الروزنامة الرئاسية على وشك طيّ شهرها الأول، والعهد لا يزال مترقباً عند مفترق التقاطعات السياسية لحظة عبور حكومته الأولى من ضفة التكليف إلى ضفة التأليف إيذاناً بـ«التشمير» عن ذراعه التنفيذية والشروع في تطبيق خطاب القسم ومضامينه الواعدة مؤسساتياً واقتصادياً واجتماعياً تحقيقاً لآمال الناس وتطلعاتهم الحياتية والحيوية المُلحّة. وللغاية الوطنية عينها، يستكمل الرئيس المكلف سعد الحريري مشاوراته المكوكية بين مختلف الأطراف مستعيناً على قضاء حوائج التأليف بالكتمان ريثما يُصار إلى «حلحلة بعض العقبات» التي تستأخر ولادة الحكومة العتيدة وتعيق انطلاقة العهد الجديد. فبعد تتويجه نهاية أسبوع حزبية ديموقراطية أفضت إلى إعادة ضخ الروح في الجسم التنظيمي لتيار «المستقبل»، استهل الحريري الأسبوع الطالع بزيارة حكومية تشاورية إلى قصر بعبدا انتهت إلى تجديد تأكيد التفاهم «على كل الأمور» مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بينما آثر الرئيس المكلف في ما يتصل بعلاقته مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إهماد الشرارات الإعلامية والسياسية المتربصة بحقل التأليف مكتفياً بالقول رداً على أسئلة الصحافيين: «أنا مع الرئيس بري ظالماً أو مظلوماً».

الحريري الذي شدد على أنّ «أهم شيء هو مصلحة البلد والمواطن»، نوّه في هذا السياق بحرص رئيس الجمهورية على اقتصاد البلد، مؤكداً استكمال الخطوات على طريق تشكيل الحكومة بالتشاور مع عون تأسيساً على «الإيجابية الكبيرة» السائدة في البلد بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وكان النائب مروان حمادة، وبعد زيارته والوزير وائل أبو فاعور بيت الوسط لنقل تهاني رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط بالظاهرة الديموقراطية التي كرّسها «تيار المستقبل» في مؤتمره العام الثاني، قد لفت إلى أنّ «الاتصالات الحكومية لا تتوقف بين كل الأطراف»، مشيراً إلى أنّ «الأمور ليست ظاهرة للجميع لكن جهود الرئيسين عون والحريري لم تتوقف» لمنح لبنان حكومة في أقرب وقت.

توصيات «المستقبل»

وغداة اختتام مؤتمر تيار «المستقبل» أعماله بانتخاب قيادة حزبية جديدة واعدة، عقد أمين عام التيار أحمد الحريري مؤتمراً صحافياً أمس أعلن فيه التوصيات التي خلص إليها المؤتمر والتي تميزت على الصعيد السياسي بجملة مقررات، تقدّمها «تجديد التمسك بمبادئ ونهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري والعمل الدؤوب على استكمال مشروعه الوطني على الصعد كافة بهدف بناء دولة السيادة والقانون والمؤسسات»، مع تثمين المبادرة الوطنية الإنقاذية التي أطلقها الرئيس سعد الحريري وأدت إلى إنهاء الفراغ الرئاسي بوصفها «أعادت المرجعية إلى الدولة الوحيدة الجامعة لكل اللبنانيين وحافظت على اتفاق الطائف عبر قطع الطريق على تعديله أو تغييره عن طريق مؤتمر تأسيسي أو عبر أي من الأطر الأخرى في حال استمرار الفراغ أو اتساع رقعته باتجاه المجلس النيابي والحكومة»، وسط الدعوة في هذا المجال إلى «الإسراع في تشكيل الحكومة لمواكبة الإيجابيات التي أرخت بظلالها على الوضع اللبناني برمته».

وإذ أكدت توصيات «المستقبل» التمسك بوحدة الدولة وسلطتها ومرجعيتها الحصرية في كل القضايا المتصلة بالسياسة العامة للبلاد بما يضمن الحفاظ على لبنان وحمايته وصون سيادته الوطنية»، أعربت في المقابل عن نبذ «كل أشكال التطرف والتقوقع الطائفي والمذهبي» ورفض «أي سلاح غير سلاح الشرعية وانتشار السلاح غير الشرعي في أيدي اللبنانيين وقيام ما يسمى بـ»سرايا المقاومة» وتنظيمات وأحزاب سياسية مسلحة لبنانية وفلسطينية أو غيرها بحجة المقاومة ومواجهة المخاطر»، مع تجديد «المستقبل» رفضه «زج لبنان بالصراع المسلح في سوريا سواء كان لمصلحة النظام أو لمصلحة قوى الثورة درءاً لمخاطر التورط في الحريق السوري أو نقله إلى الداخل اللبناني»، وتمسك في هذا المجال «بإعلان بعبدا الذي حظي بإجماع طاولة الحوار». كما أكد المؤتمر على أهمية دور المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتبيان الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وغيرها من الجرائم، بهدف الوصول إلى العدالة المنشودة باعتبارها التزاماً مبدئياً وأخلاقياً ووطنياً أمام الشهداء وعائلاتهم وكل اللبنانيين، وردع المجرمين«.

وفي توصياته الاقتصادية – الاجتماعية، أعرب تيار «المستقبل» عن تمسكه «بالنظام الاقتصادي الحر» مشدداً على «أهمية المحافظة على الاستقرار الماكرو-اقتصادي من خلال سياسات مالية ونقدية سليمة»، مع الإشارة إلى كون «النهوض الاقتصادي والاجتماعي يتطلب استقراراً سياسياً وأمنياً، كما يتطلب وجود سلطة تنفيذية موحدة ومتجانسة ذات رؤية اقتصادية واضحة، يتمتع فريقها بالقدرة على تنفيذ برنامجه».