نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقالاً للدكتور كلينتون بايلي، وهو مستشار الشؤون الشيعية في وزارة الدفاع الإسرائلية، الذي تحدّث عن إخفاقات السياسة الإسرائيلية في جنوب لبنان، والتي أدّت الى إكتساب "حزب الله" المزيد من التأثير لبنانيًا، والتهديد خارجيًا.
ولفت بايلي إلى أنّه عندما غزا الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان عام 1982، رفضَ أي تحالف مع الشيعة هناك، معتبرًا أنّ هذا التوجّه كان من "الأخطاء الحرجة".
وأضاف: "سوف يعقد اليوم المعهد الإسرائيلي للديمقراطية مؤتمرًا بعنوان: ذكرى 30 عامًا على القبض على رون أراد، والذي سيفتح ملفّات الإسرائيليين الذين وقعوا في الأسر"، وقال: "ستركّز المناقشات على الجوانب التكتيكية"، مستذكرًا ما كتبه المحلّل الشهير عاموس هارئيل عن قضية الطيّار رون أراد والفرص الـثلاث الكبرى التي أهملتها إسرائيل لاسترداده.
وأشار بايلي إلى أنّ هارئيل ركّز في تقريره على فشل إسرائيل باسترداد الطيّار الذي سقطت طائرته في جنوب لبنان منذ 30 عامًا، محاولاً كشف الحقيقة لماذا لم تستطع إسرائيل كشف مكان إلقاء القبض على أراد وإعادته أو حتى معرفة ما إذا كان حيًا أو ميتًا.
ووفقًا لهارئيل، فهناك ثلاث إخفاقات على المستوى التكتيكي، أدّت الى إحباط الجهود الإسرائيلية، إذ كان يُمكن الإنفتاح على الشيعة أكثر وبناء علاقات خارج الحدود. ومن الإخفاقات أيضًا، إفشال التواصل مع "حركة أمل" التي كانت لتؤدّي الى إسترجاع أراد الذي وقع في أيدي مصطفى الديراني -الذي كان قياديًا في حركة أمل- قبل أن يأخذه منه الحرس الثوري الإيراني. كذلك فإنّ الفشل التكتيكي والإستخباراتي الإسرائيلي فسحَ المجال أمام "حزب الله" للصعود والتوسّع أكثر.
وقال الدكتور بايلي: "إنّ إختفاء أراد ومقتله في الأسر -الذي لم تُعلنه إسرائيل رسميًا- لم يكن نتيجة حادث تكيتيكي بل فشل كبير على المستوى الإستراتيجي. لقد كان فهمنا خاطئًا للسياسات في جنوب لبنان، خصوصًا عدم إدراكنا لفهم أهميّة الشيعة في الجنوب، وبالتحديد حركة أمل. هذا الفشل لم يحدث فقط بعد تحطّم طائرة أراد، بل خلال السنوات الثلاث بين غزونا لبنان 1982 والإنسحاب عام 1985، الى منطقة أمنية على الحدود الشمالية".
وأضاف: "هذا الفشل تركنا من دون علاقات مهمة خارج المنطقة الأمنية، التي كانت قادرة على اعادة أراد بعد أسابيع على خطفه".
في سياق متصل، قال: "عندما خططنا لحرب لبنان الاولى، ركّزت الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية والموساد، على حلفاء مسيحيين في لبنان، مع إهمال الشيعة الذين يشكّلون 80% من اللبنانيين من الحدود الشماليّة حتى صيدا. وحتى بعد غزونا، أهملنا إحتمال أي حلف مع الشيعة، ونظرنا فقط الى المسيحيين". وكشف أنّ إسرائيل تندم لأنّها لم تبنِ علاقات مع الشيعة في الجنوب، وعدم إسترجاع الطيّار.
وتابع: "إستراتيجيتنا التي استخفّت بدور حركة أمل في الجنوب لم تؤدِّ فقط الى فقدان مصير أراد، بل أدّت الى صعود حزب الله، ومقتل مئات الإسرائيليين خلال قتالهم في لبنان".
وختمَ قائلاً: "سياستنا لم تتغيّر، وحتّى عندما اندلعت الحرب بين أمل وحزب الله في الثمانينيات لم تتدخّل اسرائيل، والنتيجة هي ظهور حزب الله كفصيل رائد في السياسة اللبنانية وتهديد دائم لإسرائيل".
(هآرتس - لبنان 24)