رجع اللبنانيّون إلى طرح الأسئلة المرفقة بعلامات الاستفهام والتعجُّب. وجميعهم يقلقهم ما يرافق محاولات تأليف الحكومة من تعجيزات متنقِّلة بالنسبة إلى توزيع الحصص والحقائب "السياديّة"، والتي أدرك الحاضرون والغائبون سرَّ التنافس عليها... واللّي بدّو يصير يصير.
في رأس قائمة الأسئلة القلقة سؤال الفراغ، الذي سبق الفضل وجرَّبه لبنان حكوميَّاً عشرة أشهر ورئاسيَّاً سنتين ونصف سنة... وهل نحن نتَّجه مجدّداً إلى تجربة فراغ حكوميّة في مستهلّ عهد جديد محسوبٍ سياسيًّا على الفريق "المتّهم" بوضع العصي في دواليب تشكيلة سعد الحريري؟
ولا يخلو الأمر والتحليل من إشارات في اتجاه طهران التي يبدو أنها نرفزت من العودة السعوديّة القطريّة الخليجيَّة إلى الربوع اللبنانية، وعلى أعلى المستويات، مع دعوات للرئيس ميشال عون ترحِّب سلفاً بزياراته لدول شقيقة تعتبر لبنان من أقرب الدول إليها وأحبها.
وعلى الشيء يُبنى مقتضاه.
وعلى هذه الزيارات، والدعوات، مع إعلان الرغبة في تمضية فصل الصيف في الربوع اللبنانيَّة، ورجعت ليالي زمان، رجعوا أهالينا، و...
... وقامت القيامة في مكان ما، ليس في الديار اللبنانيَّة طبعاً. ومن تحصيل الحاصل أن يكون الردّ على هذه المفاجآت الطنّانة الرنَّانة في ملعب تأليف الحكومة، وعَبْر توزيع الحقائب "السياديّة" التي سبق لنا أن أعطيناها أسماءها ومواصفاتها و"حسناتها" الأساسيَّة.
هل هذا التحليل يفي الوضع الحكومي – التأليفي حقَّه؟ وهل يعكس واقع الحال بدقّة وإنصاف؟
فريق من المخضرمين المتابعين بدقّة يعترفون بأن هذه الأسباب مجتمعة تلقي الضوء على عوامل واقعيّة من شأنها عرقلة عمليّة التأليف من دون التركيز على عامل أو سبب دون الآخر.
ذلك أن "الصراع"، أو الخلاف، يدور الآن حول الوزارات الدسمات التي تبيض ذهباً، أو تلك التي لا ينضب ضرعها مهما اشتدَّ الطلب على "الحليب الأصلي"، علانيَّة على الأقل.
أما ماذا يدور في الكواليس خلف الأبواب الموصدة، فهذا ما يعمل "الخبراء" والمخضرمون على تحليله مع أبعاده ودوافعه، وهل يُخشى من اضطرار الرئيس سعد الحريري الى استعارة صبر أيوب من الرئيس تمّام سلام، والاستدلال عَبره على الطرق التي تجعل "المكلَّف" يحتمل "قصاص" انتظار غودو الذي يأتي ولا يأتي؟
ثمّة محلِّلون و"هامسون" لا يتردَّدون في توسيع دائرة "الأسباب الموجبة"، مما يوقظ قانون الانتخاب من رقدة العدم، ويجعل البعض يشهر تخوّفه من احتمال العودة إلى قانون الستين... مما يضم دافعاً إضافيّاً إلى أسباب العرقلة والتأخير.
لكن سعد الحريري واثق من اجتياز العراقيل، والتشكيلة في ضيافة التشاؤل، لفترة وجيزة؟