يقف رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط متفرّجاً على المشهد الداخلي، ويجد في «تويتر» متنفّساً لكي يسخر من بعض المواقف والملفات، أو سلاحاً كتابياً لمواجهة التحالفات التي تَنشأ ويعتقد أنها قد تحدّ من دوره.أبعد من التشكيلة الحكومية، يبدو أنّ الحزب التقدّمي الإشتراكي يراقب الأحداث الداخليّة ريثما تمرّ عاصفة التحوّلات التي بدأت بتحالف «القوّات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، وما قد يتبعه من تغيّرات وتأثير على وضع الشوف وعاليه، من ثمّ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وصولاً الى الاشتباك الحكومي الحاصل.
لا شكّ في أنّ التحالفات الجديدة تركت أثرها على وضعية «الإشتراكي» الذي يتعرّض لهجوم شرس داخل بيئته تتّهمه بأنه «تخلّى» عن حصّة الدروز الوزاريّة، وقد شكّل التقارب بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» و«القوّات اللبنانية»، ومن ثمّ التباين المسيحي - الشيعي الذي ظهر أخيراً على خلفية تأليف الحكومة مناسبةً قال البعض إنها كسرت «بيضة القبّان» الجنبلاطية، وأرسَت معادلاتٍ قاسية ليس سهلاً الخروج منها، في وقت لم يستوعب كثيرون بعد حجم التغيّر الداخلي وتأثيره على الأحجام والأوزان.
وفي هذا الإطار، يؤكّد قريبون من «الإشتراكي» لـ»الجمهورية»، أنّ «كلّ ما يُحكى عن أنّ حزبنا تراجع وخرج من اللعبة وكذلك الطائفة الدرزيّة، غير صحيح، لأنّ الحقيقة هي أنّ جنبلاط يقدّم كلّ التسهيلات الممكنة لتأليف الحكومة والتي يُفترض أن تكون حكومة انتخابات تمتدّ لأشهر، إذا لم تحصل مفاجأةٌ ما تدفع الى التمديد للمجلس النيابي مجدّداً، وهو أمر مرفوض أساساً».
ويسخَر القريبون من «الإشتراكي» من مقولة إنّ جنبلاط «لم يعد قادراً على نيل حقيبة خدماتيّة في حين يطالب البعض من أبناء طائفته باسترداد الحقيبة السياديّة»، ويقولون: «هل يصدّق أحدٌ هذا الكلام، فجنبلاط يمكنه أن «يلبط» رجله بالأرض ولا يتزحزح قبل أن ينال ما يشاء من حقائب، فحجم «الإشتراكي» أكبر بكثير من حجم تيار «المردة» والنائب سليمان فرنجية، لكنّ الحكمة والرويّة تفرضان عليه أن لا يتصرّف بهذه الطريقة لكي يؤمّن إنطلاقة العهد وتعالَج الأزمات التي ترهق الناس».
ينطبع التاريخ اللبناني بشخصيات تركت أثرها في الحياة السياسية والوزارية، وقبل «اتفاق الطائف» شغل الزعيم الدرزي مجيد أرسلان منصب وزير الدفاع، وكذلك الزعيم كمال جنبلاط منصب وزير الداخلية، وبعد «الطائف» حُصرت الحقائب بأربعة مذاهب واستثنيَ الدروز، من هنا يؤكد «الإشتراكي»، أنّ «الطائف» لم ينصّ على هذا الأمر، لكنّ هناك أعرافاً طُبّقت، ويمكننا أنّ نأخذ حقّنا ساعة نشاء من دون الدخول في صدام مع أحد، أمّا الآن فالوقت ليس للمناكفات أو لتناتش الحصص».
لا يرى «الإشتراكي» نفسَه خارج التحالفات الجديدة التي يمكن أن تنشأ، خصوصاً أنه كان جزءاً لا يتجزّأ من تحالف «14 آذار» الذي ضمّ «القوّات اللبنانية» وتيار «المستقبل» وأحزاب وشخصيات أخرى إضافة الى «التيار الوطني الحر» قبل حصول الإنفصال.
ويشير «الإشتراكي» الى انّه لا يقرأ في الخلاف بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي صداماً مسيحيّاً- شيعياً، بل إنّ عون يريد تطبيق «الطائف»، لذلك قد نشهد إختلافاً في وجهات النظر لكنّ اللبنانيين محكومون في النهاية بالتوافق».
لا يتوجّس «الإشتراكي» من تحالف «القوات»- «المستقبل»- «التيار الوطني الحرّ»، لكنّه يدعو في المقابل الى توسيع أطره، أو على الأقلّ عدم حصوله دفعة واحدة وبالنحو الذي يحصل فيه الآن «لكي لا يحصل أيّ صدام مع أطراف داخلية أخرى أو ندخل في منطق الإقصاء والإلغاء، فالجميع شريك في الوطن، ويجب أن لا نخاف بعضنا من بعض».
أمام كلّ هذا المشهد، تبقى الأولويّة لتحصين الساحة الداخلية، في حين تدلّ كلّ المؤشرات على أنّ جنبلاط كان الرابح الأكبر في كلّ المراحل نتيجة «برماته» المفاجئة، فهل سينجو هذه المرّة، أو ستُصيبه سهام التنازع الشرس بين المتخاصمين؟