في حوار نادرٍ وموسّع، تحدّث رئيس شعبة المخابرات الجوية في سوريا اللواء جميل الحسن والذي يعدّ من المقرّبين من آل الأسد مع الكاتب الشهير روبرت فيسك، عن الأوضاع في سوريا منذ إندلاع الازمة، وذلك في حديثٍ يعدّ الأوّل مع مراسلٍ صحافي.


الحسن من أقوى القادة في سوريا، الأكثر ولاءً للنظام ومن حماة الرئاسة الأساسيين ومن دون شك إنّه "الأكثر رعبًا"، بحسب فيسك، كذلك فهو يواجه عقوبات أوروبية وأميركية. وكان "الجيش الحر" أعلن عن اغتياله منذ 4 سنوات، وحتى "ويكيبيديا" تتحدّث عنه بصيغة الماضي، لكن المؤكد أنّ الرجل البالغ 63 عامًا لا يزال على قيد الحياة.

يقول فيسك: "كلمة المخابرات الجوية السورية كافية لتوقف أي نقاش في مكانه". ويضيف: "السلام باليد على الحسن كان عاديًا، عيناه كانتا تحدّقان بي وكأنهما تشعّان غضبًا عندما يتكلّم، نبرة صوته تشبه زئير الأسد، أمّا كلامه فيسيل على مهل. إنّه رجل ينفذ صبره بسرعة ومن الصعب تجاوزه".

من جانبه قال الحسن لفيسك: "في الإعلام الغربي، أنا مجرم حرب. لذلك لستُ متأكدًا إن كان سيُسمح بنشر مقالك في إندبندنت"، وأضاف: "حتى وإن كان عملي سيقودني الى محكمة الجرائم الدوليّة سأتابعه، لأنّ سوريا تستحق التضحية".

لكنّ فيسك لفت الى أنّه لم تطلب أي محكمة حرب توقيفه، بالرغم من أنّ الإتحاد الأوروبي أدانه لمشاركته في قمع مدنيين في سوريا عام 2011 وحظر عنه السفر وجُمّدت أصوله المالية. توازيًا، فقد وضعت الخزانة الأميركية، بعد تهديدات الرئيس باراك أوباما للنظام السوري، عقوبات عليه لإنخراطه في انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي المقابلة التي استمرّت ثلاث ساعات لم يرفض الجنرال السوري الاجابة عن أي سؤال، حتى عن السجون الخاصّة، وكان لافتًا تكرار ولائه للرئيس بشار الأسد. وقال الحسن، الذي كان ضابطًا صغيرًا في عهد الرئيس حافظ الأسد إنّ "محاربة الإخوان المسلمين في حماة عام 1982، عندما قُتل آلاف المدنيين والمقاتلين، كان ردًا على ما فعلوه بأعضاء البعث في تلك المدينة". وأضاف: "كنتُ شابًا في حماة لفترة وجيزة. كان هناك مبالغات اعلاميّة حول عدد الوفيات. أتذكّر أنّ عدد القتلى وصل الى 20 ألف". وتابع: "لكن لو فعلنا عند بدء الأزمة الراهنة ما فعلناه في حماة لكنّا أنقذنا أرواحًا سورية ووفرنا الكثير من الدماء".

وعن "حمام الدماء" في حماة، أضاف: "لو استخدمت التكتيكات في حماة عام 1982 الآن، لكنّا أنهينا الحرب. لكنّ الإستراتيجية الحالية هي قرار رئيسنا. لدي رأي مختلف. مثلاً في عام 1989، تظاهر عدد من الطلاب الصينيين في ساحة تياننمين مطالبين بتغيير الصين، لو لم تنهِ الحكومة الصينية حينها التظاهرات، أين كانت أصبحت الصين اليوم؟".

واتهم الحسن الغرب وأنظمة عربية وإسرائيل التي وصفها بـ"رأس الأفعى" بالتآمر على سوريا، كما وصف الأسد بالقائد الشاب الذي يدرك مصالح شعبه والعالم العربي بأسره. وأضاف: "كلّ دولة تريد تنفيذ أجندتها، والهدف هو تفكيك سوريا، لأنّهم يعرفون أنّ قوة سوريا كامنة في وحدتها. فحاولوا جميعهم تقسيمها، وشجّعوا على الإيديولوجية المتشدّدة. وكان الدور الأبرز للوهابيين والقاعدة".

وعن زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، قال الجنرال إنّه "كان رجلاً ذكيًا"، وقسّم حياته الى قسمين: أوّل 20 عامًا عندما كان شابًاـ ويقال إنّه كان ضابطًا وحشيًا. والثانية صورته كأب للعقيد سهيل حسن "النمر" في معركته ضدّ الإسلاميين المتطرفين، وخلال حديثه عن بشار الأسد الذي مدح كثيرًا رأى أنّ حافظ الأسد كان أكثر حزمًا وقسوةً من إبنه مع أعدائه.

وأضاف فيسك: "إنّها المرة الأولى التي تحدث فيها الحسن لمراسل غربي، أو لأي مراسل على الإطلاق. عرض وجهات نظره حول العالم العربي وكشف إخفاقاته والأخطاء في شعبة الإستخبارات". وعن بدء الحرب، اتّهمَ بعض السوريين بالمشاركة والتآمر في اللعبة التي أدارها الإسلاميون المتطرفون، على أن يتظاهروا ويفسحوا المجال لمحرّكيهم بالقول إنّ في سوريا ثورة.

وقال: "أسأل لم تنسّق جبهة النصرة مع الإسرائيليين في الجولان ولماذا يمدّون الميليشيات بالعناية الصحية والعلاج؟ حتى عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلاميّة على حدود مع إسرائيل لم تواجههم الأخيرة. فماذا يعني ذلك؟ بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة، السعودية قرروا تقسيم سوريا، وحتى لو كان لديهم مصالح متعارضة، فسوريا بلد كبير لهم جميعًا حتى يجتمعوا كلّهم عليها. أعتقد أنّ الشعب الأوروبي هو الأكثر تضررا من انهيار سوريا".

أمّا عن الأوضاع في حلب، فلفت الى أنّ 80% من السكان في شرق حلب أرادوا ترك تلك المنطقة والتوجّه نحو غرب حلب التي تخضع لسيطرة النظام. وقال: "بعض سكان القرى أجبروا على قتال النظام، أُدخلوا في تقاليد مختلفة وملابس غريبة"، وشدّد على أنّ "الحلّ الوحيد هو توقف الدول الغربية عن دعم الإرهابيين".

وعن الدور الأسوأ في حلب، قال الحسن إنّ الأميركيين لعبوه، ورأى أنّه إذا أوقف الأميركيون إمداد الأسلحة فكلّ شيء سينتهي.

وختم قائلاً: "قضيت 40 عامًا في جهاز الأمن وسوف أقاتل للدفاع عن سوريا حتى الرمق الأخير".

(إندبندنت - لبنان 24)