير وكندا ستيفان ديون. ومن المقرر أن يزور كل منهم تباعاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ناقلاً تهاني بلاده إليه بانتخابه، والمسؤولين الآخرين، علماً ان زيارة الوزير الكندي الذي يرأس وفداً برلمانياً تستمر أياماً عدة وسيكون جانب أساسي منها متصلاً بمسألة اللاجئين السوريين في لبنان واستعدادات كندا لإعادة توطين أعداد منهم في أراضيها.
في غضون ذلك، يبدو ان محركات عملية تأليف الحكومة قد أعيد تحريكها على ايقاع هادئ من النقاط العالقة عندها. ومع ان الجهات المعنية في محيط رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لا تزال تلزم الصمت وتجنّب الافصاح عن أي تحرك أو اتصالات، فإن أوساطاً مطّلعة قالت لـ"النهار"، ان لا صحة لكل ما تردد في اليومين الأخيرين عن مهلة محدّدة لبت العقبات التي تحول دون استكمال التفاهمات على التركيبة الحكومية وتالياً لا جدية في الكلام عن تحديد يوم غد السبت موعداً لحسم المواقف النهائية من التركيبة والتباين القائم حول ما تبقى من حقائب وزارية. وأكدت هذه الأوساط أن الساعات الأخيرة شهدت إعادة الحرارة الى قنوات الاتصالات بين القوى المعنية مباشرة بمأزق التأليف، لافتة الى ان ملف قانون الانتخاب دخل بقوة على خط المناخ السياسي المتصل بعملية تأليف الحكومة، الأمر الذي يثير مزيداً من التساؤلات عما إذا كانت "صدمة" تشكيك وزير الداخلية نهاد المشنوق في إمكان التفاهم على قانون جديد للانتخاب وتلميحه الى بقاء قانون الـ60 استهدفت ضمنًا استنفار القوى السياسية وحملها على تسهيل ولادة الحكومة تحت وطأة تحملها تبعة بقاء قانون الـ60. ولوحظ في هذا السياق ان محطة "أو تي في" الناطقة باسم "التيار الوطني الحر" والتي يفترض أنها تعكس اتجاهات العهد العوني تناولت أمس هذا التطور، فقالت: "لم تنفع إثارة مسألة قانون الانتخابات في حرف الأنظار عن أولوية تشكيل الحكومة الجديدة، تماماً كما لن تنفع محاولة تأخير ولادة الحكومة، في تمييع ضرورة إقرار قانون انتخابي جديد، ولا في تطيير الانتخابات التي تأخرت عن موعدها ولاية برلمانية كاملة. فالبلد يحتاج بشكل مصيري، أولاً إلى حكومة جامعة وفاعلة، وثانياً إلى قانون انتخابي ميثاقي عادل، وثالثاً إلى انتخابات برلمانية شفافة بالكامل. والمقتضيات الثلاثة مطلوبة وفق جدول زمني واضح ولن تنجح كل محاولات الالتفاف على هذه الأجندة الوطنية الضرورية. هذه التراتبية في المهمات المطلوبة ظهرت بوضوح. فبعد محاولة التشويش على موضوع الانتخابات وقانونها، سجّلت مواقف واضحة لكل من "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" تؤكد المطالبة بقانون انتخابي جديدـ علماً أن خطاب القسم الرئاسي، كان حاسماً لجهة التشديد على إقرار هذا القانون قبل الانتخابات المقبلة. وفي شكل متزامن، عادت إلى العمل محرّكات التأليف الحكومي وسط تفاؤل نسبي بالحصول على أجوبة جديدة في هذا الملف، خلال ما تبقى من الأسبوع الحالي. فثلاثية الحكومة والقانون والانتخابات، متلازمة وضرورية لتحصين مناعة البلد في مواجهة كل الأمراض والأضداد".

 

"الحزب" وبري والـ 60
وكانت "كتلة الوفاء للمقاومة" جددت دعوتها الى الإسراع في تشكيل "حكومة الوحدة الوطنية الجامعة"، ورأت أن "لا مبرّر للتأخير خصوصاً ان العقبات المتبقية ليست عصية على الحل"، وشدّدت على إقرار قانون انتخاب جديد واستهجنت "المماطلة الحالية والسابقة في إنجازه كأن المقصود تجاهل إرادة الشعب اللبناني في رفض التمديد ورفض قانون الـ 60".
كذلك سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اتخاذ موقف سلبي من موقف الوزير المشنوق إذ عدّه معبراً عن توجه "تيار المستقبل" السابق للانتخابات الرئاسية "واليوم صار علنياً". وقال: "أنا لا أوافق بالطبع على كلام المشنوق". وأضاف: "أنا ورئيس الجمهورية متّفقان على انتاج قانون جديد تطبّق فيه النسبية، بينما لم أسمع من الرئيس الحريري أنه يسعى الى قانون جديد... أنا لن أستسلم أمام الستين ولو أني لست متضرراً منه واللبنانيون سيردّون برفضه خصوصاً ان ما يزيد على 70 في المئة منهم لا يقبلونه". وخلص الى ان "إبقاءه ليس ضربة للعهد فقط بل لنا جميعنا ولجميع اللبنانيين".