إنها حلب الحرة.. حلب الثورة.. المأساة المفتوحة منذ شهور أمام عيون وكاميرات العالم.
لقد أصبحت الوجع اليومي الحقيقي للإنسانية والتاريخ تُرثي قتلاها وأطفالها وأحلامها تلملم شظايا الأرواح العالقة في براميل المتفجرات والقذائف وهذا العالم كله يكتفي بالدمع الأسى والقلق .
مدينة الشهباء عشقت الثورة والحرية فاستحقت العقاب اللئيم على روح الثورة بأبشع صور العقاب وأقسى همجية للإنتقام .
فيما لا تزال حلب عرضة للدمار، وفيما لا يزال سكانها عرضة للقتل والتهجير، لا تزال ماكينة الموت والدمار تحصد المزيد على مرأى ومسمع العالم وقد تحول كل شي إلى مقبرة ضخمة .
حذر مسؤول دولي رفيع من أن القسم الشرقي من مدينة حلب في شمال سوريا، قد يتحول الى مقبرة ضخمة إذا لم تتوقف المعارك واستمر الحؤول دون إيصال المساعدات الإنسانية الى السكان. وطالب مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين بمساعدة مجلس الأمن الذي عقد جلسة طارئة بناء على طلب فرنسا.
لكن سفراء الدول الـ15 بدوا عاجزين مع تحميل الغربيين روسيا مسؤولية تدهور الوضع ، وقال أوبراين إن 25 ألف مدني فروا من شرق حلب منذ السبت، مشيراً الى سقوط عشرات القتلى في غارة جوية واحدة صباحاً«، وموضحاً أنه بسبب عدم وجود سيارات إسعاف نقل جرحى في عربات خضر.
ونبه المسؤول الدولي الى أنه من المرجح أن آلافاً آخرين سيفرون إذا امتدت المعارك وتصاعدت في الأيام المقبلة. وأضاف ندعو بل نرجو أطراف النزاع ومن لديهم نفوذ، أن يبذلوا ما بوسعهم لحماية المدنيين ولإتاحة الوصول الى القسم المحاصر من شرق حلب قبل أن يتحول الى مقبرة ضخمة.
وأشار الى أن الأمم المتحدة جهزت كميات من الأدوية والأغذية لإمداد عشرات آلاف الأشخاص وشاحناتها مستعدة لدخول حلب. وأكد أوبراين أنه أمر حيوي أن تسمح لنا الحكومة السورية بنشر طواقمنا في حلب في أمان وبدون تضييقات لا طائل منها.
وعبّر عن القلق البالغ على نحو 250 ألف مدني عالقين في شرق حلب. وقال «هؤلاء الأشخاص محاصرون منذ 150 يوماً ولا يملكون وسائل البقاء لفترة أطول. وأعرب عن الأسف لأن نداءاتنا وطلباتنا وحتى طلبات هذا المجلس، تجاهلها (مختلف أطراف النزاع) في شكل كبير.
ثم توالى ممثلو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على الكلام محملين روسيا مسؤولية عرقلة أي حل وندد السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر بـوحشية كبيرة تسود الهجوم الحالي للنظام في حلب، مبدياً أسفه لكون المحاولات المتتالية لمجلس الأمن لإنقاذ سكان حلب اصطدمت بعدم تجاوب روسيا.
وقالت السفيرة الأميركية سامنتا باور إن المجلس لا يرد على نداءات مساعدة المدنيين (في حلب) لأن روسيا لا تريد ذلك.
واعتبر السفير البريطاني ماثيو رايكروفت أن هذا المجلس كان عاجزاً تماماً عن التحرك. لماذا؟ لأن روسيا استخدمت الفيتو أيضاً وأيضاً.
إنها مأساة بكل ما للكلمة من معنى سيتخذها البعض على شكل انتصار يتغنى به أمام جمهوره وناسه وتاريخه، وأي انتصار هذا الذي يزهق البشر ويشتت الأرواح و يدمر الأخضر واليابس؟ ولأجل من؟ ولأجل ماذا؟