تعثرات التأليف مكانها , وتجاذبات سياسية جديدة تفرز تحالفات جديدة
السفير :
بينما يستمر «عض الأصابع» بين الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة، يتفرغ الجيش لـ «بتر أصابع» الإرهاب استنادا الى أجندة أمنية ـ عسكرية، لا تتأثر باي تشويش سياسي ولا يعنيها الصراع المحموم في هذه الايام على السلطة.
وفي هذا السياق، نفذت استخبارات الجيش أمس عملية دهم في بلدة مجدل عنجر، أفضت الى توقيف المدعو عمر ح.خ. المتهم بتأمين متفجرات وأسلحة لمصلحة شقيقه الذي ينشط في «كتائب عبد الله عزام».
وقد اكتسبت هذه العملية أهميتها من أمرين:
الأول، ضبط صاروخ مضادّ للطائرات من ضمن كمية من المتفجرات والقنابل عُثر عليها في تخشيبة تحت الارض ملاصقة لمنزل عمر. والثاني، أن الموقوف شقيق إرهابي خطير ومسؤول في «كتائب عبدالله عزام»، يدعى رضوان. ح.خ. الفار من العدالة والذي غالبا ما يتنقل بين سوريا وتركيا، وهو يتحمل المسؤولية عن التفجيرين الارهابيين اللذين استهدفا في السابق منطقتي ضهر البيدر والطيونة.
وتمت عملية المداهمة بعد رصد دقيق ومتابعة حثيثة للهدف، قادا الى التثبت من تورطه في أنشطة مشبوهة، بناء على معلومات وصلت الى استخبارات الجيش.
وأبلغت مصادر عسكرية «السفير» أن الصاروخ الذي تم ضبطه يبلغ مداه 6 كيلومترات، ووزنه 16 كلغ، وطوله متر ونصف المتر، وقطره 70 سم، ويمكنه ان يصيب أهدافا يصل ارتفاعها الى قرابة 4000 متر، وهو من نوع fn-6 صيني المنشأ، لا يحتاج الى منصة إطلاق، وبالتالي فإن خطورته تكمن في كونه يُطلق عن الكتف في الاتجاه المحدد.
وهذا الصاروخ قادرعلى اعتراض الطائرات والحوامات التي تقلّ سرعتها عن 440 مترا في الثانية، يعتمد على تتبع الأشعة ما تحت الحمراء التي يصدرها محرك الطائرة، ويتميز بقدرات تقنية مضادة للتشويش ولأشراك الأشعة ما تحت الحمراء، الخداعية.
ورجحت المصادر، في سياق الاستنتاجات الأولية، أن يكون اقتناء هذا الصاروخ مندرجا في إطار محاولة محتملة لاستهداف المروحيات التابعة للجيش اللبناني، أثناء تحليقها فوق البقاع لتنفيذ المهام الموكلة اليها في مواجهة الإرهابيين المنتشرين في الجرود.
وأوضحت المصادر أن هذا النوع من الصواريخ موجود بحوزة بعض المجموعات المسلحة في سوريا، حيث تم استخدامه في الحرب، مشيرة الى أن التحقيق مع عمر خ. سيركز على معرفة كيفية وصول الصاروخ اليه، ومن هرّبه، وهل يوجد غيره، وما الغاية من جلبه الى مجدل عنجر.
أمون.. صامت
إلى ذلك، أوضحت المصادر العسكرية أن المحققين حاولوا مجددا أمس المباشرة في التحقيق مع الإرهابي المصاب أحمد يوسف أمون، الذي اعتقله الجيش خلال العملية الخاطفة في وادي الأرانب في جرود عرسال، لكن تبين لهم أن وضعه الصحي لا يزال يحول دون إخضاعه للاستجواب.
وأشارت المصادر الى أن استخبارات الجيش ستنتظر حتى يبدأ أمون بالتماثل للشفاء للمباشرة في استجوابه، وفق القواعد المتبعة في مثل هذه الحال، وذلك بغية تأمين الظروف الملائمة لاستخراج الاعترافات الضرورية منه.
وأكدت المصادر أن هناك قرارا متخذا على أعلى المستويات في قيادة الجيش بتفعيل عمل مديرية الاستخبارات على كل الصعد، في إطار الحرب الاستباقية على الارهاب، مشيرة الى أن كل طاقات المديرية وخبراتها يجري استثمارها حاليا حتى الحد الأقصى، ما انعكس مزيدا من الإنجازات والنجاحات المتمثلة في عمليات أمنية معقدة واحترافية أفضت الى توقيف عدد كبير من الرموز الإرهابية خلال الاشهر العشرة الماضية.
عين الحلوة
وماذا عن الوضع في مخيم عين الحلوة بعد الضجة التي أثيرت حول «جدار العزل» الذي كان يبنيه الجيش على أطراف المخيم وفق توصيف الفصائل الفلسطينية، او «سور الحماية» وفق التسمية التي تصر عليها المؤسسة العسكرية؟
قرر الجيش تجميد العمل مؤقتا على الأرض، من أجل إعطاء الفصائل فرصة مدتها قرابة 15 يوما، لتقدم بديلا مقنعا ومجديا من الجدار او السور، وبعد ذلك يبنى على الشيء مقتضاه تبعا للجواب الذي ستتبلغه المؤسسة العسكرية.
وحتى ذلك الحين، أكدت المصادر العسكرية لـ «السفير» أن الجيش تعرض لحملة ظالمة، مشيرة الى أن الفصائل كانت موافقة على عمله وهي قدمت ملاحظات واقتراحات جرى الأخذ بها، ثم بدلت موقفها بعد الصخب الإعلامي الذي حصل.
وشددت المصادر على أنه ليس صحيحا أن الجيش كان يبني جدار فصل يرمي الى تطويق مخيم عين الحلوة وعزله، بل إن المسألة تتعلق بسور مكوّن من مكعبات اسمنتية، ويمتد في البساتين والمناطق غير المأهولة التي تُستخدم لتهريب الارهابيين والسلاح، من وإلى المخيم، كما تثبت الأنفاق التي تم اكتشافها.
وأكدت المصادر أن المخيم ومحيطه يشكلان أرضا لبنانية، وبالتالي فإن من واجب الجيش حماية السيادة والامن على هذه الرقعة من الأرض، وهذا من شأنه أن يحمي الفلسطينيين واللبنانيين، على حد سواء.
ولفتت المصادر الانتباه الى أن عددا من الرموز الارهابية والمتطرفة التي تشكل خطرا كبيرا على الأمن، ويشكوها أبناء «عين الحلوة» كما الجيش، تغلغلت في المخيم تباعا، ومن بينهم بلال بدر وأسامة الشهابي وجمال الرميض فارس وهلال هلال وهيثم الشعبي وصالح ويحيى ابو السعيد، مشيرة الى أن هؤلاء وغيرهم هم من المطلوبين للعدالة، «والجيش يملك حرية التصرف والحركة للوصول اليهم، كلما وجد اللحظة مناسبة للانقضاض على أحدهم».
واعتبرت المصادر أن تجربة اعتقال عماد ياسين واقتياده من قلب المخيم الى وزارة الدفاع يمكن أن تتكرر في أي وقت، «وعلى كل ارهابي يمثل تهديدا للاستقرار ويختبئ في عين الحلوة أن يعلم أنه سيجلس في لحظة ما الى جانب ياسين في السجن».
وشددت المصادر العسكرية على أن الجيش متضامن مع الشعب الفلسطيني المظلوم ومتعاطف مع قضيته العادلة، «وبالتالي فإن المشكلة الحقيقية والجوهرية ليست بينه وبين المخيم الذي يجب أن يبقى رمزا للقضية، وإنما تكمن في وجود بعض الارهابيين الذين يتم احتضانهم في بؤر معينة»، مشيرة الى أن الجيش يتمنى لا فقط الاستغناء عن السور بل إزالة حواجزه المنتشرة على مداخل المخيم ايضا، «لكن الواقع الحالي لا يسمح بأي تهاون او استرخاء».
واعتبرت المصادر العسكرية أن الفصائل معنية بمساعدة الجيش الذي أبلغها بوضوح موقفه الحازم الرافض لأي عبث بالوضع الأمني انطلاقا من المخيم، «وهو ينتظر منها التفهم والتجاوب لحماية «عين الحلوة» والعمق اللبناني من أي مخاطر، وصولا الى المحافظة على حسن الجوار».
النهار :
قد لا يشكل مرور الشهر الاول اليوم من عهد الرئيس العماد ميشال عون مهلة "قاتلة" لجهة مسار تأليف الحكومات التي طبع اللبنانيون في العقد الأخير على ترقب استهلاكها شهوراً. ومع ذلك يصعب تجاهل الثقل المعنوي والسياسي الذي يرخيه التأخير الحاصل في عملية تأليف أولى حكومات العهد وخصوصاً في ظل تصاعد دلالات سلبية من "متاريس" الاشتباك السياسي الذي يحاصر تأليف الحكومة العتيدة. بدا واضحا من خلال انكفاء رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري في اليومين الأخيرين عن الانخراط في بعض جوانب هذا الاشتباك وانصرافه الى الاتصالات البعيدة من الأضواء ان ما ارتسم خلف أكمة الاعتراضات والاعتراضات المضادة قد بلغ حدوداً تجاوزت طبيعة الخلافات على بعض الحصص والحقائب بما صار يوجب مراجعة واسعة لبعض جوانب العلاقات المتوترة بين فريق العهد والثنائي "أمل " و"حزب الله " سواء بسبب مشروع التركيبة الحكومية أو بسبب عوامل أخرى باتت معروفة.
بيد ان بعض الاوساط المعنية بالمأزق قال أمس لـ"النهار" إنه على رغم الجمود الطارئ على الاتصالات والمفاوضات المتصلة بتذليل العقد الوزارية وكذلك بتبديد الغيوم السياسية الكثيفة التي تظلل مجمل المشهد، لا يبدو ان ثمة عودة الى الوراء في ما يتعلق بتغيير القواعد الاساسية التي اتبعت في وضع التركيبة الحكومية بما يعني استبعاد كل ما يتردد عن اتجاهات أو اقتراحات لتشكيل حكومة تكنوقراط او الاتجاه مجدداً الى تشكيلة من 30 وزيراً بدل 24. اذ تلفت الاوساط الى ان طبيعة الخلاف على ما تبقى من عقد تبقي المشكلة مبدئياً في اطار صراع ضمني على التوازنات السياسية داخل الحكومة ولم ينشأ هذا المأزق أساساً بفعل أي عامل طائفي الا عندما بدأ الاعتراض على تأثير التحالف العوني – القواتي على الحصة "القواتية " يجنح في اتجاه وضع الثنائي الشيعي في مواجهة الثنائي المسيحي. ومع ان أياً "من المعنيين بالخلاف لا يتعامل، بحسب هذه الاوساط، مع المشكلة من منطلقات طائفية بل من منطلقات التوزانات التي يراها كل من الفريقين برؤية مناقضة للآخر، فان ذلك لا يقلل حساسية المأزق الذي بات ينذر بتآكل الوقت الى حد تصاعد التحذيرات من اتجاهات مختلفة من ان التمادي فيه سيجعل سيف قانون الـ60 الانتخابي خطرا ماثلاً فوق الجميع وبمثابة فرض أمر واقع لا مفر منه.
صدمات المشنوق
ولم تكن التوجهات والمواقف التي أعلنها أمس المعني الاول بالاستعدادات لملف الانتخابات النيابية وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من آفاق القانون الانتخابي سوى دليل على ان استنزاف المهل والوقت لن يترك مجالاً الا لبقاء قانون الـ60 الذي سيغدو صعباً للغاية احلال قانون بديل منه كلما تأخر تأليف الحكومة وكلما تعمقت الخلافات المعتملة في مطالع العهد الجديد. اذ ان الوزير المشنوق كشف صراحة ومن دون قفازات في مؤتمر "الاطار القانوني للانتخابات البرلمانية " وعلى مسامع حضور ديبلوماسي دولي وغربي الكثير من مستور الخلافات التي تنذر ببقاء قانون الـ60، وقال إنه "ليس متفائلاً بقدرة القوى السياسية على التفاهم على قانون انتخاب جديد خلال شهر أو شهرين فما عجزت عنه هذه القوى خلال اعوام لن تستطيع الوصول اليه خلال شهرين". واذ ذهب أبعد في المكاشفة بتأكيده ان "قانون الستين مرفوض من كل الناس علنا وربما مرغوب فيه سراً عند الكثير من القوى السياسية"، أكد ان وزارة الداخلية "جاهزة لاجراء الانتخابات النيابية وفق قانون الستين".
الحكومة
اما في ملف تأليف الحكومة، فعلمت "النهار" ان الجهود المبذولة حالياً لتذليل العقبات تتركز على موضوع الحقيبة التي ستسند الى "تيار المردة" والتي ستكون على الارجح وزارة التربية. ولفتت مصادر معنية الى ان الطرفيّن الوحيديّن اللذين أنجزا المطلوب منهما وأصبحا خارج المناقشات هما "القوات اللبنانية" و"اللقاء الديموقراطي". ورأت ان ما يُقال عما يسمى عقدة وزارة الاشغال عالقة بين حركة "أمل" و"القوات" لا أساس له. إذ أن هناك إتفاقا مع الرئيس الحريري وبالتفاهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري يقضي بتعويض تنازل "القوات" عن مطلبها حقيبة سيادية مساهمة منها في تعزيز الشركة مع العهد وتسهيلا لإنطلاقته بحقائب الاشغال والشؤون الاجتماعية والاعلام إضافة الى منصب نائب رئيس الوزراء. وقد بادر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الى تزويد الرئيس الحريري الاسماء لهذه الحقائب كما فعل النائب وليد جنبلاط الامر نفسه بالنسبة الى الحقائب التي ستكون من حصة "اللقاء الديموقراطي".
في غضون ذلك، اعتبر الرئيس بري أمس انه قدم كل التسهيلات لتأليف الحكومة "والعقدة ليست عنده بل في مكان آخر". وما لم يفصح عنه بري صراحة أوضحه عضو "كتلة التنمية والتحرير" النائب ايوب حميد اذ قال إن " التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية هما اساس المشكلة ولن نقبل بتحجيم النائب سليمان فرنجية".
رد "القوات"
وفي المقابل، استغربت مصادر "القوات اللبنانية" عبر "النهار"الكلام عن أن العقدة الحكومية تكمن في الاتفاق بين "القوات" و"التيار الوطني الحر"، فيما الوقائع السياسية التي ظهرت في الأيام الأخيرة أظهرت ان العقدة الفعلية من طبيعة وطنية لا حكومية وهي تتصل بمحاولات لتقييد العهد في ثلاثة جوانب أساسية: سعيه الى تطبيق الدستور، وتحالفاته الداخلية وعلاقاته الخارجية.
وقالت المصادر إن أكثر ما يدحض الكلام عن ان العقدة لدى "القوات" و"التيار الوطني الحر" يكمن بتنازل "القوات" عن حقها الطبيعي والبديهي بحقيبة سيادية من أجل تسهيل انطلاقة العهد وتسريعها، فيما المشكلة الأساس تكمن في مكان آخر هو السعي الدؤوب الى فك التحالف بين و"القوات". "التيار الوطني الحر"
وتمنت المصادر لو أن تلك الجهود تتركز على بناء الدولة وتعزيز الشركة الوطنية وترسيخ الاستقرار بدل سياسة فرق تسد القديمة - الجديدة والتي كان يتبعها عهد الوصاية الذي فقد صوابه على أثر مصالحة الجبل، "لكننا نرغب بتذكير البعض بأن عهد الوصاية انتهى واننا في سنة 2016 لا في 2001 وفي مطلع عهد وطني جديد".
المستقبل :
إنها حلب الحرة.. حلب الثورة.. مأساة مفتوحة منذ شهور أمام عيون وكاميرات العالم. صارت وجعاً يومياً. نعد القتلى بالعشرات ونرثي أطفالاً وأحلاماً. نلملم شظايا أرواحنا مع كل برميل متفجرات وقذيفة تطلقها قوات الأسد. ونكتفي بالدمع والأسى. مذنبة هذه المدينة الشهباء. عشقت الثورة باكراً فاستحقت العقاب اللئيم. قال «الممانع» الحاكم بأمر طهران وموسكو: فلتكن أحياؤها الشرقية «تابوتاً حقيقياً» لربع مليون إنسان لا بل فلتتحول الى «مقبرة هائلة».
فقد حذر مسؤول دولي رفيع من أن القسم الشرقي من مدينة حلب في شمال سوريا، قد «يتحول الى مقبرة ضخمة» إذا لم تتوقف المعارك واستمر الحؤول دون إيصال المساعدات الإنسانية الى السكان. وطالب مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين بمساعدة مجلس الأمن الذي عقد جلسة طارئة بناء على طلب فرنسا.
لكن سفراء الدول الـ15 بدوا عاجزين مع تحميل الغربيين روسيا مسؤولية تدهور الوضع.
وقال أوبراين إن 25 ألف مدني فروا من شرق حلب منذ السبت، مشيراً الى سقوط «عشرات القتلى في غارة جوية واحدة صباحاً«، وموضحاً أنه بسبب عدم وجود سيارات إسعاف «نقل جرحى في عربات خضر».
ونبه المسؤول الدولي الى أنه «من المرجح أن آلافاً آخرين سيفرون إذا امتدت المعارك وتصاعدت في الأيام المقبلة». وأضاف «ندعو بل نرجو أطراف النزاع ومن لديهم نفوذ، أن يبذلوا ما بوسعهم لحماية المدنيين ولإتاحة الوصول الى القسم المحاصر من شرق حلب قبل أن يتحول الى مقبرة ضخمة».
وأشار الى أن الأمم المتحدة جهزت كميات من الأدوية والأغذية لإمداد عشرات آلاف الأشخاص وشاحناتها مستعدة لدخول حلب. وأكد أوبراين أنه «أمر حيوي أن تسمح لنا الحكومة السورية بنشر طواقمنا في حلب في أمان وبدون تضييقات لا طائل منها».
وعبّر عن «القلق البالغ» على نحو 250 ألف مدني عالقين في شرق حلب. وقال «هؤلاء الأشخاص محاصرون منذ 150 يوماً ولا يملكون وسائل البقاء لفترة أطول». وأعرب عن الأسف لأن «نداءاتنا وطلباتنا وحتى طلبات هذا المجلس، تجاهلها (مختلف أطراف النزاع) في شكل كبير».
ثم توالى ممثلو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على الكلام محملين روسيا مسؤولية عرقلة أي حل.
وندد السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر بـ«وحشية كبيرة تسود الهجوم الحالي للنظام» في حلب، مبدياً أسفه لكون المحاولات المتتالية لمجلس الأمن لإنقاذ سكان حلب «اصطدمت بعدم تجاوب روسيا».
وقالت السفيرة الأميركية سامنتا باور إن «المجلس لا يرد على نداءات مساعدة المدنيين (في حلب) لأن روسيا لا تريد ذلك».
واعتبر السفير البريطاني ماثيو رايكروفت أن «هذا المجلس كان عاجزاً تماماً عن التحرك. لماذا؟ لأن روسيا استخدمت الفيتو أيضاً وأيضاً«.
وذكر رايكروفت بأن إسبانيا ونيوزيلندا ومصر قدمت أخيراً مشروع قرار الى مجلس الأمن مطالبة بهدنة لعشرة أيام بهدف إسعاف السكان في شرق حلب، آملاً بتصويت سريع على المشروع، لكن أي موعد لم يتم تحديده لهذا الأمر فيما أعرب ديبلوماسيون في المجلس عن اقتناعهم بأن موسكو ستعرقل المشروع.
وشدد المبعوث الخاص المعني بسوريا ستيفان دي ميستورا في إفادته أمام المجلس عبر دائرة تلفزيونية من جنيف على ضرورة السماح للأمم المتحدة بالوصول إلى جميع المحتاجين للمساعدة أينما كانوا، وبدون شروط مسبقة.
وكرر السفير الروسي فيتالي تشوركين ضرورة مواصلة «عملية مكافحة الإرهاب» في حلب، متهماً الولايات المتحدة بعدم الإيفاء بوعدها بـ«فصل الناشطين الذين يعتبرون معتدلين عن إرهابيي جبهة النصرة». كذلك، اتهم الغربيين بالعمل على «إنقاذ الإرهابيين» و»استخدام مشاكل إنسانية لأغراض سياسية«.
وقالت مصادر في مكتب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إنه ناقش الوضع في مدينة حلب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الهاتف للمرة الثالثة في أسبوع واتفق معه على ضرورة وقف إطلاق النار.
وذكرت المصادر أن الزعيمين اتفقا على تكثيف المساعي للتوصل إلى وقف للأعمال القتالية وضرورة إيصال المساعدات للمدينة.
وكان ممثلون لفصائل معارضة التقوا مع مسؤولين روس في أنقرة الاثنين، من دون إعلان مستوى تلك الاجتماعات.
وناشد رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أنس العبدة في رسالة إلى الأمم المتحدة «اتخاذ خطوات فورية وحاسمة لحماية المدنيين في حلب ووقف الهجوم الوحشي على المدنيين فيها، من خلال إجبار نظام الأسد على الالتزام ببنود وقف الأعمال العدائية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والطبية لمدينة حلب بشكل فوري وبدون عراقيل ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم».
واتهم العبدة «نظام الأسد وحلفاءه بأنهم حولوا المناطق المحررة من مدينة حلب إلى تابوت حقيقي نظراً لكون مخازن الأغذية قد نفدت بشكل رسمي وكون المدنيين تحت حصار خانق».
ووصف العبدة في رسالته التصعيد العسكري الأخير بأنه «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية تُسجل ضمن رصيد الوحشية الدموي الطويل لنظام الأسد»، مشدداً على أن «ضمان ألا يستمر إجرام النظام ضد السوريين بدون عواقب يقع على عاتق الأمم المتحدة».
وتعهدت المعارضة السورية بمواصلة القتال في شرق حلب في مواجهة تقدم حكومي مفاجئ أفقدها السيطرة على ثلث القطاع الذي تهيمن عليه من المدينة في الأيام الأخيرة مما جعلها على وشك التعرض لهزيمة كارثية.
وذكر مصدر عسكري تابع لقوات الأسد أن جنود الحكومة والقوات المتحالفة معهم استعادوا السيطرة الكاملة على حي الشيخ سعيد على الطرف الجنوبي للمنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب، لكن المعارضة نفت ذلك وقالت إنها ردت القوات الحكومية. وقال المرصد السوري إن الفصائل المسلحة لا تزال تسيطر على ثلث الحي.
وأكد النقيب عبدالسلام عبدالرزاق المتحدث العسكري باسم حركة «نور الدين الزنكي» مقتل 35 عنصراً من ميليشيات إيران وجرح عدد آخر إثر تمكن الفصائل الثورية من استعادة كافة النقاط التي تقدمت عليها تلك الميليشيات في حي الشيخ سعيد بحلب.
وأشار عبدالرزاق إلى أن الثوار تمكنوا أيضاً من أسر 4 عناصر من ميليشيات إيران الشيعية، معظمهم يحملون الجنسية الأفغانية.
وأبلغ زكريا ملاحفجي رئيس المكتب السياسي لتجمع فاستقم الذي ينشط في حلب رويترز أن جماعات المعارضة المسلحة في المدينة رفضت أي انسحاب. وقال متحدثاً من تركيا من دون الخوض في التفاصيل «هذا قرار الفصائل أنا تكلمت معهم بكل ما طرح.. فهم ما ممكن ينسحبوا ويمكن تصير أشياء أخرى«.
وقال المرصد الذي يتخذ من لندن مقراً له إن الحكومة اعتقلت واستجوبت مئات الأشخاص الذين اضطروا للفرار من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى مناطق أكثر أمناً نسبياً تسيطر عليها الحكومة.
ونفى مصدر عسكري تابع للحكومة ذلك قائلاً إنه لم تحدث اعتقالات لكنه أضاف أن الأشخاص النازحين الذين لا تعرف هوياتهم يُنقلون إلى «أماكن محددة» في المنطقة من حلب التي عثر فيها على المدنيين الفارين.
وفي غضون ذلك قال مسؤول في جماعة الجبهة الشامية المعارضة في حلب إن القوات الحكومية كثفت الضربات الجوية بما في ذلك على المدينة القديمة في حلب. وقال عمال إنقاذ في شرق حلب إن 45 شخصاً قتلوا في أحدث موجة قصف.
ومع بقاء عشرات الآلاف من الأشخاص في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب يقول كثير من الأشخاص إنهم يفضلون الموت على الاستسلام للحكومة التي يحاولون الإطاحة بها منذ اندلاع الاحتجاجات ضد الأسد في 2011. وذهب آلاف الأشخاص الذين فروا من القتال إلى حي الشيخ مقصود الذي يسيطر عليه الأكراد ولم يسلموا أنفسهم إلى الحكومة التي يتهمها محققو الأمم المتحدة باعتقال نشطاء ومدنيين سراً.
وقال ساكن من شرق حلب يدعى سالم أبو مضر إنه على الرغم من أنه لم يحمل سلاحاً مطلقاً ضد الحكومة لكنه قال «أخشى ألا يتركني النظام أمضي وأن ينتهي بي الأمر في أحد سجونه الكثيرة«.
وقال عمال إنقاذ في منطقة المعارضة إن تجدد القصف المدفعي أودى بحياة أكثر من 45 شخصاً معظمهم نساء وأطفال أمس الأربعاء وأصاب عشرات آخرين ومن بينهم بعض من فروا من مناطق المواجهة. وقال المرصد السوري إن 26 شخصاً قتلوا في ذلك الهجوم.
وقال ممرض ومصور يدعى عارف العارف ويعمل في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة من المدينة «اليوم كان في مجزرة تانية أنا كنت شاهداً عليها. النازحون كانوا الساعة 6:30 صباحاً متجهين من الأحياء الشرقية بمدينة حلب. كان في قصف مدفعي هني (هنا) وكانوا ماشيين بالشوارع. عن جد (حقاً) شي فظيع جداً جداً«.
وأظهرت صور أرسلتها هيئة الدفاع المدني للإنقاذ للوضع بعد الهجوم أشخاصاً غارقين في برك من الدماء في الشوارع ومن بينهم امرأة ترتدي ثياباً سوداء كانت تحمل حقيبة ظهر كبيرة.
وقال مركز «الدفاع المدني في حلب» إن قوات النظام استهدفت بالمدفعية النازحين من حي جب القبة شرق حلب، وقتلت 45 شخصاً منهم جميعهم مدنيون ومعظمهم من النساء والأطفال، في حصيلة تبقى أولية، كما أصيب آخرون في الاستهداف ذاته.
ونشر المركز صوراً لجثث متناثرة من المدنيين مع حقائبهم بعدما قضوا في القصف العنيف الذي استهدفهم.
الديار :
كأني لم أعش 40 سنة حرب ولا تأليف حكومات ولا تجارب سياسية وجيش وصحافة وإذا بي لا افهم ما يحصل فعلياً، ذلك أن الكل كان يخفي أوراقه والمطلوب معلومات دقيقة وأنا على ابتعاد كامل عن كل القيادات السياسية لقرفي من السياسة في لبنان.
فتشت عن السبب الذي جعلني اصطدم بالوزير جبران باسيل ونادر الحريري أولاً فرأيت أن الوزير جبران باسيل مع نادر الحريري شكّلا جبهة باسم الرئيس العماد عون والرئيس سعد الحريري وباتا هما يؤلفان الحكومات ويوزعان الحقائب ويفتحان خطوطاً دولية سعودية - فرنسية - أميركية وفي كل الاتجاهات، واصبح الوزير جبران باسيل وزير طاقة ووزير اتصالات ووزير خارجية وولي عهد يعين من يريد وزيراً، أما نادر الحريري بغياب الرئيس سعد الحريري أخذ مجده في التفاوض مع كل الأطراف وشكل فراغ غياب الرئيس سعد الحريري فرصة له ليشكل ثنائياً مع الوزير جبران باسيل بالنتيجة أوصل العماد عون لرئاسة الجمهورية ولكن بأزمة كاملة.
منذ الآن أنا أوقع على ورقة بيضاء أن الانتخابات في المدى المنظور (ونقصد بالمدى المنظور سنتين أو ثلاث) هي على قانون 1960. وبدت الصورة كاريكاتورية، حرب بين من يريدون قيادة الجرافات والتزفيت والاشغال في لبنان، ثم وجدت امتعاضاً مسيحياً ضد الرئيس نبيه بري لهجومه على الثنائي المسيحي، فيما الرئيس سعد الجريري يتفرج ويقول الحمد الله الطائفة السنية خارج الصراع ولتحصل المعارك بين الشيعة والموارنة بين الثنائي الشيعي والثنائي الماروني وهو كان يعرف أن الوزير سليمان فرنجية لن يمر وقال أنه في أصعب الظروف إن ترشيحه للوزير سليمان فرنجية سيؤدي إلى شق الصف الماروني وخلاف الوزير سليمان فرنجية مع الرئيس العماد ميشال عون، وكان يعرف ذلك وهو في باريس، والرئيس سعد الحريري الذي أغلقت الأبواب في وجهه لعدم عودته رئيسا للحكومة والازمة المالية التي يعيش أوصلته إلى دق باب العماد ميشال عون معلناً ترشيحه العماد عون لرئاسة الجمهورية مرغماً أخاك لا بطل.
فتشت عن سبب اصطدامي بالاطراف السياسية عبر مقالات الصفحة الأولى في «الديار»، فوجدت أن المشكلة الأساسية هي أن العماد وقّع ورقة تفاهم مع حزب الله في مار مخايل وتحالف مع حزب الله وصدق معه حزب الله في دعمه لرئاسة الجمهورية، لكن حزب الله لم يوقّع على ورقة بيضاء للعماد ميشال عون كي يعطي وعودا ويلبي طلبات الدكتور سمير جعجع لدعمه لرئاسة الجمهورية.
وهذا ما حصل مع الوزير سليمان فرنجية، حيث حزب الله أعطى ضوءاً أخضر للوزير فرنجية للتفاوض مع الرئيس الحريري ولكن لم يمضِ له على ورقة بيضاء كي يشكل الحكومة ويعين قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان، وأمور كثيرة، بل وافق حزب الله على أن يفتح الوزير سليمان فرنجية خط اتصال مع الرئيس الحريري يخفف من حدة الصراع الداخلي ويضمن الاستقرار على الساحة اللبنانية مع فتح الحظوظ لفرنجية ان يصل لرئاسة الجمهورية في حال انسحب عون.
لكن حزب الله لم يستطع أن يرمي كل أتعابه وكل نضاله عند محادثات هذا الطرف أو الآخر أي عند الوزير سليمان فرنجية أو الرئيس العماد ميشال عون، ولذلك رأى أن افضل حل بالنسبة لترشيح العماد ميشال عون أن يقول الصدق وهو أنه وعد العماد عون برئاسة الجمهورية وبعد انتخاب العماد عون جاءت مشكلة تأليف الحكومة واكتشف حزب الله أن الرئيس ميشال عون ذهب بعيداً مع الدكتور سمير جعجع فانسحب وكلف الرئيس نبيه بري بالمهمة واصبح الرئيس بري زعيم الثنائي الشيعي وهو فعلاً أحد ركني الزعامة في الطائفة الشيعية ومحنك سياسياً ورأى أن أفضل وسيلة وضع الوزير سليمان فرنجية في وجه الدكتور سمير جعجع ووضع الدكتور سمير جعجع في وجه الوزير سليمان فرنجية وجعل الرئيس العماد ميشال عون يندم على وعوده للدكتور سمير جعجع بوزارة الاشغال أو غيرها فاصطدم الرئيس عون بالرئيس بري مع أن الجمهور الشيعي أحبه جداً لأنه شعبي وهو واياه يعيشان في خط واحد.
لكن الرئيس بري كان عنيفاً جدا كأنه ينتظر سنوات سيفا ليقطع به رؤوس من عذبوه سنوات وسنوات، كأنما معاناته في عهد الرئيس لحود 9 سنوات رئيسا للجمهورية وفي قيادة الجيش 9 سنوات ومع الرئيس ميشال سليمان، سببها الرئيس العماد ميشال عون الذي كان مبعداً عن لبنان 15 سنة. المهم فتشنا وفتشنا فرأينا أن المشكلة هي عند الرئيس ميشال عون فكيف يجمع بين جعجع وحزب الله؟
حزب الله يقول لا علاقة لي بالموضوع فبري هو المكلف سياسياً وعون يقول أريد تشكيل حكومة للانطلاق بالعمل وهي حكومة مؤقتة وارضوا معي بهذه الحلول وإذا بشعار الثنائية المسيحية تطفو على الوجه وكأن خراب لبنان هو من تفاهم المسيحيين بعد أن تم تهجيرهم وذبحهم وكل العذابات التي لحقت بهم، ونقول ذلك ليس لأني مسيحي بل لأني عشت ما عاناه المسيحيون في الحرب، خاصة من عام 1975 حتى عام 1981.
بيت الرئيس بري اعتبره بيتي وكما يقول السيد المسيح «إقرعوا يفتح لكم» هكذا كانت علاقتي مع الرئيس بري قبل الزعل الكبير الذي حصل الآن، وبالنسبة للدكتور سمير جعجع كنت على أفضل علاقة معه قبل سجنه وزرته أثناء سجنه ولكن انقطعت عن زيارته ورأيته مرة واحدة بعد خروجه من السجن، وليس عن خلاف سياسي، آما أنا فغير مقتنع بالطائف واعتبر ان غلطة الدكتور جعجع هو الاقتناع من السفير الأميركي ساترفيلد وإقناع البطريرك صفير بأن الطائف هو الحل فإذا به يضع المسيحيين في الزاوية بعد إقرار الطائف ويجعلهم خارج طاولة الحكم.
أما العماد عون فاسمح لنفسي أن اتوقف هنا ولست هنا كي احاكم أحداً بل اعطي رأياً بتواضع وفق تجربتي البسيطة، لم أتعلم بالسياسة كثيراً ولثلاثين سنة كتبت سوريا الأسد ولرتبة حاجب في الدولة تم منعي من الوصول ولماذا التقارير الكاذبة وحدها تفسر الأمور، واجهنا المحكمة الدولية ورفعوا السرية المصرفية عني وكشفوا حساباتي ولم يجدوا ورقة واحدة فيها أي شك.
آخر لقاء بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع المرحوم اللواء رستم غزالي طلبها مني الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومع ذلك جاء ابنه الرئيس سعد الحريري يكرهني وهو مثل ابني حنا في السياسة بحاجة كي اعلمه ساعات كيف يمارس السياسة ولكن كيف يتعلم وهو ضعيف أمام الامراء يفتش دائماً عن الرضى ولا يستطيع أن يرفع رأسه بل قام بتحسين عضلات جسمه بالرياضة وحسنا فعل وكلما زادت العضلات ضعفت العقول.
الرئيس بري يريدني أن أكون منجماً فلكياً. أعرف أنه لا يؤيد عون إلى اقصى حد وانا كنت اعتقد أنه على شبه حياد بين تأييد حزب الله لعون وبين رفضه لعون ولم أزره منذ فترة طويلة ولذلك لم يبح لي بأي سر ولا هو يبوح. العماد عون أب انساني كله عاطفة وحقق حلمه في نهاية حياته في سن الـ 83 وأصبح رئيسا للجمهورية فهل نهجم عليه وهو يمضي السنوات الأخيرة من حياته واطال الله عمره.
ونعود إلى النتيجة وهي هل يستطيع الرئيس العماد ميشال عون الجمع بين حزب الله والدكتور سمير جعجع في قواسم مشتركة جدية استراتيجية تتعلق بوجود لبنان وتحديد العدو والصديق؟
هل يستطيع الرئيس بري تخفيف اندفاعه بشأن الحكومة ويساعد على حل مشكلة فرنجية - جعجع شرط عدم دخول الوزير جبران باسيل ونادر الحريري على طريق الحل؟
أخيرا يبدو أن الفراغ التشريعي والفراغ الحكومي والفراغ الرئاسي باتت مادة يمضغها اللبنانيون ويحبونها مثل نبتة «القات» في اليمن ولذلك دخلنا مرحلة الفراغ في تشكيل الحكومة إلا إذا اجتمع رئيس الجمهورية العماد عون ورئيس مجلس النواب بري وحدهما دون سعد الحريري واوجدوا الحل المناسب.
الجمهورية :
يبدو حائط التعطيل أسمكَ بكثير ممّا كان متوقّعاً، لا بل هو يزداد سماكةً على مدار الساعة. وتُكسِبه التبايناتُ والمزايدات والمكايَدات مناعةً صلبة جَعلته يستعصي على محاولات اختراقه من قبَل العاملين على تأليف أولى حكومات العهد. وما صبَّ الزيتَ على النار السياسية المشتعلة أصلاً، «الاشتباكُ الانتخابي» على خلفية قانون الستّين، بين عدد من القوى السياسية، واشتباك على خط التأليف بين حركة «أمل» و«القوات اللبنانية»، وهو أمرٌ يَرسم علامات استفهام حول المدى الذي سيَبلغه هذا الاشتباك بشقَّيه الانتخابي والحكومي وتداعياته على صورة البلد في المرحلة المقبلة. في حين ما زالت الأنظار الدولية مشدودة نحو حلب مع إستمرار قصفها من قبل النظام وتهجير أهالي حلب الشرقيّة (راجع ص 14 - 15).
إذا ما أمعنّا النظر في جوهر أزمة التأليف، سيبدو جليّاً أنّ هذه الأزمة أعمقُ من أزمة تأليف وخلافات على حصص وحقائب، سواء المصنّفة سيادية أو أساسية أو خدماتية أو ثانوية، بل هي أزمة ثقة بين القوى السياسية وكمائن منصوبة في ما بينها.
وبالتالي إمكان إعادة إنتاج هذه الثقة أو إعادة ترميمها ولو بالحدّ الأدنى، صار يتطلّب عصاً سحرية ثبتَ بالملموس أنّ أياً مِن اللاعبين على الخشبة السياسية لا يَملكها، أو معجزةً ثبتَ في الملموس أيضاً أنّ الزمن اللبناني الحالي ليس زمنَ معجزات. وفي هذه الحال ما على اللبنانيين سوى انتظار الفرج الذي لا يبدو قريباً.
في هذا الجوّ، ما زال طريق التأليف مقفَلاً، ولغة الكلام الجدّي والمجدي معطّلة، والتواصل ما بين القوى المعنية بأولى حكومات العهد شِبه منعدم، ولا تحريكَ حقيقياً لحجارة داما التأليف الثابتة في مربّعاتها دون تحرّكِ خطوة إلى الأمام، لا بل العكس، تتراجع خطوات إلى الخلف مع الطروحات والأفكار والشروط المتبادلة. وكذلك مع السجال الذي يطلّ برأسه بين المواقع السياسية، وجديدُه بالأمس على خط عين التينة معراب.
ولم تحمل الساعات الماضية أيَّ جديد على صعيد «الحقائب» التي ما زال الاختلاف عليها يشكّل العائقَ السياسيّ أمام التأليف، بحيث ما زال الرئيس نبيه بري متمسّكاً بها، وكذلك «القوات» متمسّكة بالمطالبة بها كحقّ طبيعي لها، فيما لم تُحلّ عقدة النائب سليمان فرنجية، وفيما انتهت مسألة إشراكه في الحكومة، فإنّ ماهيّة الحقيبة التي ستُسند إليه لم تُحسَم بعد، وثمّة رفضٌ لدى «التيّار الوطني الحر» في إسناد حقيبة أساسية له، فيما الرئيس سعد الحريري ما زال يراهن على قبول فرنجية بحقيبة وزارية، بصَرف النظر عمّا إذا كانت أساسية أو غيرَ أساسية، فالمهمّ هو وجوده في الحكومة.
ونُقل عن الحريري قوله للرئيس بري قبل أيام، إنه سعى مع فرنجية للقبول بوزارة التربية فلم يَقبل، وقد توسَّط كثيرين لمحاولة إقناع فرنجية، ومنهم رَجل الأعمال جيلبير شاغوري، ومع ذلك لم يقتنع.
معلومات بعبدا تؤكّد أن لا جديد لدى رئيس الجمهورية ميشال عون، وما زال ينتظر أن تكتمل الصورة وتجلو مواقف الأطراف لكي تُبنى عليها الخطوات التالية ربطاً بمهلة تلقّي أجوبة هذه الأطراف على التأليف، فيما سيكون لعون نشاطٌ لافت لاحقاً، يتوَّج غداً الجمعة، باستقبال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي يصل إلى بيروت اليوم، وبعد أيام باستقبال وزير خارجية كندا ستيفن ديون الذي سيَصل بيروت يوم الإثنين المقبل في الخامس من الشهر الجاري. ومِن جهة ثانية تحدّثَت مصادر واسعة الاطّلاع عن زيارة وشيكة يقوم بها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى القصر الجمهوري.
وحالُ الانتظار نفسها هي السائدة عند الحريري، الذي نَقل عنه زوّاره بالأمس استغرابَه بروزَ هذا الكمّ من العراقيل والعقبات في طريق التأليف، وتبعاً لها، بات لا يستطيع أن يحدّد موعداً لولادة حكومته، مع أنّه يكرّر أنّه ما زال في المهلة الطبيعية للتشكيل. وحينما سأله زوّاره عن سبب التأخير أكّد الحريري: التأخير ليس عندي، والذي يؤخّر هو المطلوب منه أن يسهّل ويساعد على تذليل العقد وتسريع ولادة الحكومة.
وبحسب ما نَقل الزوّار لـ«الجمهورية» فإنّ الحريري غَمز في موضوع التأخير من قناة عين التينة من دون أن يسمّيها. فيما بَرز في الموازاة تأكيد متجدّد من قبَل بري على الإسراع في تشكيل الحكومة. وكرّر أمام «نواب الأربعاء» أنّه قدّم كلَّ التسهيلات لتأليف الحكومة، وأنّ العقدة ليست عنده بل هي في مكان آخر.
وأنّه «منذ بداية عملية التأليف أبدينا حرصَنا على كلّ ما يؤدي إلى ولادة الحكومة، وانتقلنا من تشكيلة الـ 30 إلى تشكيلة الـ 24، كما قبلنا بالتخلّي عن حقيبة وتحويلِها إلى وزارة دولة من أجل تسهيل العملية، فالمشكلة ليست عندنا، ونحن ننتظر».
وعلى صعيد مشاورات التأليف، شكّلَ اللقاء بين الرئيس المكلّف ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل مناسبةً لبحثِ المساعي الجارية لتشكيل الحكومة والعوائق التي ما زالت تَحول دون ولادتها إلى اليوم.
وأملَ الحريري أن تنجح المساعي الجارية لحَلحلة آخِر العقد التي تَحول دون التوافق على توزيع الحقائب لإنزالِ الأسماء عليها، علماً أنّ موضوع الأسماء سبقَ التفاهم على توزيع الحقائب، ولا سيّما تلك التي ما زال الحوار جارياً بشأنها.
ولفتَ الحريري إلى بوادر توحي بأنّ أطراف العقد أبدوا استعدادهم للتراجع عن بعض المطالب الحادّة في ضوء طروحات جديدة يُنتظر لها أن تُحدث خرقاً في مسلسل العوائق التي تَحول دون ولادتها في وقتٍ قريب.
إلى ذلك، في موازاة استمرار العقَد والشروط، اندلعَ اشتباك سياسي، بين حركة «أمل» و«القوات اللبنانية»، انطلقَت شرارتُه على خلفية اتّهامات بتعطيل، وكلام منسوب لعضو كتلة التحرير والتنمية النائب أيوب حميّد، قال فيه: «التيار الوطني الحر والقوات هما أساس المشكلة في تأليف الحكومة، ولن نقبل بتحجيم النائب سليمان فرنجية».
وردّت «القوات» على كلام حميّد عبر مصادر، فاستغربَت الكلامَ عن أنّ العقدة الحكومية تَكمن في الاتّفاق بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، فيما الوقائع السياسية التي ظهَرت في الأيام الأخيرة أظهرَت أنّ العقدة الفعلية من طبيعةٍ وطنية لا حكومية، وتتّصل بمحاولات تقييد العهد أقلّه في ثلاثة جوانب أساسية: سَعيِه لتطبيق الدستور، تحالفاتِه الداخلية وعلاقاتِه الخارجية.
وقالت المصادر إنّ أكثرَ ما يَدحض الكلام عن أنّ العقدة لدى «القوات» و»التيار الحر» يَكمن بتنازُل «القوات» عن حقّها الطبيعي والبديهي بحقيبة سيادية من أجل تسهيل انطلاقة العهد وتسريعِها، فيما المشكلة الأساس تَكمن في مكانٍ آخر وهو السعي الدؤوب لفكّ التحالف بين «القوات» و«التيار الوطني الحر».
وتمنّت المصادر لو أنّ تلك الجهود تتركّز على بناء الدولة وتعزيز الشراكة الوطنية وترسيخ الاستقرار، بدلاً مِن سياسة فرِّق تسُد القديمة-الجديدة والتي كان يَتبعها عهد الوصاية الذي فَقد صوابَه على أثر مصالحة الجَبل، ولكن نرغَب بتذكير البعض أنّ عهد الوصاية انتهى وأنّنا في سنة 2016 لا 2001 وفي مطلع عهدٍ وطنيّ جديد.
وشدّدت المصادر على أنّ العلاقة بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» غيرُ قابلة للفكّ ولا الفصل، وطمأنَت الغيارى «أنّها من طبيعة استراتيجية».
إتفاق «التيار» و«القوات»
وفي سياق آخَر، أكّدت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» وجودَ اتّفاق بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، وهذا الاتفاق يتركّز على قضايا وطنية تتّصل ببناء الدولة وتحييدِ لبنان والالتزام بـ«الكتاب» وإحياء الميثاق.
وأمّا ما يتّصل بالجانب الحكومي، فالمشاركةُ الوازنة لـ«القوات» ليست مشاركة حصصيّة، إنّما مشاركة وطنية تَهدف إلى حماية العهد والمرحلة الوطنية الجديدة.
والعرقلةُ المتعمَّدة التي يتعرّض لها العهد أكّدت وجهةَ نظر «القوات» وزادت تمسّكَها بمشاركتها الوازنة من أجلِ أن تكون محطة 31 تشرين الأوّل المدخلَ لتطبيق الطائف بنسختِه اللبنانية الأصلية.
وفي السياق نفسِه أكّدت المصادر أنّ حجم «القوات» لا يُقاس حصراً بكتلتها النيابية، إنّما بحجمها الشعبي أوّلاً ودورها الوطني المساهم بفعالية ثانياً، في الوصول إلى هذه اللحظة الوطنية.
وفي سياق آخَر، قالت المصادر نفسُها لـ«الجمهورية» إنّ «القوات» لم تُبدِ حماسة لطرح الرئيس الحريري لجهةِ إعادة توزيع الحقائب تبعاً للتوزيعة المعتمَدة في الحكومة السَلامية الحالية، كما أنّ الرئيس عون لم يُبد بدوره أيّ حماسة لهذا الطرح.
شمعون
مِن جهته، أكّد رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون لـ«الجمهورية» أنّ «المعرقِل الأساسي لتأليف الحكومة هو «حزب الله»، وهناك توزيع أدوار بين الحزب والرئيس نبيه بري، ففي النهاية بري يَعمل في خدمة الحزب».
وأشار إلى أنّ «حزب الله» لم يكن يريد عون، وقد «انحشَر» فاضطرّ إلى انتخابه لأنّه كان سيَظهر بمظهر من يَكذب عليه، والفراغ الرئاسي لسنتين ونصف سببُه الأساسي أنّ للحزب مخططات أكبر من حجم الدولة ويريد وضعَ اليدِ عليها».
وعن مطالبةِ فرنجية بحقيبة أساسية وعدمِ تمثيل شخصيات قرنة شهوان في الحكومة، قال شمعون: «كانت هناك فترةُ احتلال سوري للبنان وقد سَخّرت مقدّرات الدولة لخدمة فرنجية وتكبيرِ حجمه، فكان يأخذ حصّةً كبيرة، والسوريّون عوّدوه على عادات سيّئة وما زالت مستمرّة»، لافتاً إلى أنّ «فرنجية يتغنّج ويضَع شروطاً في الحصول على حقيبة أساسية بعدما رشّحوه للرئاسة ويريد تعويضاً».
الاشتباك الانتخابي
شرارةُ الاشتباك الانتخابي اندلعَت بعد كلام لوزير الداخلية نهاد المشنوق خلال مؤتمر «الإطار القانوني للانتخابات البرلمانية» في فندق «فينيسيا»، أكّد فيه جهوزيةَ وزارة الداخلية الآن لتنظيم الانتخابات النيابية على أساس قانون الستّين»، كاشفاً عن أنّ «أيّ قانون جديد يَستلزم أشهراً لوضعِ ترتيبات إدارية لتنفيذه وتثقيفِ الناخبين وتدريب الموظفين والإداريين حوله، ما سيتطلّب تأجيلاً تقنياً للانتخابات».
وفي المؤتمر نفسِه، ردّ وزير المال علي حسن خليل على المشنوق، معتبراً «أنّ طريقة عرضِ المسألة من قبَل وزير الداخلية توحي وكأنّنا سنصِل إلى مرحلة إمّا عدم إجراء الانتخابات وإمّا قانون الستين، وهذا أمرٌ يشكّل لنا خطورةً كبيرة، لأنّ التجربة أثبتَت أنّ هذا القانون أعاقَ وما يزال يعيق تطوّرَ حياتنا السياسية وتأمينَ الوصول إلى مجلس نيابي يعكس بحقّ تمثيلَ اللبنانيين» وقال: لا أعتقد أنّ إقرارَ قانون جديد هو مسألة معقّدة لهذه الدرجة.
لا نستطيع أن نَستهبلَ اللبنانيين وأن نعتبرهم متخلّفين عن المواكبة والمتابعة والقدرة على التجاوب مع إقرار قانون انتخابيّ جديد. اللبنانيون أوعى من ذلك بكثير، والمسؤولون عن العملية الانتخابية ربّما مع تدريب لمدّة قصيرة يستطيعون أن يديروا العملية الانتخابية بقانون جديد، خاصةً أنّ إدارة هذه العملية تشترك فيها إدارةُ مجتمع مدني فاعل وناشط، وأحزابٌ سياسية تخوض هذه الانتخابات.
شهيّب
وفي تعليق على كلام المشنوق، وبعدما كان قد وافقَ الحزب «التقدّمي الإشتراكي» على القانون المختلط الذي تقدّمَ به مع «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، أكّد وزير الزراعة أكرم شهيّب لـ»الجمهورية» أنّنا
«مع إجراء الانتخابات في موعدها، ونرفض التمديد مجدّداً لمجلس النواب، فإذا است<