مشهد الحكومة على ما هو عليه. حتى المفاوضات متوقفة بفعل انشغال الرئيس سعد الحريري بمؤتمر تيار المستقبل، وسفر الوزير جبران باسيل. وبناءً على ذلك، قررت القوات استغلال الوقت الضائع لزرع القنابل في الطريق بين رئيس الجمهورية من جهة، ورئيس مجلس النواب وحزب الله من جهة أخرى
في وقت تأليف الحكومة الضائع والعقد المتنقلة من حقيبة الى أخرى، يلعب حزب القوات على وتر الفتنة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة، وحزب الله وحركة أمل من جهة أخرى.
اللعبة التي بدأها قبيل انتخاب عون رئيساً بتحريض الرأي العام العوني على حزب الله يستكملها حزب القوات اليوم بإشاعة قرب إعلان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري حكومة أمر واقع نهاية الأسبوع الجاري. وبوضوح أكثر، يريد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع "الحريص على العهد"، أن يبدأ رئيس الجمهورية عهده باستثناء رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحزب الله ضمناً، من مفاوضات تشكيل أول حكومة. وهو اكتشف أخيراً الدستور وبات يقتبس منه تصريحاته الإعلامية، قائلاً ان الحكومة يؤلفها "رئيسا الجمهورية والحكومة فقط". وما تأخير التشكيل بنظر القواتيين سوى "تنفيس" للعهد وتأخير مماثل للنهضة الاقتصادية قبل عيدَي الميلاد ورأس السنة، ولأن عون "رئيس غير تقليدي لا يسعه الانتظار أكثر، وخصوصاً أن التململ الشعبي بدأ يكبر والهيئات الاقتصادية تشتكي كما التجار"، بحسب مصادر القوات. أما حكومة الأمر الواقع، "فسيشكلها الرئيسان بطريقة مماثلة لحكومة تمام سلام، حيث تتوزع الحقائب بين 8 و14 آذار بما فيها حقائب الوزراء الشيعة"، على حد قول المصادر نفسها.
وقواتياً أيضاً، دخل رئيس الجمهورية في مرحلة حرجة وسيصطدم قريباً بواقعة عدم قدرته على تطبيق خطاب قسمه ووعده بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفقاً لقانون انتخابي جديد، ولا سيما أن المهلة الأخيرة لدعوة الهيئات الناخبة هي تاريخ 11 شباط 2017. في المقابل، تجزم مصادر الحريري ومعلومات بعبدا بأن خيار "حكومة الأمر الواقع" غير مطروح على بساط البحث.
وقد جاء موقف حزب الله أمس على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي اعتبر أن الأصعب مَرّ. تم التكليف، أما عقبات التأليف فليست جوهرية، وهي تتطلب بعض المرونة، ونتيجتها إيجابية للجميع". وأشار الى أنه لا داعي لتأخير تشكيل الحكومة "وبالإمكان أن نتعاون لنصل في أسرع وقت إلى إنجازها لمصلحة الناس"، مؤكداً أن حزب الله "لن يوفر جهداً لقيام الدولة وبنائها لأبنائها، لا لتحقيق المكاسب الشخصية والفئوية". وتوجه قاسم الى بعض مسؤولي قوى 14 آذار، من دون أن يسميهم، لافتاً في الكلمة التي ألقاها في بلدة القماطية، الى أنه "عندما يقر العالم من أوله إلى آخره بدور حزب الله في إنجاز الاستحقاق الرئاسي بشكلٍ فاعل كالشمس في رابعة النهار، فلا قيمة عندها لادعاءات البطولة والفضل من بعضهم، فهي خربشات وأوهام الفوز خارج الحلبة". وأضاف أن الذين يحاولون "إبراز عضلاتهم خارج حلبة المصارعة، هؤلاء الذين ادعوا أنهم قاموا بعمل وأنجزوا وكانوا الأوائل هم التحقوا في الركب الذي سار فيه حزب الله واستطاع مع الخيّرين إنجاز الاستحقاق الرئاسي".
وكان لافتاً أمس أن تصريحات نواب كتلة التنمية والتحرير تصبّ جميعها في خانة تشكيل الحكومة. وعلى عكس ما تشيعه القوات، أكد النائب علي خريس في كلمة له خلال إطلاق مكتب الشباب والرياضة لـ"حركة أمل" في إقليم جبل عامل "أننا على أبواب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، حيث ستكون هناك مشاركة من قبل الجميع ولا يستطيع أحد أن يخفي أي طرف من الأطراف اللبنانية الوازنة". وأشار خريس الى الأمور الأساسية والمهمة التي تقع على عاتق الحكومة الجديدة، أهمها "قانون انتخابي جديد يعتمد القانون النسبي". وأكد النائب علي بزي "بكل صراحة ومحبة، نحن كما كنا على الدوام نشكل رافعة للحكومات وللعهود لن نتقاعس عن القيام بهذا الدور على الإطلاق، لكنْ هناك أصول حسب الدستور وحسب الأعراف والتقاليد في عملية تشكيل الحكومات وتأليفها والذي حذر منه بري في السابق". ولفت الى أن البعض "ارتأى أن يسير بخلاف ذلك وهم اليوم يحصدون خيبة وإخفاقاً ومرارة وإحباطاً، والدليل أن الحكومة لم تتشكل حتى الآن لأن هناك التزامات في مكان ما ضمن جهات ما، ولم تنسحب هذه الالتزامات على بقية المكونات السياسية في هذا البلد". وفيما أكد أن الحركة "مع حكومة وحدة وطنية لا تستثني أحداً على الإطلاق"، اعتبر أنه "بنفس القدر لا تستطيع أية حكومة أن تتشكل وأن تنتفخ أحجام البعض على حساب الآخر، ونحن كفريق واحد أبلغنا هذا الموقف الى من بيده صناعة الحكومة"، غامزاً من قناة إعطاء القوات حصة أكبر من حجمها، ليختم بوضوح: "إما أن ندخل معاً وإما أن نخرج معاً، وعنيت ذلك بما يتعلق بمسألة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية".
وكان الوزير السابق في تيار المردة يوسف سعادة قد أشار في حديث تلفزيوني، إلى أن مطلب المردة في ما يخص الحكومة واضح، "ونقلناه الى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. نريد الحصول على وزارة الطاقة، أو الأشغال أو الاتصالات، والعقدة هي أن هناك من يمنع علينا حقيبة وهي حق لنا". أما نائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان، فرمى الطابة في ملعب الحريري، مشيراً الى أن "مشكلة تأليف الحكومة ليست عند القوات اللبنانية (...) فالحزب قبِل أن لا تكون إحدى الوزارات السيادية له، وعرض علينا رئيس الحكومة المكلف وزارات الأشغال والشؤون الاجتماعية والإعلام ووزارة لحليفنا ميشال فرعون وقبِلنا عرضه".