تزامناً مع التقدم الميداني الكبير الذي يحققه الجيش السوري وحلفاؤه في حلب، توقعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن يبقى الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا، مرجحةً أن يواجه خلال تلك المرحلة مشاكل عدة، ولا سيّما على المستوى الاقتصادي.
الصحيفة استطلعت آراء عدد من الديبلوماسيين والخبراء في شؤون الشرق الأوسط، الذين أجمعوا على أنّ فوز الأسد، إذا ما تحقق سيكلّف غالياً، إذ أنّه سيحكم أرضاً قفرة اقتصادياً وسيُضطر إلى التصدي لاشتباكات محدودة لا تلوح نهايتها في الأفق، مستبعدين أن يضع سقوط حلب بيد النظام حداً للحرب المستعرة منذ العام 2011.
فمن جهته، رجح السفير الأميركي السابق في كلّ من لبنان وسوريا والكويت والعراق، رايان كروكر، استمرار القتال في سوريا لسنوات، مبرراً بالقول إنّ المعارضة ستلجأ إلى الأرياف إذا ما سيطر الأسد على المدن. في السياق نفسه، قارن كروكر بين الحرب الأهلية اللبنانية والحرب السورية، قائلاً إنّ الأولى استغرقت 15 عاماً، ولم تنته إلاّ بعدما تدخل السوريين واضعين حداً لها. وتابع كروكر بالقول إنّه لم يمض على الحرب السورية سوى 5 سنوات، مضيفاً أنّه ما من سوريا أخرى في هذه الحالة لتتدخل وتنهي الحرب.
بدوره، تحدث السفير الأميركي السابق في سوريا، روبرت فورد، عن التدخل الروسي والإيراني في الميدان السوري الذي رجح كفة الأسد، لافتاً إلى أنّ عدد عناصر "حزب الله" والمسلحين العراقيين الذين يشاركون في حلب يساوي عدد الجنود السوريين، ومعتبراً أنّ الدور الإيراني وضع حداً لحرب الاستنزاف التي شنت على الأسد. كما تحدّث فورد عن مرحلة ما بعد حلب، متوقعاً بقاء الأسد والروس والإيرانيين الذين سيحكمون أنصاف جثث فيما يتوسع جرح سوريا، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، نقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إنّ الأسد سيكون مديناً لروسيا وإيران، أيّ أنّ طهران ستضغط عليه لتعزيز نفوذها في المنطقة، متحدثين عن إمكانية مطالبتها بنشر مسلحين منتمين إلى الطائفة الشيعية وحاصلين على دعمها في المناطق المحسومة لصالح الأسد، مثل حلب.
من ناحيته، رأى محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إيميل حكيِّم، أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يبدو قوياً وماكراً، فيما تبدو الولايات المتحدة الأميركية ضعيفة وغير قادرة على الوفاء بالتزامتها، مستبعداً أن تضمن واشنطن في عهد ترامب أمن المنطقة.
على الصعيد الاقتصادي، تطرّقت الصحيفة إلى "الصمت" الأوروبي إزاء ما يجري في حلب، ناقلةً عن الخبراء قولهم إنّ فوز الأسد سيكلف غالياً، نظراً إلى أنّ أوروبا تريد انتهاء الحرب، بما يمكِّنها من وقف تدفق اللاجئين إلى أراضيها.
في هذا الإطار، تناول كروكر دور المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي استضافت بلادها العدد الأكبر من اللاجئين السوريين أوروبياً، قائلاً إمّا تحكم الولايات المتحدة أو لا أحد، فميركل عاجزة عن ذلك.
من جهته، أوضح فورد أنّ روسيا وإيران عاجزتان عن تكبّد تكاليف إعادة إعمار سوريا، واستبعد أن تدخل الصين لمساعدة دمشق، مقدِّراً خسائر الحرب السورية بمئات مليارات الدولارات.
في السياق نفسه، رأى المحللون أنّ فوز الأسد سيحشر أورويا في الزواية، فستُضطر إلى مساعدة الأسد على إعادة الإعمار أو استقبال اللاجئين الذين سيواصلون التدفق إليها، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية واستمرار الاشتباكات، وإن كانت محدودة.
"نيويورك تايمز" ختمت بالقول إنّ خيارات الأسد لجهة حصوله على المساعدة الاقتصادية محدودة، مستبعدةً أن تمد الولايات المتحدة شأنها شأن المؤسسات العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يد المساعدة لدمشق، متحدثةً عن نية الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، مواصلة قتال "داعش" وإعادة النظر في دعم المعارضة.
("لبنان 24" - NYT)